عملية كريات أربع تكشف زيف ادعاءات الاحتلال بحصر عدوان "كاسر الأمواج" على جنين

30 أكتوبر 2022
الاحتلال يدفع قواته لتأمين مستوطنة كريات أربع (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي يحاول فيه الإعلام الإسرائيلي، الإيحاء بأن الوضع الصحي لمنفذ العملية الفدائية الشهيد محمد كامل الجعبري، أمس السبت، في مستوطنة كريات أربع، المقامة على أراضي الخليل، هو الدافع وراء تنفيذ العملية، فإن الخطوات التي أعلنها كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، يئير لبيد، ووزير الأمن، بني غانتس، بالدفع بقوات كبيرة لتأمين مستوطنة كريات أربع، والمستوطنات المجاورة لها، تؤكد أن عدوان "كاسر الأمواج"، بخلاف ما يزعم الاحتلال بأنه عمليات عسكرية محدودة لمنطقة جنين، إذ يطاول كافة الضفة الغربية المحتلة، خصوصاً مع انتقال نقاط التماس والمواجهة، أخيراً، على نحو خاص إلى مدينة نابلس وضد مجموعة "عرين الأسود". 

ووفق ما ذكر المعلق الإسرائيلي، أهود حامو، اليوم الأحد، أن الجيش الإسرائيلي يخشى من انتشار العمليات الفلسطينية، خصوصاً عمليات إطلاق النار على مركبات للمستوطنين وجنود الاحتلال في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وعدم قدرته بعد الآن على حصر "بؤر" عدم الاستقرار وفقدان السيطرة للسلطة الفلسطينية في منطقة جنين، وهو ما أكدته تطور العمليات لمجموعة عرين الأسود في نابلس.

 واستحوذت مجموعة كتيبة جنين في محافظة جينين، على اهتمام وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، قبل أن تنتقل نقطة الجذب الرئيسية إلى مدينة نابلس، مع امتداد المواجهات والحصار، الذي يدخل يومه 19 بعد عملية الشهيد عدي التميمي، التي أسفرت عم مقتل جندي إسرائيلي.

واليوم يبدو الاحتلال أكثر قلقاً من انتقال نمط عمليات إطلاق النار على المركبات والسيارات الإسرائيلية، وتطورها لعمليات إطلاق نار داخل المستوطنات نفسها، كما تشي به عملية الجعبري، أمس، في كريات أربع، وهو ما يفسر مسارعه إلى إغلاق مداخل مدينة الخليل، مع تخوف من انتقال نقطة الجذب في حالة المقاومة والعمليات ضد الاحتلال إلى محافظة الخليل، مع ما يعنيه ذلك من تصعيد خطير، من وجهة نظر الاحتلال، بفعل الكثافة السكانية لمدينة الخليل، وإحاطتها بعدد من المستوطنات الأكثر تطرفاً في الضفة الغربية المحتلة، وفق استراتيجية استيطانية  إسرائيلية تحاول أساساً الالتفاف على اتفاق الخليل، الذي كان أقره، للمفارقة، رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو بعد انتصاره على شمعون بيرس في انتخابات العام 1996.

عندها اضطر نتنياهو تماشياً مع الالتزام المعلن باتفاق أوسلو(اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993) إلى سحب قوات الاحتلال مدينة الخليل، وتسليمها للسلطة الفلسطينية بما عرف يومها بتوافقيات أوسلو 2، وإن كان نتنياهو حرض على عدم تسميتها بهذا الاسم، بفعل معارضته الأصلية للاتفاقيات المذكورة، عندما كان في المعارضة.

وتشكل محافظة الخليل أهمية استراتيجية كبيرة، للاحتلال لكونها تلامس أيضاً النقب وباديته، مع تداخل في العلاقات بين العشائر هناك، ناهيك عن قرب المحافظة من التجمعات الاستيطانية المعروفة أيضا باسم غوش عتصيون.
 
كما يخشى الاحتلال الإسرائيلي بفعل مميزات محافظة الخليل، وكل ما يتصل بموازين القوى الفلسطينية الداخلية في المدينة، ووجود تأثير بارز ونفوذ قوي لحركة حماس في المدينة والقرى المجاورة، ان تكون عملية الليلة في كريات أربع فاتحة لفقدانه السيطرة على "زمام" المبادرة في شن عمليات اقتحام لتنفيذ اعتقالات لمطاردين فلسطينيين يسعى الاحتلال لاعتقالهم.

وتشكل النيران التي أطلقها منفذ عملية كريات أربع، أمس، عملياً إنذاراً للاحتلال وقواته بعدم قدرته على "حصر عملياته" في محافظة جنين، أو في عمليات مداهمة لمدينة نابلس، بل ستضطره إلى الاعتراف بفشل عملية "كاسر الأمواج" التي أطلقها في مارس/آذار الماضي، تحت زعم الاستعداد والتحسب من اندلاع الأوضاع مع اقتراب شهر رمضان الذي تزامن هذا العام مع الأعياد اليهودية، ولا سيما عيد الفصح.

تأثيرات محتملة على الانتخابات العامة

ولا يزال مبكراً معرفة تداعيات عملية، أمس، على نتائج الانتخابات العامة، التي ستجري بعد غد الثلاثاء، إلا أن تحليلات سابقة، في وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، كانت قد أشارت إلى احتمال اندلاع عمليات فدائية، سواء داخل الضفة الغربية المحتلة، أم في المدن الداخل المحتل من شأنها أن تؤثر في نتائج الانتخابات لجهة رفع نسبة التصويت عند الشرائح الاجتماعية اليمينة في إسرائيل، والتي تؤيد تبني سياسات أشد فتكاً ضد الفلسطينيين.
 
ومن شأن أحزاب المعارضة الإسرائيلية، لا سيما رئيس الحكومة الأسبق، بنيامين نتنياهو، وزعيم التيار الكهاني الفاشي إيتمار بن غفير، وحليفه في تحالف الصهيونية الدينية، بتسليئيل سموطريتش، استغلال العملية، وحقيقة مقتل أحد المستوطنين، لحملتهم الانتخابية من خلال التشكيك بقدرات وزير الأمن، بني غانتس، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، يئير لبيد في اعتماد سياسة أمنية عدوانية ضد الفلسطينيين.

وسبق لنتنياهو، عندما خاض انتخابات رئاسة الحكومة المباشرة عام، 1996 ضد شمعون بيرس، بعد مقتل إسحاق رابين، أن استغل سلسلة التفجيرات والعمليات التي نفذتها حركة "حماس"، في تلك الفترة، في المعركة الانتخابية. 

وتمكن نتنياهو من خلال استغلال العمليات المذكورة من استمالة غالبية الإسرائيليين والفوز في الانتخابات وهزم شمعون بيرس بفارق بسيط جداً، لا يتعدى 27 ألف صوتاً.