سيطرت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، اليوم الخميس، على المزيد من المواقع والمراكز التابعة للنظام السوري في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، شمالي شرق سورية، في خطوة لم تواجه أية مقاومة من النظام الذي بات عناصره في القامشلي محاصرين في بعض الأبنية، التي تضم الفروع الأمنية التابعة للنظام.
وقال مراسل "العربي الجديد" في القامشلي، إن قوات "قسد" سيطرت على مديرية المالية ونقابة المعلمين والمجمع التربوي والمؤسسة السورية للحبوب واتحاد شبيبة الثورة والمركز الثقافي والمجمع التربوي في مدينة القامشلي. كما سيطرت على مؤسسة الكهرباء والوحدة الإرشادية والنقابات المهنية واتحاد الفلاحين، إضافة إلى مكتب حزب البعث وشعبتي الريف والمدينة.
وأوضح المراسل أن قوات "الأسايش"، التابعة لـ"قسد"، انتشرت في المربع الأمني الذي يضم الدوائر الحكومية التابعة للنظام وبعض الأحياء، التي تضم موالين للنظام وفتحت الطرقات المؤدية للمربع الأمني وأزالت الحواجز ولم يبق للنظام في المدينة سوى مبنى "الأمن العسكري" و"أمن الدولة" و"الأمن السياسي" حيث عناصر النظام محاصرون ضمن هذه المباني الثلاثة.
وأضاف أن قوات "الأسايش" فرقت، صباح الخميس، الموظفين التابعين للنظام والذين تجمعوا بالقرب من الكراج السياحي في محاولة للوصول إلى مراكز عملهم، وطلبت منهم العودة إلى منازلهم.
وكانت "قسد" سيطرت، السبت الماضي، على أكبر الأفران في المحافظة، والذي يؤمن مادة الخبز للمناطق التي كانت تحت سيطرة النظام في القامشلي وريفها، وذلك للضغط على قوات النظام لفك حصار تفرضه منذ أيام على حيي الشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب، اللذين يقطن فيهما أكراد سوريون. كما توقفت منذ 3 أيام رحلات الطيران من مطار القامشلي وإليه، وبات السفر حصراً عن طريق البر، وفق مراسل "العربي الجديد".
وحول مغزى هذا الاستسلام من جانب قوات النظام، وتسليم مواقعه دون مقاومة، رأى المراسل أن النظام في القامشلي ضعيف للغاية وكان سابقاً يعتمد على عناصر الدفاع الوطني قبل طردهم من المدينة من جانب "قسد"، ووجوده الآن بات يقتصر على فوج طرطب جنوبي الحسكة ومطار القامشلي، حيث لا يستطيع تحريك قوات من تلك المناطق باتجاه القامشلي.
ويرى مراقبون أن هذا السيناريو قد يحمل في طياته أو يكون تمهيداً لتوافقات جديدة بين النظام وقسد، أو بين قسد وتركيا والمعارضة السورية.
وفيما لم تصدر قوى الأمن الداخلي، حتى الآن، أي بيان رسمي أو تصريح حول سيطرتها على مؤسسات النظام في القامشلي، تجاهل النظام السوري بدوره هذه التطورات، ولم ترصدها وسائل الإعلام التابعة له، حيث اقتصرت أخبار اليوم في الوكالة الرسمية التابعة للنظام على الإشارة إلى انتهاء عملية "التسوية"، اليوم الخميس، في مركز الميادين بمحافظة دير الزور.
وعلى صعيد متصل، نددت الإدارة الذاتية الكردية بما سمته الحصار المفروض على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في محافظة حلب من جانب قوات النظام، واللذين يضمان غالبية كردية.
وقال نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في إقليم الفرات، نهاد أحمد، إن "تلك السياسات ستفشل وإن الحل الوحيد للأزمة هو ترك عقلية الحصار والتجويع والإنصات لمطالب السوريين".
وأضاف أحمد في تصريح نقلته وسائل إعلام كردية أن "هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها حكومة دمشق الحصار على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، ولكنها هذه المرة تريد الاستفادة من الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية، وانشغال العالم بها بهدف الضغط على الإدارة الذاتية لتقديم تنازلات والحصول على بعض المكاسب".
