زيارة بايدن للسعودية وحياكة تحالف يصبّ في توسيع "اتفاقات أبراهام" التطبيعية

15 يونيو 2022
إدارة بايدن تلجأ للبرغماتية لتبرير موقفها الجديد (Getty)
+ الخط -

حسم البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، أخيرا قراره بخصوص زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للشرق الأوسط، وحدد الموعد من 13 إلى 16 يوليو/ تموز القادم، في جولة تبدأ في إسرائيل وتنتهي بالسعودية.

وجاء القرار بعد أسابيع من الجدل والتباينات داخل الإدارة الديمقراطية، والتردد من جانب بايدن بخصوص زيارة المملكة العربية السعودية.

بالنهاية، رجحت كفة "الواقعية" التي يمثلها مستشار الرئيس في الأمن القومي جيك سوليفان، وتراجعت "مبادئ" بايدن، بحجة ضغوط اللحظة الراهنة وتحدياتها التي تفرض "التواصل وبما يخدم المصالح الأميركية".

ويبدو أن الحسابات والاعتبارات الإسرائيلية لعبت دورها في تعويم الزيارة واغتنام فرصتها لترتيب صيغ وطرح أطر تصبّ في نهاية المطاف في توسيع "اتفاقيات أبراهام" التطبيعية، التي أقامت من خلالها دول عربية علاقات علنية مع الاحتلال الإسرائيلي.

لكن بالرغم من وجاهة هذه الحيثيات، خاصة المتعلق منها بالحاجة إلى المزيد من نفط المملكة لتبريد التهاب الأسعار التي يكتوي بها حزب الرئيس عشية انتخابات تجديد نصف أعضاء الكونغرس، إلا أن الإدارة بدت مرتبكة ومحرجة في تسويق تراجع مفضوح عن موقف صريح وواضح وضوح شمس النهار، ربط فيه بايدن سياسته في ما يتصل بالسعودية بقضية حقوق الإنسان، وبالذات بقضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتحميل واشنطن مسؤوليتها لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

بدايات الردود غير مريحة للإدارة. انطلقت مع منظمات حقوق الإنسان، التي سارعت إلى الوقوف ضد الزيارة وبما يرتد سلبا على البيت الأبيض. ومن المتوقع أن تتصاعد لغة الشجب للزيارة في وسائل إعلام هامة كما في أوساط الكونغرس.

الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، قالت إن الرئيس "سوف يرى" ولي العهد خلال الزيارة، ولم تقل إنه سيلتقي به. في حين توقّع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، أن "يشارك الأمير في اجتماعات الرئيس بايدن مع القيادة السعودية".

أما الخارجية فقد رد الناطق باسمها، نيد برايس، على السؤال بالقول إن الرئيس عادة "لا يتردد في الانخراط أو المشاركة لخدمة وتعزيز المصالح الأميركية". وأضاف أن "حقوق الإنسان بند موجود دائما على الأجندة، ويمكننا التمسك به، وفي الوقت ذاته السعي وراء مصالحنا متعددة الجوانب مع المملكة، من محاربة الإرهاب، وأخيرا تمديد الهدنة في اليمن، إلى قضايا الطاقة والاستقرار الإقليمي..".

وللتوضيح وإزالة الغموض، أكدت السفارة السعودية في واشنطن أن ولي العهد "سيجري مباحثات رسمية مع الرئيس بايدن".

أما بايدن فتحاشى، في دردشة مع الصحافيين وهو في طريقه إلى مدينة فيلادلفيا، مسألة عقد لقاء مع ولي العهد السعودي، مكتفياً بالتشديد على موقفه الذي "لن يتغير" بخصوص مسألة حقوق الإنسان. لكن اللافت كان تبريره الضمني لتراجعه من باب أن وظيفته تتطلب منه "إحلال السلام حيث أمكنني ذلك".

كلمته بدت في ظاهرها خارجة عن سياق الموضوع باعتبار أن زيارته ليست مهمة سلمية، إلا إذا كان قصده ضمنا أن توسيع "دائرة السلام" بين إسرائيل ودول عربية أخرى، يدخل في أغراض الزيارة وأهدافها.

وقد أشارت تقارير إلى احتمال أن تتمخض الجولة عن "تكتل دفاعي إقليمي يشمل السعودية وإسرائيل" في وجه إيران. مثل هذا التوجه متداولة احتمالاته أخيراً، "عبر دور تقوم به إسرائيل كجسر بين المملكة وواشنطن لبناء شراكة أمنية موسّعة تكون إيران مبررها"، وهي "شراكة ثلاثية تبدو قريبة جداً من عالم الواقع"، كما يرى في تصريح له دافيد أوتاواي، الباحث المتخصص في الشأن السعودي في مركز "وودرو ويلسون للدراسات والأبحاث" في واشنطن.

ومثل هذا الإطار عندما يتحقق يصبح تمدد "اتفاقيات أبراهام" إلى المملكة وربما إلى غيرها في حكم تحصيل الحاصل، خاصة وأن طريق إحياء الاتفاق النووي الإيراني تبدو مسدودة، وبما ينبئ بتزايد التوتر في المنطقة، إلا إذا أدى ما تردد عن مبادرة لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى حلحلة ما، آثرت الخارجية الأميركية عدم التسرع والخوض في احتمالاتها.

المساهمون