عصيان مدني غير مسبوق في القدس ضد إجراءات الاحتلال

19 فبراير 2023
مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدات وأحياء مقدسية عدة (Getty)
+ الخط -

أعاد شبان مقدسيون غاضبون، ظهر اليوم الأحد، إغلاق مداخل وشوارع في أحيائهم وبلداتهم المقدسية والتي كانت جنود الاحتلال اقتحمتها بالجرافات والآليات الضخمة، وسط مواجهات عنيفة تركزت في مخيم شعفاط وبلدتي العيسوية والرام، حيث تتواصل هناك من حين لآخر المواجهات منذ الإعلان فجراً عن العصيان ضد إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة، والتنكيل بالأهالي.

وبدا المشهد ظهر اليوم كأنه ساحة حرب، إذ اقتحمت قوات الاحتلال بلدة صور باهر إلى الجنوب من مدينة القدس المحتلة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع، وسط مواجهات مع شبان البلدة الذين ألقوا عليها الحجارة.

واستخدمت قوات الاحتلال مركبات المياه العادمة والجرافات الضخمة في اقتحامها بلدة العيسوية، حيث أمطرت تلك المركبات المواطنين ومنازلهم بالمياه الكريهة، ما تسبب بأضرار في الممتلكات، في الوقت الذي واصل شبان البلدة احتجاجاتهم.

كما اندلعت، ظهر اليوم، مواجهات عند المدخل الشمالي لبلدة الرام شمالي القدس المحتلة، وسط إطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي، ما تسبب بحالات اختناق بالغاز السام المسيل للدموع.

في حين، أجلت قوات الاحتلال هدم منشآت ومحال تجارية في حي الصلعة من أحياء بلدة جبل المكبر، بعد محاصرتها لتنسحب في وقت لاحق.

وكانت بلدة جبل المكبر قد شهدت هذا الصباح اقتحاماً واسعاً من قبل الاحتلال لفتح مداخل البلدة التي أغلقها الشبان بالمتاريس الحجرية.

وشهدت بلدة العيزرية إلى الجنوب الشرقي من مدينة القدس مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، بعد اقتحام تلك القوات البلدة، وإطلاقها الغاز المسيل للدموع على المواطنين.

ويقول متابعون هنا في القدس المحتلة، ومن بينهم الكاتب والمحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات، إن "العصيان المدني الذي شهدته بعض أحياء وبلدات القدس اليوم يمثل بداية لعصيان وطني شامل يعم الأراضي الفلسطينية خاصة أن العدوان الإسرائيلي لا يطال القدس وحدها، بل عموم الأرض الفلسطينية".

 وفي حديث خاص لـ"العربي الجديد"، قال عبيدات إن "المقدسيين الذين أثبتوا صموداً وثباتاً لافتين في مواجهة إجراءات الاحتلال القمعية بحاجة إلى من يساندهم ويدعمهم، وأن لا يبقوا وحيدين في مواجهة حكومة التطرف الحالية في الكيان المحتل".

وأضاف عبيدات: "على السلطة الفلسطينية أن تقوم بدور فعال وحقيقي تجاه دعم المقدسيين وليس بالشعارات فقط، بل بما يمكنهم من مواجهة سياسة النهب والسرقة وأعمال القتل التي يمارسها الاحتلال".

وفي ميدان المواجهة مع الاحتلال، قال نشطاء من الأحياء الفلسطينية التي شاركت اليوم في العصيان المدني إن مواجهتهم مع الاحتلال مفتوحة، وأنها لن تتوقف، داعين إلى انضمام أحياء وبلدات أخرى لحراكهم الوطني ولانتفاضتهم المتصاعدة.

وأحد النشطاء من بلدة العيسوية، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد": "نحن في حرب يشنها الاحتلال علينا دون توقف، ويستخدم فيها كل أسلحته من هدم للمنازل واعتقالات ونهب لمصادر رزقنا واستخدام للمياه العادمة والغاز المسيل للدموع، وليس أمامنا من حل سوى مواجهته والانتفاض في وجهه".

