عودة وزير الدفاع الجزائري الأسبق: تسويات عسكرية

21 ديسمبر 2020
يصنف البعض خطوات خالد نزار ضمن إتمام مسار الانقلاب على الحراك الشعبي (فرانس برس)
+ الخط -

عاد وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار إلى الجزائر، بعد عام ونصف العام من الفرار، بسبب ملاحقته من قبل القضاء العسكري، في قضية ما يعرف بـ"اجتماع 30 مارس/آذار 2019"، والذي كان يهدف إلى الإطاحة بقائد أركان الجيش الجزائري حينها أحمد قايد صالح، وإنشاء رئاسة انتقالية تحل محل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بسبب اندلاع مظاهرات الحراك الشعبي، لكن عودته تأتي في سياق مسار لافت لتسويات عسكرية عسكرية جارية في الجزائر.

وذكرت مصادر مسؤولة أن نزار عاد قبل أكثر من أسبوع إلى البلاد، قادماً من إسبانيا حيث كان يقيم لاجئاً هناك، بعد فراره من البلاد في إبريل/نيسان 2019، وصدور أمر دولي بالقبض عليه من قبل القضاء العسكري في الجزائر. وذكرت المصادر نفسها أن نزار قام بتسوية لأمر القبض الصادر بحقه. وفي وقت لاحق، أكد لطفي نزار، نجل الجنرال خالد نزار، هذه المعلومات لصحيفة "ليبرتي" المحلية.

ولم توضح السلطات حتى الآن الكيفية القانونية التي تمكّن عبرها خالد نزار من تسوية وضعيته مع القضاء العسكري، خاصة أنه صدر بحقه حكم غيابي بالسجن لمدة 20 سنة، هو ونجله لطفي، في قضية مشاركته في ما يعرف بـ"اجتماع مارس للتآمر على الدولة وسلطة الجيش"، وما إذا كانت هذه التسوية مرتبطة بقرار المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في الجزائر، الصادر في 28 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، بقبول الطعن في هذا الحكم، وفي مجمل الأحكام الصادرة أيضاً بحق متهمين آخرين، وهم قائدو جهاز المخابرات السابقون، الجنرال محمد مدين المدعو توفيق، وعثمان بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى رئيسة حزب العمال لويزة حنون. وقررت المحكمة العليا إعادة المحاكمة مجدداً مع تغيير هيئة المحكمة، ويتوقع أن تنتهي المحاكمة المقبلة إلى انتفاء القضية أو إلى أحكام مخففة، في ظل تغير المعطيات السياسية في البلاد، خاصة بعد رحيل قائد أركان الجيش قايد صالح الذي كان وراء توقيفهم.

يتوقع أن تنتهي المحاكمة المقبلة إلى انتفاء القضية أو إلى أحكام مخففة، في ظل تغير المعطيات السياسية في البلاد

وتتعلق القضية الملاحق فيها خالد نزار، والشخصيات المذكورة آنفاً، بسلسلة اجتماعات سرية عقدت عشية استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بينها الاجتماع الأبرز في 30 مارس الماضي، والذي كان يهدف إلى التفاهم على إنشاء هيئة رئاسية تتولى تسيير المرحلة الانتقالية، وإقالة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، والذي اعتبر حينها أنها اجتماعات "مشبوهة تستهدف التآمر على سلطة الجيش والدولة".

وتدرج عودة خالد نزار إلى الجزائر، ضمن مسار من التسويات بين القيادة العسكرية الجديدة، والعسكريين السابقين الملاحقين في قضايا ذات بعد سياسي، خاصة ممن كانوا على خصومة سياسية مع قائد الجيش الراحل. وشملت هذه التسويات حتى الآن تبرئة الجنرال حسين بن حديد مؤخراً، واستقباله من قبل قائد الجيش السعيد شنقريحة، ومراجعة ملف الجنرال علي غديري وتكييف تهمه، وهو مرشح سابق للانتخابات الرئاسية (إبريل/نيسان 2019) والذي يقضي سنة ونصف السنة في السجن، من جناية إلى جنحة تمهيداً للإفراج عنه.

ويعتقد مراقبون أن قرار قاضي التحقيق لدى محكمة الجزائر، والذي صدر اليوم بإيداع السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، السجن المدني بالحراش في قضايا فساد تورط فيها، هو تمهيد لإبقاء السعيد بوتفليقة في قبضة القضاء، في حال صدور أحكام مخففة تمكنه من الإفراج، في القضية المحالة على القضاء العسكري، لكون التسويات القائمة بين العسكريين لا تشمله.

ويصنف البعض هذه الخطوات ضمن إتمام مسار الانقلاب على الحراك الشعبي، وإجهاض طموحات الثورة الشعبية، وإعادة ترتيب بيت النظام من جديد، حيث قال المحلل السياسي ناصر حداد إن عودة نزار "تعطي مؤشرات واضحة أن هناك تسوية بين العسكريين النافذين، تتجاوز البعد القضائي، سواء بقصد إصلاح ما يعتقد أنها أخطاء وملاحقات قضائية حدثت في الغالب في عهد قائد أركان الجيش الراحل قايد صالح، أو لرغبة المؤسسة العسكرية ونزع كل مظاهر الصراع بين المجموعات النافذة والمؤثرة في المشهد، وتوفير مناخ سياسي أكثر هدوءاً يساعد الرئيس عبد المجيد تبون على تنفيذ مشروعه السياسي، لإعادة بناء البلاد".

المساهمون