أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، اليوم الإثنين، وفاة مؤسسه ورئيسه السابق الشيخ يوسف القرضاوي عن 96 عاما، والذي قضى معظم أعوام حياته في دولة قطر، وحصل على جنسيتها.
ووصل القرضاوي إلى دولة قطر عام 1961، وعمل فيها مديراً للمعهد الديني الثانوي، وتولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر عام 1977، وظل عميداً لها إلى نهاية 1990، ثم أصبح مديراً لمركز بحوث السنة والسيرة النبوية بجامعة قطر.
ولد الشيخ يوسف القرضاوي في قرية صفط تراب مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في مصر في شهر سبتمبر/ أيلول عام 1926، وحفظ القرآن وهو دون العاشرة، والتحق بالأزهر حتى تخرج من الثانوية ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ومنها حصل على العالمية سنة 1953، كما حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية في تخصص اللغة والأدب في سنة 1958.
وفي عام 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين بالأزهر، وفي سنة 1973 حصل على الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى من الكلية نفسها، وكان موضوع الرسالة عن "الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية".
مات والده وعمره عامان فتولى عمّه تربيته. وتعرض يوسف القرضاوي للسجن عدة مرات لانتمائه إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، إذ دخل السجن أول مرة عام 1949 في العهد الملكي، ثم اعتقل ثلاث مرات في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر في يناير/ كانون الثاني سنة 1954، ثم في نوفمبر/ تشرين الثاني من السنة نفسها، حيث استمر اعتقاله نحو عشرين شهراً.
انتمى القرضاوي لـ"جماعة الإخوان المسلمين" وأصبح من قياداتها المعروفين، وكان يعدّ منظر الجماعة الأول، كما عرض عليه تولي منصب المرشد عدة مرات لكنه رفض، وكان يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان إلى أن تقاعد عن العمل التنظيمي للجماعة.
ألّف القرضاوي نحو 170 كتابا خلال مسيرته وحياته، وحصل على العديد من الجوائز العالمية، وكان ضمن قائمة أكثر عشرين شخصية تأثيراً على مستوى العالم، في استطلاع دولي أجرته مجلتا "فورين بولسي" الأميركية "وبروسبكت" البريطانية على التوالي، كما اختير في المرتبة الـ38 ضمن 50 شخصية مسلمة مؤثرة في عام 2009، وذلك بحسب كتاب أصدره المركز الملكي للدراسات الاستراتيجية الإسلامية (مركز أبحاث رسمي في الأردن)، حول أكثر 500 شخصية مسلمة مؤثرة.
قال القرضاوي رداً على ما إذا كانت "أخطاء" "الإخوان المسلمين" قد "ساهمت" في نجاح الثورة المضادة في مصر: "أنا لا ألتزم بالدفاع عن الإخوان في كل ما قالوه أو فعلوه"
وحول الربيع العربي، قال القرضاوي في مقابلة صحافية أجريت معه عام 2017 على قناة "الجزيرة"، إن "العالم المسلم هو جزء من أمته ولا يجوز أن يكون العالم في واد والأمة في واد آخر.. مهمة العالم أن يبعث الأمة ولا يتركها فريسة للذئاب والحكام المستبدين؛ ولذلك كان لا بد أن نتجاوب مع الأمة عندما بدأت ثورات الربيع العربي".
وعما إذا كانت أخطاء الإخوان المسلمين هي التي ساهمت في نجاح الثورة المضادة في مصر، قال القرضاوي: "أنا لا ألتزم بالدفاع عن الإخوان في كل ما قالوه أو فعلوه، فأنا لست من الإخوان، وحتى في الانتخابات الرئاسية أنا دعمت ترشح عبد المنعم أبو الفتوح لأنه شخص مقبول وأرضيته إسلامية وكان يجب على الإخوان دعمه".
الرئيس (المعزول) محمد مرسي ظلم ظلماً كبيراً لأنه لم تتح له الفرصة لأن يحكم أو يدير البلد ثم انقلبوا عليه
وأضاف "أعتقد أن الرئيس (المعزول) محمد مرسي ظلم ظلما كبيرا لأنه لم تتح له الفرصة لأن يحكم أو يدير البلد ثم انقلبوا عليه، وأخطأ عندما وثق في وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي، ولا سيما أن أردوغان أرسل له قبل الانقلاب بشهر وأخبره بأن السيسي يعمل ضده، لكنه لم يلتفت لذلك".
وقال القرضاوي في المؤتمر الأخير للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي حضره وانعقد في تركيا قبل تنحيه عن رئاسة الاتحاد، إن الأمة الإسلامية تحتاج إلى "إعادة تأهيل لتحرير الأوطان"، وأوضح أن ما جرى في "الربيع العربي أحبطه الغرب الذي يدير المنطقة حاليًا ويثير فيها القلاقل".
وأضاف: "نريد أن نجعل الأمة الإسلامية أمة عاملة لنفسها ولمن حولها، الغرب يحكم من وراء ستار، ويحاول القضاء على الثورات العربية في سورية، واليمن، ويكيد لهم المكائد ليذهب بما تبقى منهم".
وكان الشيخ يوسف القرضاوي قد بعث رسالة إلى العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 2011، دعاه فيها إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة، ردا على شيخ سعودي دعا بالموت على من تقودها.
وأورد موقع القرضاوي على شبكة الإنترنت آنذاك نص الرسالة، والتي يطالب فيها "بالسماح للمرأة المسلمة بمزاولة القيادة واستقلال السيارة بالضوابط الشرعية كغيرها من بلاد المسلمين".
وأشار الموقع إلى أن القرضاوي تلقى حينها ردّاً من العاهل السعودي الراحل "يثمن فيه دعمه لدور المرأة في المجتمع وفي الحياة السياسية وفق الضوابط الشرعية".
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي أسسه القرضاوي وكان رئيسه قبل استقالته، مؤسسة إسلامية شعبية تضم أعضاء من بلدان العالم الإسلامي، ومن الأقليات والمجموعات الإسلامية خارجه، وهي مستقلة، ولها شخصية قانونية وذمة مالية خاصة، حسب ما تعرف نفسها.