سامي أبو شحادة: الانتخابات المحلية في المدن المختلطة في الداخل الفلسطيني مختلفة عن كل ما نعرفه
تختلف انتخابات السلطات المحلية في المدن التاريخية، وما يطلق عليها المدن المختلطة، عن الانتخابات في البلدات العربية، حيث يعاني فلسطينيو المدن المختلطة من تمييز مضاعف من سياسات حكومة الاحتلال العنصرية، وكذلك من الحكم المحلي، على اعتبار أنهم أقليات في مدنهم. فنسبة العرب في مدينة حيفا مثلاً تشكل 13 بالمائة من كافة السكان، فيما يشكل العرب في مدينتي عكا واللد الثلث من كافة سكان المدينة، أما في مدينة يافا فيشكل العرب 4 بالمائة فقط.
وعن تحديات المعركة الانتخابية للسلطات المحلية في المدن التاريخية والمختلطة كما تسمّى، أجرى "العربي الجديد" مقابلة مع رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، الذي شغل أيضا منصب عضو في بلدية يافا تل أبيب في عام 2011.
من أين جاءت تسمية المدن بالمختلطة وما هو الذي يميزها؟
أولا: المقصود في حالة الفلسطينيين بالداخل، نتحدث عن مدن مختلطة أو مدن مشتركة، هذه مدن يسكن فيها السكان اليهود والعرب الفلسطينيين. وهي مميزة لأنها بالفعل حالة نادرة، لأن المشروع الصهيوني كمشروع استيطاني استعماري فيه بُعد فصل عنصري، أغلب السكان في دول العالم لا يعلمون أنه أكثر من 90 بالمائة من السكان في إسرائيل يعيشون على أساس فصل عنصري، حيث يعيش السكان العرب بمعزل عن السكان اليهود، نحن اعتدنا على أن هذه هي الحال، وأن الطبيعي الفصل العنصري.
هناك حالات استثنائية، ما تسمى بمدن مختلطة يسكن فيها المواطن العربي واليهودي. أيضا داخل هذه المدن هناك نظام فصل عنصري، هذه المدن في البداية كانت مدناً فلسطينية كلاسيكية معروفة، هي خمس مدن، يافا، اللد، الرملة، حيفا وعكا. انضمت منذ التسعينيات إلى هذه المدن مدن أخرى، مثل نوف هجليل، قضاء الناصرة، معلوت ترشيحا، وكرميئيل، لكن هم لا يودون تسميتها هكذا، لأنها تبرز الطابع العربي للمدن. فعمليا، التسمية نابعة من نظام الفصل العنصري الموجود في إسرائيل الذي يفصل حياة المواطنين العرب عن المواطنين اليهود وهناك استثناءات تسمى المدن المختلطة".
ما الذي يميز الفلسطينيين في المدن المختلطة؟
السكان الفلسطينيون في المدن المختلطة حالة غريبة عجيبة استثنائية باعتقادي، غير موجودة في أغلب الأماكن التي أعرفها بالعالم، عمليا التمييز ضد المواطن الفلسطيني في كل إسرائيل هو في كل مجالات الحياة، التمييز ضد المواطن الفلسطيني في المدن المختلطة هو تمييز مضاعف.
هناك تمييز مرده الحكم المركزي من الحكومة وهناك تمييز آخر، وباعتقادي أصعب من الحكم المحلي، لأنه يجرى التعامل مع المواطن العربي على أساس أنه تهديد ديمغرافي وعلى أساس أنه عدو ويُخطَّط لنا على هذا الأساس.
أولا، في كل المدن المختلطة لا يوجد أي مكان فيه أغلبية عربية، وإسرائيل تعمل بشكل ممنهج وواضح ومدروس وتصرح بذلك. إنها تعمل على الحفاظ على الأغلبية اليهودية في هذه المدن. حتى لو أن اليهود لا يريدون العيش في مدينة عكا، فإنهم يقيمون مشاريع قومية إسرائيلية ويدخلون مستوطنين ومتدينين، كي يحافظوا على هذه الأغلبية.
