عائلة نزار بنات ترفض وصف وفاته بأنها نتيجة "فشل في القلب": الأجهزة الأمنية تحاول "شراء الوقت"
اعتبرت عائلة المرشح في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المؤجلة المعارض والناشط الراحل نزار بنات، اليوم الخميس، أنّ ما ورد على لسان شاهد من فريق الدفاع عن رجال الأمن المتهمين بمقتله، من أنه توفي نتيجة "فشل حاد في القلب" وليس بسبب الإصابات التي تعرّض لها أثناء اعتقاله، هو محاولة من السلطة الفلسطينية وجهاز الأمن الوقائي لشراء الوقت.
وقال غسان بنات، شقيق نزار، لـ"العربي الجديد": "هذا فشل من السلطة الفلسطينية في الدفاع عن نفسها، كانت أدواتها على مدار أربعة أشهر خلال المحاكمة، إما شهود زور أو ما له علاقة بالكاميرات، أو طبيب خارج الإطار القانوني والشرعي".
وأضاف بنات "ما يجري اليوم مرفوض، وكعائلة لنا موقف من هذه المحكمة المجزأة، نقرأ ما حصل كمحاولة للسلطة، وتحديداً جهاز الأمن الوقائي، لشراء الوقت فقط لا غير، والدليل أن الادعاء قدم عشرات الشهود والوثائق والفيديوهات خلال شهرين، لكنهم منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي على مدار أربعة أشهر لم يقدموا سوى ثلاثة شهود ليس لهم علاقة، هذا تسويف ومماطلة على اعتبار أنه من الممكن أن نرضخ أو نتعب أو نملّ، ولكن هذا لن يكون".
وعقدت المحكمة العسكرية الخاصة/الجنوب، صباح اليوم في رام الله، جلسة محاكمة للمتهمين الـ14 من جهاز الأمن الوقائي استمرت لساعات، استمعت خلالها لشهادة الخبير الدكتور صابر العالول، رئيس قسم العلوم الجنائية في جامعة الاستقلال للعلوم الأمنية، حول تقرير خبرة قدمه للمحكمة بتكليف منها بناء على طلب الدفاع.
وقال العالول في شهادته، "إنّ خلاصة تقريره أفادت بأن الصفة التشريحية أظهرت أن بنات يعاني من مرض مزمن في القلب، وهو عبارة عن تضخم عضلة القلب، وتضيق في الشريان الإكليلي القلبي المنعكس بنسبة 60 إلى 70%، وخلص إلى أنّ بنات كان يعاني أصلاً من علة مرضية قلبية مزمنة، مما عرّضه لنوبة قلبية ضمن اعتلال القلب، وأن الإصابات بمكانها وطبيعتها ومجموعها ليست سبباً لوفاته، وإنما الفشل الحاد في القلب هو الذي يعتبر سبباً مباشراً للوفاة".
وعند سؤال رئيس المحكمة للعالول إن كان الانتقال بالقوة وإلقاء القبض على بنات سبب للوفاة أو ساعد فيه، أجاب: "لو كان المرحوم في فندق 5 نجوم ويشرب القهوة، من الممكن أن تحدث له وفاة مفاجئة نتيجة الأمراض المزمنة المشاهدة من قبل الطبيب الشرعي والتي تعتبر بينة طبية".
وحول مجريات الجلسة، قال محامي عائلة بنات، غاندي الربعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ النيابة "سألت الطبيب إن كان أوقف عن عمله، فأجاب أنه أوقف عن العمل عام 2016، لأسباب عائلية، كما أجاب بأنه عرض على محكمة الفساد أكثر من مرة"، وعلق الربعي "المحكمة من حقها أن توزن الشهادة وصاحبها".
وفي نسخة عن محضر الجلسة، وفي معرض مناقشة النيابة العسكرية للشاهد الذي كان يشغل منصب مدير معهد الطب الشرعي منذ عام 2005 وحتى عام 2016، قال: "إنه قد تم توقيفه عن العمل أثناء عمله مديراً لمعهد الطب العدلي الفلسطيني، بسبب مشكلة عائلية، وليس لمشكلة تخص العمل".
