شنّت السلطات الأمنية الروسية، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات في صفوف المعارضة في عدة مدن، طاولت لوبوف سوبول، محامية صندوق محاربة الفساد الذي يقوده أليكسي نافالني، وكيرا ياريش، المتحدثة الصحافية باسم المعارض الروسي.
ويأتي ذلك قبل ساعات من موعد تظاهرة دعت إليها المعارضة الروسية من أجل إنقاذ حياة نافالني، الذي نقل إلى مستشفى تابع لمصلحة خدمة السجون، بعد تقارير تشير إلى خطر كبير على حياته نتيجة بدئه إضراباً عن الطعام منذ 31 مارس/ آذار الماضي، احتجاجاً على ظروف سجنه وعدم السماح لأطباء مستقلين بالكشف عليه ومعاينته وتقديم العلاج له.
وقال المحامي فلاديمير فارونين، الذي يتولى الدفاع عن سوبول، إن الشرطة نفذت خطة "الاختطاف" واعتقلت سوبول بعد إيقاف سيارة أجرة كانت تقلها قرب محطة "افتوزافودسكايا"، جنوب موسكو.
ونقل فارونين عن سوبول قولها إن عددا كبيرا من عناصر الشرطة شاركوا في عملية اعتقالها، وإنها لا تعلم حتى الآن إلى أي جهة يتم اقتيادها.
وعادة ما تنفذ السلطات الأمنية خطة "الاختطاف" للقبض على المجرمين الخطرين، ويمكن أن تتضمّن إغلاق طرق وتفتيش المركبات.
وتأتي الاعتقالات قبل ساعات من موعد تظاهرة دعت إليها المعارضة الروسية من أجل إنقاذ حياة نافالني، الذي نقل إلى مستشفى تابع لمصلحة خدمة السجون، بعد تقارير تشير إلى خطر كبير على حياته
وذكر فارونين، في تغريدة على "تويتر"، أن ياريش اعتقلت بعد خروجها من محل تجاري مع المحقق في الوقت المسموح لها بالخروج ما بين العاشرة والحادية عشرة صباحا، مشيراً إلى أنها لن تستطيع بسبب اعتقالها حضور جلسة في المحكمة، اليوم، للنظر في اعتراضها على قرار حبسها المنزلي السابق.
وأعلنت المعارضة، منذ أيام، أنها ستنظم تظاهرات في موسكو وسانت بطرسبورغ وعدة مدن أخرى، تحت شعار "الحرية لنافالني"، تزامنا مع إلقاء بوتين خطابه السنوي للجمعية الفيدرالية، التي تضم الدوما ومجلس الاتحاد وحكام المقاطعات والحكومة.
وذكرت محطة "دوجد" المعارضة أن الشرطة بدأت بشن حملة اعتقالات وتفتيش طاولت نشطاء في عدة مدن روسية، من ضمنها موسكو وسانت بطرسبورغ وكورغان ورستوف، منذ الليلة الماضية.
وذكر أفراد فريق نافالني على "تويتر"، أمس الثلاثاء، أن الشرطة تفتش مكاتبهم في مدينة كراسنويارسك في سيبيريا، واعتقلت منسقهم في مدينة كورغان في جبال الأورال. وأضاف أنه صدرت أوامر باحتجاز شخص آخر في مدينة فولغوغراد (جنوب)، لمدة 25 يوما.
وكتب الفريق على "تويتر": "بدأوا بسجن منسقينا بسبب تجمع لم يحدث بعد".
ورفضت سلطات العاصمة منح ترخيص للتظاهرات، وأغلقت عددا من الساحات العامة منذ ساعات الصباح. وحذرت وزارة الداخلية من أنها لن تتسامح مع أي إخلال بالنظام العام، مشيرة إلى أن هذه التظاهرات غير مصرح بها.
