روسيا... يأس سرديات الحرب

25 فبراير 2022
في الجولة الأولى للحرب تتداعى سرديات كثيرة (أريس ميسينيس/فرانس برس)
+ الخط -

أياً تكن النتائج، على الأقل في الأميال الأولى للحرب على أوكرانيا، فقد لا تكون سطوة القوة الروسية الهائلة، مقارنة بتلك التي عرفتها الجمهوريات السوفييتية السابقة، معبرة عن كل الحقيقة. على الأقل من وجهة نظر أوكرانية وغربية، هي تعبير عن يأس من تحقيق تنازلات من الغرب.

سردية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن "إبادة في شرق أوكرانيا"، وحماية "الناطقين بالروسية"، تعكس رغبة غير خفية لتنصيب حكومة "فيشي أوكرانية" (نسبة إلى حكومة فيشي التي نصبتها النازية في فرنسا بين 1940 و1944).

في الجولة الأولى للحرب، والهجمات السيبرانية المنسقة، تتداعى سرديات أخرى كثيرة، وأهمها اتهام الكرملين للغرب بأنه عاش "هستيريا ورهابا روسيا"، مع تزايد التعبئة العسكرية لأشهر، إذ نفت موسكو أنها بهدف غزو أوكرانيا.

في المقابل، الغرب بالتأكيد بارع في زيادة جرعات الشيطنة التي سار إليها بوتين في طريق يائس، إذ تقدم السردية الغربية ما ينفر الأوروبيين أكثر؛ وفي ذاكرتهم تاريخ دموي من التلاعب بالرمال المتحركة لحدود دول قارتهم على خلفية قومية أو دينية: بوتين يهدد مستقبلكم... والاختيار هو بين نظام ليبرالي أو أوليغارشي.

فالمسألة عندهم تتجاوز أوكرانيا وشرقها، وصولاً إلى دول البلطيق وبولندا ورومانيا، وغيرها. فنموذج نظام ألكسندر لوكاشينكو في بيلاروسيا، هو المثالي لبوتين في جواره.

على كل، قد لا يصيب تماماً بعض الخبراء الغربيين بشأن تحوّل أوكرانيا إلى ما يشبه "فخ" غزو صدام حسين للكويت عام 1990، وغزو موسكو لأفغانستان عام 1979، إلا أن قسماً كبيراً من الأوكرانيين لن يسلموا بسهولة لابتلاع وطنهم من قبل "الدب الروسي".

يعوّل بوتين على معضلة الغرب، وخصوصاً حلف شمال الأطلسي، في عدم خوض حرب مباشرة مع بلده النووي، لخلق صورة ضعيفة لهذا المعسكر، ومنفرة عند قسم من الأوكرانيين، لكنه أخطأ أيضاً حين نفى بالأصل وجودهم كشعب وكيان مستقل.

باختصار، موسكو لن تخرج قريباً من صورتها الأسوأ عند جيرانها، والتي عززتها إصبع بوتين المهددة. وفي ذلك جو مثالي لما يسميه بعض العرب "مؤامرة غربية"، حين تتصاعد عملية عزل موسكو عن العالم، وتنطلق الجولة الجدية لمواجهة مشاريعها.

المساهمون