عودة الجدل حول الاغتيالات السياسية في تونس

25 سبتمبر 2020
اتهم "ائتلاف الكرامة" جهات استخباراتية باغتيال بلعيد(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

عاد الحديث مجدداً في تونس حول الاغتيالات السياسية، والأطراف التي تقف وراءها. وعاد السجال حول هذا الملف الغامض وتبادل الاتهامات بين الأحزاب. وطُرح الموضوع مجدداً بعدما ألغت رئيسة كتلة الحزب "الدستوري الحر" عبير موسي لقاء مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، في إطار المشاورات مع بقية الكتل، بسبب لقائه مكونات حزب "ائتلاف الكرامة". وادعت موسي أن لديها ملفاً لكشف ما وصفته بخفايا أخطبوط الإرهاب، إلا أنها اتخذت قرار إلغاء اللقاء بعدما استقبل رئيس الحكومة من وصفتهم بمبيضي الإرهاب.
من جهته، صرح رئيس الكتلة البرلمانية لـ"ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف، أثناء حوار إذاعي، بأن الإرهاب في تونس صناعة استخباراتية، مدعياً أن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند اعترف بأنه أمر بتنفيذ 4 اغتيالات في أفريقيا، مشيراً إلى أنه متأكد من كون 2 منها حصلا في تونس، وأن جهات استخباراتية ساهمت في اغتيال شكري بلعيد.


اعتبر "ائتلاف الكرامة" أن الإرهاب في تونس صناعة استخباراتية
 

وعن ذلك، قال النائب عن "ائتلاف الكرامة"، عبد اللطيف العلوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن إعادة طرح ملف الاغتيالات السياسية في هذه الفترة كان في إطار الحديث عن الإرهاب، وفي إطار المحاججات الحاصلة حول هذا الموضوع. ولفت إلى أن الإرهاب يحتوي على جزء مخابراتي، ويضم 3 مستويات، التخطيط والتمويل والتنفيذ، مشيراً إلى أن التخطيط صهيوني، والتمويل من جهات خليجية تعمل ضد الانتقال الديمقراطي، أما التنفيذ فهو بيد عملاء من الداخل. وبين أن تصريحات رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" مبنية على عمله كمحام، وبحكم اطلاعه على العديد من الملفات التي باشرها في علاقة بقضايا الإرهاب، مؤكداً أن الأيادي المخابراتية متورطة في الاغتيالات السياسية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقال العلوي إن هناك تقاطعات سياسية للاغتيالات السياسية في تونس، وهذا ليس صدفة، فهي تحصل تزامناً مع أحداث سياسية كبرى لتعطيل بعضها وإلغاء أخرى، فاغتيال بلعيد مثلاً تزامن مع تاريخ المصادقة على قانون تحصين الثورة، أما اغتيال محمد البراهمي فقد تزامن مع تجديد عقود 10 شركات بترولية في تونس، بعدما رفضت لجنة الطاقة التجديد وحصلت عدة ضغوط في هذا الملف. وأكد "أننا يمكن أن نفهم أيضاً أن ما كان يحصل يدفع لفهم أن أيادي مخابراتية تعبث في تونس، وأن هناك أجندات إقليمية، واستغلالا للأطراف الحاملة للفكر التكفيري لتوجيهها والتلاعب بها، لأنها تمثل أرضية خصبة للاستثمار فيها، وتنفيذ هذه المخططات. وهذا لا يعفي هذه العناصر، بل هي تتحمل مسؤوليتها لأنه لا يبرر ما تقوم به، لكن العقول المدبرة مخابراتية".
وحول الاتهامات الموجهة لحزبهم من قبل رئيسة الحزب "الدستوري الحر"، رد العلوي بأن ذلك يندرج في إطار "جنون البقر السياسي"، وما يُمارس لا علاقة له بالسياسة. واعتبر أن "درجة الحقد بلغت حداً لا يطاق، حتى أنه لا يمكن الرد على الكثير منها"، مضيفاً أن الصورة عندما تنعكس يصبح المدان هو الذي يتهم الغير، ويتحول تخريب المسار الديمقراطي إلى اتهامات بتبييض الإرهاب، لا سيما أنه لا يمكن لهذا الحزب، أي "الدستوري الحر"، أن يخوض في مواضيع تهم الشعب التونسي.

الحديث عن الاغتيالات السياسية، وتورط طرف سياسي فيها، وإثارة مواضيع تتعلق بالإرهاب محاولات للبروز

من جهته، أكد المحلل السياسي قاسم الغربي، لـ"العربي الجديد"، أن تصريحات رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف خطيرة جداً، وهو يستند، بحسب قوله، إلى تصريحات هولاند، لكن في الحقيقة لا يوجد أثر لهذه التصريحات، وهذا لا يعني نفي إمكانية تدخل قوى أجنبية وإقليمية في الاغتيالات السياسية. وبيّن أن الحديث عن هذا الملف بالذات لا يتم بهذا الشكل، لأن هناك تحقيقات وأبحاثاً، والقضاء هو الجهة الوحيدة التي تثبت مدى صحتها، فمثل هذه المواضيع حساسة، فداخلياً هي تمس أمن البلاد الداخلي، وخارجياً هي تمس العلاقات مع بقية الدول، وبالتالي فأي تصريح غير مُثبت بأدلة يتحمل صاحبه المسؤولية الأخلاقية والسياسية لما قد يحصل جراء مثل هذه التصريحات.
ورأى أن الخط السياسي لـ"الدستوري الحر" يعتمد على إثارة إشكاليات للفت انتباه الرأي العام، فالحديث عن الاغتيالات السياسية، وتورط طرف سياسي فيها، وإثارة مواضيع تتعلق بالإرهاب محاولات للبروز. ولفت إلى أن "الجبهة الشعبية"، أبرز حزب معني بهذا الملف، نظراً لكون بلعيد والبراهمي هما من مناضليها، لم تعد تتحدث عن الاغتيالات السياسية بالقدر الذي يتحدث عنه "الدستوري الحر"، معتبراً أن هذا خيار سياسي لهذا الحزب، ربما للفت انتباه الرأي العام حول الحزب وخطه السياسي، الذي يقوم خصوصاً على مهاجمة الخصوم ومعارضة حركة "النهضة" أساساً. وأوضح أنه في المقابل فإن "ائتلاف الكرامة" هو الوجه الآخر لـ"الدستوري الحر" من خلال نفس الذهنية القائمة على إقصاء الآخر وإثارة الصراعات، مشيراً إلى أن هذا ما يفسر تصريحات الحزبين الحادة تجاه بعضهما البعض.