ودعا أحمد النظام إلى التخلي عن "عقليته التي لم تتغير منذ بدء الأزمة السورية، والعودة إلى الحل الوحيد للأزمة وهو الإنصات لمطالب السوريين".
من جهة أخرى، أوقفت قوات "قسد"، الليلة الماضية، عدداً من الشاحنات المعدّة للتهريب إلى مناطق سيطرة نظام الأسد على أحد معابرها المائية شرقي ديرالزور.
وذكرت شبكة "فرات بوست" أن "قسد" صادرت قافلة تهريب محمّلة بالبضائع مؤلفة من نحو 25 شاحنة أثناء توجهها إلى مناطق سيطرة النظام عبر معبر بلدة جديد عكيدات النهري شرقي ديرالزور، حيث جرى اقتياد القافلة إلى قاعدة حقل العمر النفطي بريف ديرالزور الشرقي.
وترتبط مناطق سيطرة "قسد" في محافظة دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية مع مناطق سيطرة النظام السوري، تعتبر بمثابة الأوردة التي ينعش منها النظام أسواقه في المحافظة، وخاصة تلك المتعلقة بالوقود، وكان بدأ العمل بها منذ سيطرة "قسد" والنظام على محافظة دير الزور، نهاية عام 2017.
إلى ذلك، دعت الإدارة الذاتية الكردية الإعلاميين لحضور تسليم عدد من الأطفال الروس، اليوم الخميس، من عوائل تنظيم "داعش"، وذلك في مقر الدائرة في مدينة القامشلي، وبحضور وفد من الخارجية الروسية.
وكانت "قسد" سلمت في 6 الشهر الحالي طفلين اثنين من عوائل عناصر تنظيم "داعش" إلى وفد من الحكومة البريطانية.
تبادل للقصف بمحيط إدلب
في المقابل، تبادلت قوات النظام السوري القصف مع فصائل المعارضة في شمالي غرب سورية، فيما تعرض موقع تابع لمليشيا موالية لإيران لهجوم مسلح في شرق سورية أسفر عن مقتل عنصر.
وذكر الناشط محمد المصطفى، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام قصفت بالمدفعية، محيط النقاط التركية في بلدة آفس، وبلدة معارة النعسان شرقي مدينة إدلب، وكفرنوران بريف حلب الغربي.
وأضاف أن ذلك تزامن مع وصول تعزيزات من الفرقة 25 إلى ريف معرة النعمان الشرقي خلال اليومين الماضيين، حيث تمركز قسم منها في بلدة الغدفة، التي تعد أحد أهم المراكز والمعسكرات التدريبية للفرقة، فيما اتجه القسم الآخر برفقة الطيران المروحي الروسي إلى مطار أبو الظهور العسكري، أكبر تجمعات الفرقة 25 في ريف إدلب.
من جهتها، أعلنت "هيئة تحرير الشام"، أنها والفصائل الأخرى، قصفوا بالصواريخ، تجمعات قوات النظام في قرية الصفصافة جنوب السرمانية بريف حماة الشمالي الغربي. فيما ذكرت "غرفة عمليات الفتح المبين" أن سرية القنص التابعة لها استهدفت أحد عناصر قوات النظام، صباح اليوم الخميس، على محور "الفوج 46" بريف حلب الغربي، ما أدّى إلى مقتله على الفور.
وكانت "تحرير الشام" تحدثت قبل ذلك عن استهداف مواقع للنظام في شمال غربي سورية، بينها تجمع لضباط النظام بريف حلب.
وقالت مؤسسة "أمجاد" التابعة للهيئة، إن فوج المدفعية والصواريخ استهدف تجمعاً لضباط النظام في قرية السعدية بريف حلب الغربي، وحقق إصابات مباشرة. كما جرى استهداف
دشمة على محور قرية داديخ بريف إدلب الجنوبي الشرقي، مع تحقيق إصابات مباشرة في الموقع المستهدف، وفق المصدر.
تحذيرات للمدنيين
من جهة أخرى، حثت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة على توخي الاستعداد لحماية أمن المدنيين في مناطق سيطرتها. وطلبت الوزارة في بيان لها من جميع التشكيلات العسكرية في "الجيش الوطني"، وإدارة "الشرطة العسكرية"، توخي الاستعداد والجاهزية على الحواجز والنقاط الأمنية، والتفتيش الدقيق على المركبات.
