حذرت روسيا، اليوم الخميس، من اتخاذ إجراءات مختلفة إذا لم تجد رداً على مطالبها الأمنية من الغرب، كما قالت إنها لا ترى سبباً لإجراء جولة جديدة من المحادثات مع الدول الغربية "في الأيام المقبلة".
وبدأ المجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا محادثات، الخميس، في فيينا، في إطار جولة الحوار الدبلوماسي الثالثة والأخيرة، بعد جنيف وبروكسل، لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا، مؤكداً الضرورة الملحة لاستئناف الحوار حول أمن أوروبا.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا هيلغا شميد، في مستهلّ اجتماع المجلس الدائم: "إن الوضع في المنطقة خطير. من الضروري إيجاد وسيلة، من خلال القنوات الدبلوماسية، لوقف التصعيد والبدء في إعادة بناء الثقة والشفافية والتعاون"، مشدّدة على "الحاجة الملحّة" للحوار.
ولفتت إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا "هي مكان فريد للقيام بذلك"، مضيفة "لكلّ دولة من الأعضاء الـ57 مقعدٌ حول الطاولة".
والمنظّمة منتدى نادر للتبادلات، وكلّ من الولايات المتحدة وروسيا عضوان فيها.
وقال مبعوث روسيا لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ألكسندر لوكاشيفيتش، خلال اجتماع للمنظمة اليوم الخميس، إن موسكو ستتحرك للدفاع عن أمنها القومي إذا لم تتلق "رداً إيجابياً" من الغرب على مطالبها الأمنية.
وكتبت البعثة الروسية إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على تويتر، نقلاً عن المبعوث ألكسندر لوكاشيفيتش: "إذا لم نسمع رداً إيجابياً على مقترحاتنا خلال إطار زمني معقول واستمر السلوك العدواني تجاه (روسيا)، فسيتعين علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التوازن الاستراتيجي والقضاء على التهديدات غير المقبولة لأمننا القومي".
وفي وقت سابق اليوم، أعلن مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن روسيا لا ترى سبباً لإجراء جولة جديدة من المحادثات مع الدول الغربية "في الأيام المقبلة"، بشأن مطالبات موسكو بالحصول على ضمانات أمنية.
وقال ريابكوف في مقابلة مع تلفزيون "آر تي في آي" الروسي: "من دون توضيح ما إذا كانت هناك (...) احتياطيات من المرونة على الجانب الآخر بشأن مواضيع مهمة، لا يوجد سبب للجلوس على طاولة (المفاوضات) في الأيام المقبلة، والاجتماع مرة أخرى وبدء المناقشات نفسها".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد قال إن المفاوضات في جنيف وبروكسل، على الرغم من الموقف المتصلب للغرب، كانت شبيهة بلقاء العمل. وقال: "يمكنني أن أؤكد ما قلناه.. كانت المفاوضات شبيهة بالأعمال التجارية. مثل هذا الموقف من الغرب صعب للغاية، متعجرف في مكان ما، لا هوادة فيه، ومع ذلك، فقد تم التعبير عنه بهدوء بطريقة لقاء العمل، ما يسمح لنا بالاعتماد على احتمالية أنه تم فهم المفاوضات التي جرت في واشنطن".
وأضاف وزير الخارجية الروسي أن المفاوضات بين بلاده والولايات المتحدة بشأن الضمانات الأمنية تتماشى مع توقعات موسكو، وقال: "سارت المفاوضات بشأن الضمانات الأمنية كما هو متوقع. أعتقد أننا نعرف المفاوضين الأميركيين جيدًا ، لقد التقينا بهم عدة مرات في مناسبات مختلفة".
وكانت روسيا قد طالبت سابقاً واشنطن وحلفاءها بتطمينات واسعة النطاق، بما في ذلك ضمانات ملموسة بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي.
تجاوزاً للحدود
إلى ذلك، اعتبر الكرملين، الخميس، أن فرض عقوبات أميركية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال شنّت روسيا هجوماً على أوكرانيا سيكون "تجاوزاً للحدود"، غداة تقديم أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي اقتراح قانون ينصّ على ذلك.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن فرض "عقوبات على رئيس دولة سيكون إجراء يتجاوز الحدود، سيكون بمثابة قطع العلاقات" بين البلدين.
