مع حلول الذكرى الثامنة لأكبر هجوم كيميائي شنّه النظام السوري على شعبه خلال السنوات العشر الماضية، حيث قصف غوطتي دمشق بغاز السارين السام، ما أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص خنقاً، تتصاعد المطالب لمعاقبة المتورطين في جرائم النظام وتعويض أسر الضحايا.
وفي بيان له اليوم السبت، قال الائتلاف الوطني السوري إن مثل هذه الهجمات "لا تزال شاهداً على حقيقة النظام وحلفائه"، مطالباً المجتمع الدولي باستعادة دوره في الملف السوري، وتحمل مسؤولياته. كما طالب الدول الفاعلة في مجلس الأمن بممارسة ضغوط مباشرة لوقف الإجرام ومحاسبة المجرمين، ودعم الانتقال السياسي وفقاً للقرارات الدولية التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية.
وجاء في البيان، أنه "في اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، إضافة إلى ذكرى جريمة القرن، ومجزرة معارة النعسان، ومجزرة داريا الكبرى، فظائع ومجازر تتزاحم، ولا تزال الأوضاع مفتوحة على المزيد من احتمالات القتل والتنكيل والتهجير بيد النظام وحلفائه، من دون أن يحصل الضحايا على حقهم، ومن دون أن ينال المجرمون العقاب الذي يستحقونه".
من جانبها، طالبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، مجلس الأمن والأمم المتحدة بفرض عقوبات على النظام وملاحقة المتورطين بالهجمات الكيميائية في سورية، مع إحالة الملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية. وقالت الشبكة في تقرير لها أمس الجمعة، خاص بالذكرى الثامنة لهجمات غوطتي دمشق، إن "سورية شهدت منذ عام 2011 نحو 222 هجوماً كيميائياً، أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مدني". وأكدت أن رئيس النظام بشار الأسد هو المسؤول الأول عن الهجمات الكيميائية، حيث استخدام هذا السلاح لا يصدر إلا بموافقته. ودعت الشبكة إلى محاسبة المسؤولين وتعويض أسر الضحايا.
وبحسب التقرير، فإن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية "أثبتت مسؤولية النظام عن استخدام السلاح الكيميائي في أربع هجمات، كما أثبتت آلية التحقيق المشتركة التي أنشأها قرار مجلس الأمن رقم 2235 مسؤوليته عن خمس هجمات أخرى". وأضاف: "تأسيساً على ذلك، يجب الاستناد على الأدلة والبيانات التي تمتلكها منظمة حظر الأسلحة من أجل محاسبة النظام السوري على استخدام أسلحة الدمار الشامل قضائياً، والأهم من ذلك محاسبته سياسياً عبر عدم القبول بعودته إلى المجتمع الدولي، واعتباره نظاماً مارقاً خارجاً عن القانون الدولي".
ودعت الشبكة جميع دول العالم إلى محاربة النظام وردعه، نظراً لاستخدامه أسلحة دمار شامل، والإسراع في الضغط الجدي لتحقيق انتقال سياسي يُفضي إلى نظام ديمقراطي يحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان، كما طالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية عليه كشكل من أشكال التعويض المعنوي لأسر الضحايا، وملاحقة المسؤولين عن الهجمات والتحقق في مدى تورطهم في استخدام الأسلحة الكيميائية ووضعهم على قوائم العقوبات والإرهاب.
ونشرت الشبكة في تقرير مطول إحصائية لعدد الهجمات الكيميائية التي نفّذها نظام الأسد في المحافظات السورية، وعدد الضحايا الذين سقطوا خلالها، إضافة إلى أبرز الأسماء المسؤولة عن مجازر الكيميائي التي ارتُكبت في مختلف المحافظات السورية طوال الأعوام السابقة.
ورفضت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، إغلاق ملف نظام الأسد الخاص بالعثور على مواد كيميائية يمتلكها داخل سورية، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، لمناقشة تنفيذ القرار 2118 الخاص ببرنامج النظام للأسلحة الكيميائية.
وكان نظام الأسد تعهد بتسليم أسلحته ومخزوناته الكيميائية عقب هجوم الغوطة الكيميائي عام 2013 بموجب تفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا، إلا أنه شنّ بعد ذلك عشرات الهجمات الكيميائية الأخرى.
ومن المقرّر أن تشهد العديد من المناطق السورية، اليوم السبت، تظاهرات وفاعليات مختلفة، إحياءً لذكرى مجزرة الغوطة، وللمطالبة بمحاسبة مسؤولي النظام المتورطين فيها.