ودعت "لاتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة، لحماية المدنيين من أي اعتداءات محتملة يخطط لها العدو في أيام شهر رمضان".
وناشدت الوزارة المدنيين بضرورة إبلاغ الجهات الأمنية والعسكرية عن أي ثغرات أمنية أو تصرفات مشبوهة يلاحظونها.
وقبل أيام، أعلن فريق "الدفاع المدني السوري" إصابة ثلاثة أشخاص، بينهم حالة حرجة لسائق، إثر انفجار بسيارة على مدخل مدينة الباب على الطريق الواصل إلى مدينة الراعي شرقي حلب.
المليشيات الإيرانية
وفي شرق البلاد، هاجم مجهولون أحد مستودعات ما يسمّى بمليشيات "سيد الشهداء"، التابعة لمليشيات "الحشد الشعبي" العراقي في قرية الهري الحدودية مع العراق بريف البوكمال الشرقي بمحافظة دير الزور، وبحسب موقع "عين الفرات" فإن الهجوم الذي استهدف المليشيات الإيرانية الليلة الماضية أسفر عن مقتل عنصر على الأقل.
تشـ.بيح علني تمارسه ميـ.ليشيا الدفـ.اع الوطني بريف الرقة الشرقي وتستدعي تعزيزات إضافية
— عين الفرات - Eye of the Euphrates (@EyeEuphrates) April 13, 2022
الرابط:https://t.co/ReqlPFb7BF #عين_الفرات
كما ذكر موقع "فرات بوست" أن مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني تنوي وضع يدها على كل المقرات التي انسحب منها القوات الروسية ومنها مبنى مشروع مؤسسة المياه بمدينة الميادين ومبنى الفندق السياحي بمدينة البوكمال وتحويلهما إلى مقرات عسكرية لعناصر المليشيات.
في حين، استولت المليشيات على منازل ومساجد بمدينة البوكمال وحولتها إلى مقرات عسكرية. وسيطرت مليشيات لواء "فاطميون" الأفغاني على مسجد عبد الله بن عباس في حي الجمعيات بالمدينة وقامت بتحويله إلى حسينية ومضافة للزوار القادمين من العراق.
إلى ذلك، دخل الجسر الترابي الواصل بين مدينة دير الزور وبلدة الحسينية بين ضفتي نهر الفرات حيز الخدمة بانتظار افتتاحه رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة.
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن الجسر الذي انتهى العمل منه قبل أيام بني بطريقة بدائية بواسطة قساطل معدنية بإشراف إيراني والفرقة الرابعة التابعة للنظام.
ومن المتوقع أن يحقق الجسر دخلا كبيراً للمشرفين عليه من خلال الإتاوات المفروضة على سيارات نقل البضائع والأشخاص، إضافة إلى تسهيل عبور شحنات الأسلحة للمليشيات الإيرانية إلى مناطق سيطرتها شرق الفرات.
قتلى في حوادث متفرقة
ومن أخبار مناطق شرق سورية أيضاً، أُصيبت ثلاث نساء، أمس الأربعاء، جراء انفجار لغم من مخلّفات المعارك في بلدة الصالحية شمال شرقي مدينة دير الزور، فيما قتل طفل يبلغ من العمر 15 عاماً بطلقة نارية طائشة أثناء مشاجرة حصلت بين عائلتين في مدينة الرقة.
كما قتل رجل وأصيب آخرون جراء اقتتال بين أبناء العمومة تطورت إلى اشتباكات مسلحة، في قرية الحريجية بريف دير الزور الشمالي ضمن مناطق "قسد"، وسط توتر يسود المنطقة ودعوات من أبناء المنطقة لتدخل الوجهاء والخلاف بين الطرفين، فيما قتلت امرأة على يد لصوص اقتحموا منزلها بهدف السرقة في شارع النور بمدينة الـرقة.
ووفق وكالة "سانا" التابعة للنظام، فقد قتل عامل حفارة آبار، جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في منطقة بيارات تدمر بريف حمص الشرقي.