استمع إلى الملخص
- "عدالة" ينتقد استخدام الشرطة لتهمة "تصرف يمكن أن يخل بالنظام العام" لقمع المعارضين، ويطالب بتدخل فوري لحماية الحقوق الدستورية وإنهاء الممارسات القمعية.
- تزايد الانتهاكات الشرطية ضد الفلسطينيين، مثل تعصيب الأعين وتكبيل اليدين، يعكس بيئة عامة من العنصرية وغياب الرقابة، مع مطالبات بإنهاء الاستخدام التعسفي للقانون.
تواجه تحركات الداخل الفلسطيني للتضامن مع غزة في وجه حرب الإبادة حملة قمع إسرائيلية تتخللها اعتقالات على خلفية التظاهر وأخرى استباقية، وذلك في امتداد للقبضة الأمنية التي تفرضها السلطات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشهدت تظاهرات نظمها فلسطينيو الداخل أخيراً للمطالبة بوقف الحرب على غزة حملات اعتقال للمشاركين، عدا الاعتداء والعنف وفض التظاهرات بالقوة.
وطالب مركز "عدالة" الحقوقي، الأحد، في رسالة وجهتها المحامية ناريمان شحادة زعبي إلى كل من المستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، والمستشار القضائي للشرطة، والمفوض العام للشرطة والنيابة العامة الإسرائيلية، بالتدخل الفوري من أجل وضع حد "للممارسات الشرطية التعسفية وغير القانونية المستخدمة ضد الفلسطينيين المعتقلين على خلفية ممارسة حقهم بالتعبير، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي".
وجاء في الرسالة أن "قوات الشرطة تنتهج أولاً إساءة استخدام تهمة (تصرف يمكن أن له يخل بالنظام العامّ) وفقاً للبند 216 في قانون العقوبات، وتستخدمها وسيلةً لقمع عشوائي للمواطنين الفلسطينيين الذين يعبرون عن آرائهم في الإطار القانوني والشرعي".
واعتبر المركز الحقوقي أن استخدام البند المذكور يستبدل "بشكل ملتوٍ وغير شرعي أمر النيابة العامة الذي يلزم الشرطة باستصدار موافقة النائب العام للدولة من أجل فتح تحقيق في مخالفات تتعلق بحرية التعبير"، موضحاً أن "آلية الرقابة المذكورة أتت من أجل تقليص عمل المسار الجنائي للحد الأدنى، وذلك من أجل منع المس بحق حرية التعبير الدستوري، لكن الشرطة تلتف حول ذلك الأمر، وبالتالي اعتقالات كهذه هي غير قانونية في جوهرها، بل تمس بالحقوق الدستورية للمواطنين، كما تخلق مساحة قمع واسعة المدى في مخالفة صارخة للقانون".
وسلطت المحامية زعبي الضوء أيضًا على الممارسات التي تنتهجها الشرطة أثناء الاعتقال، كتعصيب الأعين، وتكبيل اليدين بأصفاد بلاستيكية، وتصوير المعتقل ونشر صوره على الملأ. وقالت: "إن هذه الممارسات تجاوز صارخ للحق في الكرامة والخصوصية، وتهدف إلى إخافة وإهانة المعتقلين. كما تُنفَّذ بتجاوز تام لصلاحيات الشرطة وفق القانون".
وطالبت المحامية في نهاية الرسالة الأطراف المعنية بأن "تمنع الشرطة من مواصلة استخدامها التعسفي للقانون أداةً للملاحقة السياسية وتقييد حريات المواطنين في تعبيرهم عن آرائهم، وخاصة على مواقع التواصل".
وشهد الداخل الفلسطيني منذ بدء الحرب على غزة العديد من حالات الاعتقال على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تتضامن مع القطاع المحاصر، كان آخرها اعتقال الفلسطينية رشا كريم وتعصيب عينيها وتكبيل يديها بالأصفاد البلاستيكية، على خلفية كتابتها منشوراً تتضامن فيه مع رفح.
#شاهد لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية الفلسطينية رشا كريم من قرية مجد الكروم بالجليل بدعوى كتابة محتوى تضامني مع أطفال غزة على منصة الإنستغرام. pic.twitter.com/mQmn4KDMJv
— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) May 30, 2024
وفي 21 إبريل/نيسان الماضي، وجه مركز "عدالة" رسالة مماثلة، تحدثت فيها المحامية هديل أبو صالح عن الانتهاكات الشرطية نفسها للقانون ولحقوق المواطنين في مواقف عدة، حيث عددت حالات مختلفة كان فيها استعمال البند القانوني (تصرف يمكن أن له يخل بالنظام العام) في غير مكانه، كاعتقال معلم من بيته لعزفه أغنية معينة في الصف الطلابي، واعتقال ناشطة من سيارتها بزعم أنها في طريقها إلى تظاهرة، واعتقال صحافي لمنشور كان قد نشره على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت المحامية إنه "في الحالات المذكورة، لم تتحقق شروط البند الذي يخول للشرطة صلاحية الاعتقال، فمساحات المواطنين الشخصية لا تصنف "حيزاً عاماً" يمكن له أن يخل بالنظام، ما يدل على مدى تعسفية استعمال هذا البند بالتحديد بشكل فضفاض وواسع من أجل تنفيذ اعتقالات لا أساس لها".
وقال مركز عدالة في تعقيبه على حملة القمع الأخيرة إن تجاوزات الشرطة في تعاملها مع المواطن الفلسطيني تشهد تصاعداً خطيراً خلال الأشهر الأخيرة. وأضاف: "مرة تلو الأخرى، تسمح الشرطة لنفسها، من دواعٍ عنصرية، وغير قانونية، بأن تلتف على القانون في الاعتقالات وتحاول بكل الطرق قمع وإذلال وإهانة المعتقلين من أجل إخافتهم وإخافة الآخرين عن طريقهم، ضمن جو عام يتسم بالعنصرية ويشجع على هذه الممارسات، دون رقيب أو حسيب".