وقال ليونيد فولكوف، وهو أحد المقربين لنافالني، السبت الماضي، إنه "حان وقت العمل. لم يعد الأمر يتعلق بحرية نافالني فقط، بل بحياته".
ونقل المعارض إلى مستشفى السجن، الاثنين، بعدما تدهورت حالته الصحية كثيرا. ومساء الثلاثاء، كشف محامو نافالني أنه "ضعيف جدا" ولا يتلقى "رعاية طبية" جيدة، مطالبين بنقله إلى مركز صحي مدني في العاصمة موسكو.
واعتبر أربعة خبراء حقوقيين في الأمم المتحدة، الأربعاء، أن نافالني في "خطر كبير"، وحضّوا السلطات على السماح بإجلائه خارج البلاد.
وقال الخبراء في بيان: "نحثّ السلطات الروسية على ضمان وصول السيد نافالني إلى أطبائه والسماح بإجلائه إلى الخارج لتلقي علاج طبي عاجل، كما فعلت في أغسطس/ آب 2020. نؤكد مجددا أن الحكومة الروسية مسؤولة عن حياة السيد نافالني وصحّته أثناء احتجازه".
وقالت المحامية أولغا ميخائيلوفا للصحافيين خارج مستشفى السجن، بعد ظهر الثلاثاء، إنه أصبح "ضعيفا جدا" و"يجد صعوبة في الحديث والجلوس". وجاء تصريحها بعدما توجه فريق من الأطباء، بينهم طبيبة نافالني الخاصة أناستازيا فاسيليفا، صباح الثلاثاء، إلى المعتقل الجديد، لكنهم منعوا مجددا من رؤيته.
وقالت ميخائيلوفا، التي سمح لها مع محام آخر بالدخول، إن نافالني وافق على أخذ قطرات الغلوكوز التي أعطي منها الأحد، لكنهما أشارا إلى أن الممرضين فشلوا مرات عدة في العثور على وريده، ما يشكل دليلا على أن مستشفى السجن ليس على مستوى هذه المهمة.
وطالبت المحامية السلطات بنقله إلى مستشفى مدني في موسكو حتى يحصل على المساعدة اللازمة لكي لا يموت في مستشفى مصلحة السجون.
الممرضون فشلوا مرات عدة في العثور على وريد نافالني ما يشكل دليلاً على أن مستشفى السجن ليس على مستوى هذه المهمة
ودعت والدة المعارض ليودميلا نافالنايا، في منشور على إنستغرام، الثلاثاء، السلطات إلى "السماح لأطباء مدنيين مستقلين برؤية أليكسي".
واعتقلت الشرطة الروسية آلاف المتظاهرين في 23 و31 يناير/كانون الثاني، الذين احتجوا على اعتقال نافالني فور عودته من ألمانيا في 17 يناير.
وحسب منظمة "أو في دي آنفو"، التي ترصد عدد وأوضاع المحتجزين في التظاهرات، فقد اعتقل الأمن الروسي، منذ عودة نافالني في 17 يناير/كانون الثاني وحتى 2 فبراير/شباط، ما يزيد عن 14 ألف شخص، وصدرت بحق المئات منهم قرارات توقيف إداري لمدد تراوح بين 3 أيام وشهر.
وتشير المنظمة إلى أنه خلال يوم محاكمة نافالني في 2 فبراير/ شباط، تم اعتقال قرابة 1408 أشخاص، معظمهم في موسكو وسان بطرسبورغ.
وقدرت المنظمة عدد المعتقلين في تظاهرات 23 يناير/ كانون الثاني بنحو أربعة آلاف شخص في 125 مدينة، ونحو 5754 على أقل تقدير في تظاهرات 31 يناير في 87 مدينة، وذكرت أن النيابة العامة فتحت أكثر من 40 قضية جنائية بحق مشاركين في الاحتجاجات في 20 مدينة، مشيرة إلى أن حملة الاعتقالات في تظاهرات يناير هي الأكبر منذ قرابة 9 سنوات.