كشفت مصادر مصرية خاصة مطلعة على الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن اتصالات خاصة بين مصر وإسرائيل، وكواليس متعلقة بصفقة الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بقيادة يئير لبيد.
منحى أكثر جدية لاتصالات صفقة الأسرى
وبحسب المصادر، فإن "اتصالات صفقة الأسرى أخذت خلال الأيام الأخيرة منحى يمكن وصفه بالجاد، بعد فترة ركود طويلة"، مضيفة أن "اتصالات مكثفة جرت بين المسؤولين في مجلس الأمن الإسرائيلي، ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية، بشأن التوصل إلى اتفاق قبل انتخابات الكنيست الإسرائيلي الجديدة المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
يبحث لبيد عن صيغة لإحياء الصفقة لا تتسبب بأزمة داخلية
وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إنه "خلال الأسبوع الأخير، جرت اتصالات مكثفة على المستويين المصري الإسرائيلي من جهة، ومصر وحركة حماس من جهة أخرى". ولفتت المصادر إلى أنه "منذ كشفت حماس عن تردي الحالة الصحية للأسير الإسرائيلي هشام السيّد، طلبت حكومة الاحتلال من القاهرة التوسط لدى الحركة، من أجل البحث عن صيغة لإحياء الصفقة بالشكل الذي لا يتسبب في أزمة سياسية داخلية في إسرائيل، التي تعاني سياسياً بعد حلّ الكنيست".
توقيت الكشف عن مجزرة الجنود المصريين
وفي خضم الاتصالات المكثفة التي تقودها القاهرة من أجل التوصل إلى اتفاق سريع بشأن صفقة لتبادل الأسرى، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام، عن مجزرة نفذتها قوات الاحتلال بحق عدد من الجنود الأسرى المصريين خلال حرب يونيو/حزيران 1967، بعد حرقهم أحياءً، ودفنهم في مقبرة جماعية دون ترقيم أو تحديد هويات، بالمخالفة للقوانين والأعراف الدولية.
ورجحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن تكون "إثارة تلك الواقعة التي تستهدف الموقف المصري بالأساس في هذا التوقيت، هدفها إفشال اتصالات صفقة الأسرى التي يقودها لبيد، مع مصر، وحماس بشكل غير مباشر"، مفسرة ذلك بأن يئير لبيد "يسعى إلى توظيف موقعه الحالي في رئاسة الحكومة لكسب مزيد من الأصوات الانتخابية، عبر السلطة المخولة له حالياً".
وأوضحت المصادر أن لبيد "يسعى إلى التوصل لصيغة للمعضلات المعقدة التي فشل فيها سابقوه، ليظهر في صورة البطل الشعبي قبل الانتخابات المقبلة (مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، ويترجم ذلك إلى أصوات في صناديق الاقتراع في انتخابات الكنيست تمكنه من قيادة حكومة دائمة وليست مؤقتة".
وقالت المصادر إنه "ربما يكون ذلك هو ما دفع لبيد أخيراً، إلى الضغط على الأجهزة المعنية في إسرائيل للتوصل إلى صيغة مناسبة بمساعدة القاهرة"، مؤكدة في الوقت ذاته أن "ما ظهر خلال الأيام الماضية يشير إلى جدية إسرائيلية غير معهودة منذ عام 2018 في هذا الملف".
قد يكون الكشف عن واقعة الأسرى المصريين، جاء من جانب أطراف انتخابية منافسة للبيد
وتابعت المصادر أنه "ربما أيضاً يكون الكشف عن واقعة الأسرى المصريين في هذا التوقيت، جاء من جانب أطراف انتخابية منافسة للبيد"، غير مستبعدة في الوقت ذاته أن يكون لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو "دور في تلك الخطوة، باعتباره أحد المنافسين في الانتخابات المقبلة، وكونه مستعداً لعمل أي شيء للفوز بها وقيادة الحكومة الجديدة لإنقاذ نفسه بسبب التحقيقات الجارية المتعلقة بوقائع الفساد" التي تلاحقه.
وأصدرت الخارجية المصرية، أول من أمس الأحد، بياناً صحافياً، وصفه مراقبون بأنه "باهت"، أعلنت خلاله تكليف سفارة مصر لدى تل أبيب بالتواصل مع سلطات الاحتلال، لتقصي حقيقة ما يتم تداوله إعلامياً، مطالبة إياها بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية هذه المعلومات وإفادة مصر بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة. وجاء ذلك بعدما تسببت تلك التفاصيل في أزمة للنظام المصري، وتعرضه لهجوم ضار من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً وأنها تأتي في وقت تتوسع فيه العلاقات المصرية - الإسرائيلية على جميع المستويات.
في مقابل ذلك، قالت مؤسسة الرئاسة المصرية، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً أول من أمس، من لبيد، جرى خلاله اتفاق بشأن فتح تحقيق كامل بشأن الواقعة. وكشف الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان، يوم الجمعة الماضية، النقاب عن مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جندياً مصرياً في حرب عام 1967. وقال إن الجنود المصريين "أُحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية دون علامات قرب القدس".
ونشر الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" تفاصيل مشابهة لما ذكره ميلمان، وقال إن القوات الإسرائيلية قامت بدفن جثامين عشرات العناصر من قوة كوماندوز مصرية كانت قد دخلت كقوة مساندة للقوات الأردنية في الحرب، مضيفاً أن موقع الدفن بات اليوم ساحة لركن السيارات في متنزه داخل مستوطنة بمنطقة اللطرون.
وقالت المصادر المصرية، إن المسؤولين المصريين "لن يكونوا مهتمين بوقف المفاوضات الجارية بشأن صفقة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، خصوصاً وأنهم معنيون في المقام الأول بتحقيق إنجاز في هذا الملف، لكسب مزيد من المساحات لدى الإدارة الأميركية، خصوصاً قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، والقمة العربية الأميركية، بالإضافة إلى قمة المناخ المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (في شرم الشيخ)، والاستثمار في لبيد بحال أصبح رئيساً للحكومة الإسرائيلية في أعقاب الانتخابات المقبلة".
وفي السياق، أشارت المصادر إلى أن هناك "تقديرات مصرية متفائلة بلبيد"، مؤكدة في الوقت ذاته أن القاهرة "لم تكن أكثر ارتياحاً في التعامل مع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو".