أطلق أكاديميون ومثقفون وناشطون في مناطق السويداء ودرعا وريف حلب الشمالي في سورية مبادرة تحت مسمى "وثيقة المناطق الثلاث"، بهدف "توحيد الخطاب الجماهيري الوطني المناهض للنظام السوري، ومنع الانجرار نحو الأهداف الانفصالية والتعصبية".
وتشمل المبادرة التي نشرت 5 مرتكزات أساسية، قُرئ مضمونها اليوم الجمعة في هذه المناطق؛ ويشمل أول هذه المرتكزات "تأميم السياسية، أي عدم تسليم القرار العمومي السوري لأي قوة أجنبية، أو دولة أخرى، أو مليشيا، أو جماعات حزبية، أو عصبية، وعدم مصادرة قرار السوريين".
والمرتكز الثاني الذي شددت عليه المبادرة هو أن "الحياة، والحرية، والأمان، والكرامة، حقوق مصونة للسوريين كلهم، تقع في مركز تفكير السياسة السورية. وتناهض كل فعل، أو خطاب يدعو إلى الكراهية، أو يروج للقبول بمصادرة الحريات والكرامة ومقايضتهما بالاستقرار".
وفي البند الثالث من المرتكزات، أكد القائمون على المبادرة أنّ "الدولة الوطنية لجميع أبنائها، وليست دولة ملة، أو طائفة، أو جماعة عرقية، أو حزب، أو تيار سياسي".
وحمل البند الرابع "رفضاً للعصبيات والتحزبات على اختلافها، وتأكيد التنسيق والحوار والعمل المشترك بين جميع السوريين دون أي انتقاص من أحد".
وجاء في ختام المرتكزات الأساسية للمناطق الثلاث أنّ "الثقة هي أداة تأسيس سياسية تؤطر الاجتماع الوطني".
وشدد مطلقو المبادرة على أهمية التعبير عن الثقة، والعمل على تعزيزها، وإيلائها أهمية في السلوك السياسي والخطاب.
وحول أهداف هذه المبادرة، قال مضر الدبس، وهو كاتب وسياسي سوري من العاملين على إصدارها، لـ"العربي الجديد"، إن "أهم ما تفيد به الوثيقة ومنهجيتها أن السوريين لن يتخلوا عن ذاكرتهم الوطنية، ومشروعهم المستقبلي الذي يستند إلى وحدة الشعب السوري، وحريته، ورغبته في التحول إلى الديمقراطية".
وأضاف الدبس أن المسألة المهمة الثانية هي الوحدة، والقدرة على التنسيق على امتداد الجغرافيا السورية، وصولًا إلى تأميم السياسة السورية، أي عودة ملكية الشأن العمومي إلى الشعب السوري من جديد بوصفها خطوة لازمة لتحقيق الحرية والكرامة.
وأوضح أن الفكرة يتم العمل عليها من مجموعة من المعنيين بتغيير الوضع السياسي السوري إلى الأفضل، والمؤمنين بتأميم السياسة، وبالسوري العادي. مردفاً: "هناك نوع من القناعة بأن منهجيات العمل السياسي وأدواته التي بين أيدينا الآن لم تعد صالحة لتحقيق طموحاتنا وحل مشكلاتنا، وعليه سوف نسعى معًا إلى تجاوز المنهجيات القديمة القاصرة، وبناء شيء جديد يشبهنا يتجاوز النظام والمعارضة معًا، ويقترب من روح السوري العادي، وهذا سوف ننجزه معًا وبصورة مشتركة على امتداد سورية كلها".
وحول الخطوة التالية لإعلان الوثيقة، أكد الدبس أنه "سيتم العمل على استمرار الحوار لبناء خطة عملية بموجب منهجيات جديدة متفق عليها، ومما يجري نقاشه العمل على تصور طريقة تأسيسية وتمثيلية لعقد مؤتمر وطني سوري عام ثانٍ له صيغة تأسيسية لسورية الجديدة، على غرار المؤتمر السوري العام الأول الذي انعقد في 2011. وسيتم البناء على هذا الإعلان مع القوى في مناطق سورية كلها، للتفكير في الخيارات الأكثر ملاءمة للمضي قدمًا".
وأضاف أن "هناك طروحات موجودة تناقش بناء تمثيل على أساس الموضوعات السورية الكبرى، مثل قضية اللاجئين، ومسألة الحوكمة، وشكل الدولة، وعلاقة الدين بالسياسية، وصولًا إلى بناء أرضية تعاقدية استنادًا إلى نقاش الأفكار وليس استنادًا إلى الهويات والعصبيات".
من جانبه، قال الناشط السياسي من بلدة القريا التابعة لمحافظة السويداء جنوبي سورية، وأحد المشاركين في الوثيقة، خالد مراد، لـ"العربي الجديد": "نحن نعمل في ضوء ألمنا، ونؤمن أن انفتاح السوريين بعضهم على بعض ومناهضة الحواجز التي وضعها النظام السوري مدخل مهم لبناء الثقة الضرورية للعمل السياسي".
وأضاف: "بدأنا ثورتنا بالتنسيقيات ونود أن نكملها على النهج نفسه، وانطلقنا منذ عام 2011 من شعار ثورتنا "سورية لينا ما هي لبيت الأسد"، وننطلق من حب الحياة ويحدونا الأمل دائمًا. ويأتي هذا البيان خطوةً أولى بهدف لمّ الشتات وتعزيز الثقة بين السوريين".