ويذكر أنّ زوجة العالول كانت اتهمته بمحاولة قتلها أمام عيادتها التخصصية في طب الأسنان في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، حيث فاجأها بجرّها وتطويق رقبتها ثم بدأ يرش على وجهها غاز الفلفل، حسب روايتها التي نقلتها جمعية تنمية وإعلام المرأة "تام"، ونشرها "العربي الجديد" في يوليو/تموز 2016.
وقال العالول في إجابته على أسئلة النيابة كذلك حول إحالته للجان تحقيق ومحكمة جرائم الفساد "إنه قد تم تشكيل لجنة تحقيق له أثناء عمله بخصوص أمور بالعمل ولم يثبت عليه أي شيء، وأنه أحيل إلى محكمة الفساد أكثر من مرة ولكن لم تتم إدانته، قائلاً: "من الطبيعي أن أي طبيب شرعي لكونه لا يتمتع بالحصانة أن يتعرض لأي شكوى من أي طرف من أطراف الدعوى ولأي تهمة، ولكن ثقتنا بالقضاء الفلسطيني العادل أن نصل إلى البراءة".
ولم يتسن لـ"العربي الجديد" التأكد من إغلاق تلك الملفات أمام محكمة جرائم الفساد أم أنها لا تزال مفتوحة.
واعتبر المحامي غاندي الربعي شهادة خبير الطب الشرعي إنشائية مكتبية لا تقوم على الفحص والتشخيص والمعاينة، ولا ترقى إلى مستوى الدليل الجنائي، مؤكداً أنه لا يتم نفي أي تقرير لطبيب شرعي رسمي معد من أطباء بينهم طبيب من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وطبيب العائلة. وبرأي طبيب "أجرى عملية بحثه من وراء المكتب" فمن المقدر أن لا تأخذ المحكمة التقرير في مقابل تقرير رسمي صادر عن ستة أطباء شخصوا وفحصوا وأخذوا نتائج الأدلة الجنائية.
وأضاف الربعي: "لا نصدق أن نزار بنات توفي بنوبة قلبية، ونكذّب تقرير الطب الشرعي، هذا لا يستقيم مع الوقائع التي قدمت من النيابة العسكرية".
واعتبر الربعي أنّ التشكيك في تقرير طب شرعي رسمي "أمر خطير، لأن الطب الشرعي الرسمي يقوم بتشريح جثامين الشهداء الفلسطينيين"، وإذا ما تم اعتماد هذا التشكيك، فلن نستطيع إثبات أي جريمة قام بها الاحتلال، ولا نستطيع أن نثبت أي جريمة تعرّض لها أي مواطن فلسطيني، وستكون سابقة ليست فلسطينية فقط وإنما في العالم".
وكان تقرير الطب الشرعي الرسمي الذي أبرزته النيابة العسكرية في المحكمة بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين ثاني العام الماضي، أكد أن بنات "تعرّض لعنف خارجي متعدد متزامن لفترة قصيرة، أي لدقائق، من دون تحديد عدد تلك الدقائق، نتج عنها فشل قلبي حاد، نتيجة الصدمة الإصابية، ما أدى إلى وفاته".
كما أكدت شهادة الطبيب الشرعي في نفس الجلسة أن "الإصابات مجتمعة كانت قاتلة ومسببة للوفاة، ولم تكن هناك إصابة واحدة قاتلة بحد ذاتها، كما ساهمت حالة بنات الصحية في تسريع وفاته"، وورد في الشهادة أن الإصابات غطت 21 بالمائة من جسد بنات، منها 2 بالمائة فقط نتيجة للتدخل الطبي.
وكان بنات قد فارق الحياة بعد اعتقاله من قبل قوة من الأمن الوقائي الفلسطيني في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية في 24 يونيو/حزيران الماضي.