هذا موجود في كل المدن المختلطة، الدولة كدولة تتدخل في حالة الهجرة والدخول والخروج من هذه المدن لتسمى مدناً مختلطة، لأن الدولة معنية بالحفاظ على أغلبية واضحة لليهود في هذه الأماكن. ففي كل هذه المدن لا توجد أغلبية عربية. هذا معنى أن قوتنا في الحكم المحلي أضعف من المواطن اليهودي.
كيف تصور المعركة الانتخابية المحلية في المدن المختلطة؟
الانتخابات المحلية في المدن المختلطة في الداخل هي مختلفة عن كل ما نعرفه. أولا في السنوات الأخيرة، هناك مشروع معلن واضح لقيادة الاستيطان في الدخول إلى المدن المختلطة، وفي التأثير على حياة المواطنين في كل مجالات الحياة، أصلا هؤلاء العنصريون يرون في المدن المختلطة أنها تحد كبير للمشروع الصهيوني، وهم مبدئيا ضد الحياة المشتركة بين العرب واليهود.
تدخل على بلادنا بدعم من الوزارات الحكومية المختلفة مجموعات متطرفة عنصرية، تحمل فكراً عنصرياً وتريد الحفاظ على نظام الفصل العنصري أيضا داخل المدن المختلطة. ولذلك نحن أقلية في كل هذه المدن.
ثانيا، هناك سياسات تستهدف المواطنين الفلسطينيين في كل المدن المختلطة بالداخل، خاصة في الأماكن التي فيها نسبة عالية من المواطنين العرب مثل اللد وعكا. الضغط كبير على اللد وعكا لأن نسبة السكان العرب نحو الثلث، بين 30 و33 بالمائة من السكان. فهناك سياسات عنصرية ضاغطة في هذه الأماكن أكثر.
هناك سياسات تستهدف المواطنين الفلسطينيين في كل المدن المختلطة بالداخل
إذاً، نحن أيضا على هامش السياسة، ليس فقط السياسة القطرية، كنيست وحكومة، وإنما سكان المدن المختلطة هم أيضا على الهامش السياسي المحلي أيضا. فالمعركة الانتخابية مختلفة.
هل هناك نوعان من المدن التي يطلق عليها مختلطة، المدن التاريخية الكلاسيكية والمدن الأخرى؟
هناك حالتان مختلفتان لما يسمى مدناً مختلطة، هناك الحالة الكلاسيكية القديمة التي كانت مدناً فلسطينية تاريخية معروفة، وخلال النكبة هُجّرت الأغلبية الساحقة منها. على سبيل المثال، هُجّر أكثر من 90 بالمائة من سكان اللد، الرملة، يافا، حيفا وعكا، ومن ثم أُدخلت دفعات كبيرة من المهاجرين اليهود بهدف تهويدها، فهُوّدت ديمغرافيا وأصبحت الأغلبية يهودية. كما غُيّرت أسماء الشوارع وأُخرج العرب من أي عملية اتخاذ قرارات مهمة في تخطيط حاضر ومستقبل المدينة. بسبب السياسات العنصرية في التخطيط في إسرائيل ومصادرة أراضي العرب وتطوير أماكن لليهود بجانب الأماكن العربية، أصبحت هناك حالات هجرة لسكان عرب إلى بلدات يهودية مجاورة، لأنه لا يوجد عندهم حل آخر، وبالتالي أصبحت هناك أزمة سكن، وبالتالي تشكلت مدن مختلطة مثل معلوت ترشيحا ونوف هجليل وبئر السبع وأماكن أخرى. ومع ذلك تسمى كلها مدناً مختلطة.
في كل هذه المدن نحن أقلية، وتاريخيا حكم اليمين الصهيوني، حتى عندما كان اليسار الصهيوني مسيطراً على كل شيء في البلاد، كان يخسر البلديات، حالة العنصرية في المشروع الصهيوني نراها بأبشع تجلياتها في ما يسمى بالمدن المختلطة التاريخية.