وأشار إلى أن اقتراح قانون الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي "لا يُسهّل قيام جوّ بنّاء للمحادثات" الجارية بين روسيا والقوى الغربية لمحاولة نزع فتيل التصعيد على الحدود الأوكرانية.
وقدّم أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، اقتراح قانون ينصّ على فرض عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتقديم مساعدات مالية لكييف، إذا غزت روسيا أوكرانيا.
وينصّ اقتراح قانون "الدفاع عن سيادة أوكرانيا" على فرض عقوبات على بوتين ورئيس وزرائه ميخائيل ميشوستين ومسؤولين عسكريين بارزين والعديد من كيانات القطاع المصرفي الروسي، في حال حصول "غزو" أو "تصاعد" الأعمال العدائية الروسية ضدّ أوكرانيا.
وتمّ الإعلان عن مشروع القانون، "السلبي جدًا" بحسب الكرملين، عشية اجتماع في فيينا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، هو ثالث لقاء في سلسلة محادثات هادفة إلى محاولة نزع فتيل خطر حدوث نزاع في أوكرانيا.
وعُقدت محادثات متوترة، الاثنين، في جنيف، بين مساعدة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان ومساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف. وكشف حلف شمال الأطلسي وروسيا الأربعاء، في بروكسل، عن "اختلافات" صارخة بينهما بشأن الأمن في أوروبا.
وأضاف بيسكوف "نودّ أن نأمل أن التفكير السليم سيسود"، مشيراً إلى أن روسيا "لم تفشل أبداً" و"لن تفتقر إلى الإرادة السياسية لمتابعة الحوار".
وتمارس روسيا ضغوطا شديدة على أوكرانيا منذ العام 2014، بعد ثورة أطاحت حكومة كانت منحازة إلى الكرملين ومناهضة للتقرب من أوروبا.
وسيطرت روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمتها إلى أراضيها، وتدعم تمرّدًا في شرق أوكرانيا قتل فيه حتى الآن أكثر من 13 ألف شخص.
بوريل: "من غير الوارد التفاوض تحت الضغط"
في المقابل، اعتبر المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الخميس، أن تحركات القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا تُعتبر "جزءاً من الضغط" الذي تمارسه موسكو للحصول على مطالبها، لكن "من غير الوارد التفاوض تحت الضغط" بشأن أوكرانيا.
وأضاف بوريل قبل بدء اجتماع غير رسمي مع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي، سيُخصص قسم كبير من أعماله لخطر اندلاع نزاع جديد في أوكرانيا: "حصلنا على ضمانة بأنه لن يتمّ اتخاذ أي قرار ولا التفاوض من دون الأوروبيين، والتنسيق مع الأميركيين ممتاز".
وأوضح "ما من قرارات ستصدر اليوم لأن الاجتماع يكتسي طابعا غير رسمي، لكن سيتمّ الإعراب عن مواقف سياسية".
وأردف "سوف نستعرض موقف الاتحاد الأوروبي ونحدّد كيفية تعاملنا مع الأزمة".
وانضمّ وزراء الخارجية في الاتحاد إلى وزراء الدفاع المشاركين في هذا الاجتماع، المقام في منطقة بريتاني (غرب فرنسا) برئاسة جوزيب بوريل.
وكان كبير المسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قد التقى بالأمس وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا، الذي شُخّصت إصابته بكوفيد-19.
وقال مطمئنا "خضعت للفحوصات الواجب إجراؤها. ولم تكن النتيجة موجبة. وتنبغي لنا الآن مباشرة العمل".
وكانت وزيرة الخارجية البلجيكية صوفي ويلميس قد التقت أيضاً بنظيرها الهولندي، وجرى تشخّص إصابتها بالفيروس، لكنها فضّلت إلغاء مشاركتها في الاجتماع المقام في مدينة بريست.
مناورات عسكرية
تزامناً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية بدء مناورات عسكرية قرب الحدود الأوكرانية بمشاركة أكثر من 10 آلاف جندي.
وأفادت قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، في بيان الخميس، بأن وحدات عسكرية من أسطولي البحر الأسود وبحر قزوين، إلى جانب كتائب أخرى، شاركت في المناورات.
وأشارت إلى أن المناورات ستجرى في مناطق فولغوغراد وأستراخان وستافروبول وروستوف وكراسنودار.