ناشط آخر من جبل المكبر، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، "كلما فتحوا طريقاً أو مدخلاً أغلقناه سنعيد من جديد إغلاقه طالما هم مستمرون في هدم منازلنا وتنغيص حياتنا، ولن ترهبنا الاعتقالات".

وبدأ المقدسيون، فجر اليوم الأحد، عصياناً مدنياً غير مسبوق، شمل العديد من الأحياء والبلدات المقدسية، ضد إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة، والتنكيل بالأهالي، وتخلل بدء العصيان إغلاق طرق رئيسية.

وكانت تلك البلدات قد شهدت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال تخللها استخدام الاحتلال آليات ضخمة لإعادة فتح مداخل الأحياء التي أغلقها الشبان بالمتاريس المشتعلة وحاويات النفايات، في وقت تعطلت فيه الدراسة في هذه الأحياء، وامتنع العمال عن الذهاب إلى أماكن عملهم.

وفي الساعات الأولى لإعلان العصيان اندلعت مواجهات عنيفة، عند الحاجز العسكري المقام عند مدخل مخيم شعفاط بين شبان المخيم وقوات الاحتلال التي تحاول عبثاً فتح مداخل المخيم الذي أغلقه الشبان بالمتاريس الضخمة وحاويات النفايات.

وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص المطاطي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع بكثافة صوب الشبان، وسُجلت ثلاث إصابات على الأقل حتى اللحظة.

وأعاد شبان إغلاق مداخل بلدة العيسوية وسط القدس، تزامناً مع اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، والتي فتحتها قوات الاحتلال، مستعينة بجرافات ضخمة وسيارة المياه العادمة لتفريق الشبان الذين رشقوها بالحجارة وألقوا نحوها الزجاجات الحارقة.

كذلك اندلعت مواجهات في بلدات جبل المكبر وعناتا والرام عند بدء العصيان وإغلاق مداخل تلك البلدات، واستخدم جنود الاحتلال الغاز والرصاص المطاطي، كما حدث عند مدخل بلدة الرام الشمالي.

ويؤكد ناشطون في هذه الأحياء والبلدات المقدسية أنهم عازمون على مواصلة هذا العصيان حتى تتوقف سلطات الاحتلال عن ممارساتها القمعية بحق أحيائهم وبلداتهم، وخاصة في مخيم شعفاط الذي يتعرض سكانه لحملات قمع وتنكيل يومية، بينما تشنّ قوات الاحتلال حملات اعتقال ودهم على مدار الساعة تتخللها سرقة أموال الأسرى وذويهم، والحجز على حساباتهم البنكية.

وبدت مشاهد الأحياء التي أغلقها الشبان أشبه بساحات مواجهة بفعل الإطارات المشتعلة، والكميات الضخمة من المتاريس المشتعلة.

وكانت المساجد قد صدحت الليلة الماضية، في كل من مخيم شعفاط، والرام، وكفر عقب، وجبل المكبر، والعيسوية، وشعفاط، وفي جميع أحياء وبلدات القدس المحتلة، معلنة الإضراب العام والعصيان المدني الشامل اليوم الأحد، رداً على إجراءات الاحتلال العنصرية، وممارسات التنكيل والقمع اليومية بحق أهالي مخيم شعفاط وسائر أنحاء المدينة المقدسة.

يأتي ذلك استجابة للنداء الذي أطلقته القوى والفعاليات الوطنية في القدس المحتلة لإعلان العصيان الشامل في معظم أحياء القدس، تنديداً بممارسات الاحتلال.

ويشمل العصيان المدني دعوة العمال الفلسطينيين إلى عدم التوجه إلى أماكن عملهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ومقاطعة الاحتلال، وعدم التعامل معه بشتى الطرق (المعاملات الرسمية، دفع الفواتير والرسوم والضرائب، بلدية الاحتلال)، بالإضافة إلى إغلاق الطريق المؤدي إلى حاجز مخيم شعفاط، وعدم السماح لأي شخص بالمرور من خلاله، وإغلاق مدخل بلدة عناتا.

المساهمون