صراع القبائل العربية و"قسد" شرقيّ سورية: تفاوض دون أجندة واضحة

16 نوفمبر 2023
مقاتلون من أبناء العشائر العربية في دير الزور (رامي السيد/Getty)
+ الخط -

عادت الخلافات بين العشائر العربية في شرق سورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) إلى الواجهة، بعد منع (قسد) مصعب الهفل، شقيق إبراهيم الهفل، شيخ عشيرة العكيدات الذي يقود حراك العشائر المعارض لسلطة قسد، من الدخول إلى سورية عبر أربيل للانضمام إلى المفاوضات.

وتصدى الشيخ إبراهيم الهفل، بوصفه شيخاً لقبيلة العكيدات، وهي واحدة من أكبر القبائل السورية شرقيّ البلاد، لقيادة الحراك الذي بدأته العشائر ضد قسد في محافظة دير الزور شرقيّ البلاد في نهاية آب/ أغسطس الماضي، بعد إقالة واعتقال قائد مجلس دير العسكري أحمد الخبيل، من قبل قسد، وهو ما أدى إلى تأجيج الوضع في المنطقة ودفع فعاليات قبلية للدعوة إلى تشكيل إدارة مدنية لمنطقة دير الزور، ثم انتفاضة عشائرية ما لبثت أن تحولت إلى مسلحة على الفور. 

وفشلت المفاوضات بين الطرفين، التي احتضنتها مدينة أربيل بإقليم كردستان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتطالب العشائر بتخفيف الضغط الأمني من قبل قسد وحلّ مشاكل التجنيد الإجباري وعدم التدخل في مناهج التعليم وتوقيف الاعتقالات التعسفية والكيدية وغيرها، والبحث بإمكانية أن يتولى المكون العربي إدارة محافظة دير الزور، فيما تبدو أجندة الهفل قائد الحراك غامضة.

وخرج الشيخ إبراهيم الهفل قبل أيام بتسجيل صوتي عبّر فيه عن غضبه من عدم سماح قسد بدخول شقيقه مصعب إلى شرق سورية لإكمال التفاوض مع قوات التحالف الدولي، بهدف ما سمّاه "تنفيذ المطالب المحقة للمكون العربي"، مشيراً إلى أن قسد طلبت من مصعب إصدار بيان يتماشى مع رؤيتها، ولمّا رفض ذلك منعته من الدخول. وطالب الهفل خلال التسجيل القبائل العربية باستنكار هذا التصرف من قسد، وتوعد بطردها من شرق سورية.

وسبق هذا التسجيل بأيام، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، إعلان الهفل تشكيل قيادة عسكرية موحدة لمواجهة قسد، مشيراً إلى الاتفاق على تشكيل قيادة موحدة تحت اسم "قوات العشائر العربية" مكونة من 11 فصيلاً عسكرياً في دير الزور، بهدف تنفيذ عمليات "كرّ وفرّ" نوعية ضد "قسد"، مؤكداً أن القيادة العسكرية الجديدة لا تتبع لأي جهة أو حزب، و"تهدف إلى تحرير دير الزور من (قسد)". 

من جهتها، تتهم قسد الهفل بالتبعية لقوات النظام السوري، وتعمد نشر الفوضى في مناطق سيطرتها لصالحه، فيما نفى "الهفل" في حديث سابق لـ"العربي الجديد" هذه الاتهامات، وقال إن أي ادعاء بوجود أيدٍ خارجية تدعمه "عارٍ من الصحة ومحاولة لتجاهل مطالب أهالي المنطقة وهروب من الحوار ورفض مبطن للتفاوض وللاستماع لمطالبنا"، مضيفاً: "هي جزء من دعاية كاذبة بثتها قسد بهدف شرعنة هجومها على أبناء المنطقة". 

وحول عدم السماح لشقيق الهفل بالدخول، أشار مصدر من قسد، فضل عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه "اقترح السماح بدخول مصعب الهفل للتفاوض مع القبائل العربية والبدء فعلياً بوضع حلول جدية"، لكنه أشار إلى أن هناك تياراً قوياً داخل قسد يرفض أي مفاوضات تؤدي إلى حل حقيقي، معتبراً أن من يمثلون هذا التيار مرتبطون بالنظام أو إيران، بشكل أو بآخر. 

وحول مطالب القبائل العربية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، ولا سيما  محافظة دير الزور ذات الغالبية الساحقة للمكون العربي، فيما تتحكم بقسد قيادة كردية خالصة، أشار جاسم علاوي، وهو ناشط صحافي في دير الزور، إلى أن "المدنيين في دير الزور لا يريدون الحرب، يريدون حلولاً سلمية لهذا الصراع"، وقال لـ"العربي الجديد" إن "هناك حقوقاً مشروعة لأبناء العشائر، لا تزال قسد تتجاهلها، لكن الرأي السائد هنا يريد تلبية المطالب بالطرق السياسية والسلمية"، لافتاً إلى أن "الناس هنا في دير الزور تقبل بقسد لكن مع حقوقها، وتفويت الفرصة على النظام والمليشيات الإيرانية الداعمة له في المنطقة العبث بأي صراع يمكن أن ينشب ويتطور". 

ويرى الناشط الحقوقي والسياسي أبو عمر البوكمالي، أن الشيخ "الهفل متورط بشكل أو بآخر مع النظام والمليشيات الإيرانية، وهو لا يملك نفساً ثورياً ضد النظام"، ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "إبراهيم الهفل التقى بعد اندلاع الحراك هاشم مسعود السطام، قائد مليشيا (جيش العكيدات) التابعة للحرس الثورة الإيراني، وهو أحد مسؤولي الانتساب إلى المليشيات الإيرانية في المنطقة، ويبدو أنه ورطه بمسألة التنسيق مع النظام والمليشيات". 

ولفت البوكمالي إلى أن "الهفل يدعو حالياً أبناء العشائر للانتساب إليه وتشكيل قوة  في المنطقة، وهذه القوة قد تصبح محسوبة على النظام ومليشيات إيران، الأمر الذي سيصعب المصالحة أو التفاوض مع قسد، الحليفة للولايات المتحدة، والأخيرة لديها حساسية مفرطة من مليشيات إيران والمقربين منها". 

المساهمون