أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، مساء اليوم الخميس، عن استقالتها من المنصب الذي مكثت فيه نحو 45 يوماً فقط، عازية ذلك إلى "عدم التزامها بوعودها".
وباتت تراس صاحبة أقصر مدة انتداب في تاريخ بريطانيا بمنصب رئيس الوزراء.
وقالت تراس في بيان استقالتها، الذي تلته أمام مقر رئاسة الوزراء بداونينغ ستريت، إنها تقلدت المنصب في "وقت اشتداد الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار على الساحة الدولية".
وأضافت: "بالنظر إلى الوضع الراهن، وإلى أنني لم أستطع الوفاء بالتزاماتي التي انتخبت لأجلها، تحدثت إلى جلالة الملك (تشارلز الثالث) لإبلاغه باستقالتي من منصبي كزعيمة لحزب المحافظين"، موضحة أنها باقية في ممارسة مهامها حتى الأسبوع المقبل، حيث ستكون هناك انتخابات لاختيار زعيم جديد للمحافظين.
Liz Truss resigns as UK prime minister, Ukrainians are conserving electricity to try to ease pressure on the grid, Trump's family company set to face a criminal trial on tax fraud charges, and more. 5⃣ stories you need to know pic.twitter.com/Dk4j0UFKu2
— Reuters (@Reuters) October 20, 2022
ما بعد تراس
وفي الصدد، قال غراهام برادي، رئيس "لجنة 1922" المؤثرة التي تضم عددا من نواب مجلس العموم البارزين: "سيكون من الممكن إجراء اقتراع واستكمال انتخابات القيادة بحلول يوم الجمعة 28 أكتوبر/ تشرين الأول. لذا سيكون لدينا زعيم جديد في المنصب قبل البيان المالي في الحادي والثلاثين منه (أكتوبر)".
وأضاف أن اجتماعات عديدة من المتوقع أن تجمعه بمسؤولين في اللجنة وفي مجلس الحزب، لتحديد كيفية إجراء الاقتراع بحلول نهاية الأسبوع المقبل. وليست آلية الترشّح واضحة بعد ولا كيفية التصويت، إلا أن بعض أعضاء الحزب المتشدّدين بدأوا بالمطالبة على صفحات التواصل الاجتماعي بعودة زعيمهم السابق بوريس جونسون، هذا إضافة إلى تداول اسم المرشّح السابق وزير المالية المستقيل ريشي سوناك.
يُذكر أن الاستراتيجية الاقتصادية التي طرحها سوناك خلال الحملة الانتخابية للظفر بزعامة المحافظين والتي اقترح أن تكون الأولوية لمواجهة التضخم قبل تخفيض الضرائب، هي الاستراتيجية ذاتها التي عارضتها تراس بشدّة قبل فوزها في السباق، وهي نفسها التي دافعت عنها لاحقاً عندما تبنّاها مستشارها الجديد جيرمي هانت والذي عيّنته بدلاً من صديقها كواسي كوارتنغ في محاولة أخيرة لإنقاذ الاقتصاد، وإنقاذ منصبها ومستقبل الحزب السياسي.
إلا أن تعيين هانت جاء بعد فوات الأوان، حيث إن الأسواق كانت غارقة في التخبّط والتضخّم، إضافة إلى افتقار الحكومة إلى أي خطط لمواجهة فواتير الطاقة المرتفعة وأزمة غلاء المعيشة التي غاب الحديث عنها خلال الأسابيع الماضية واختفت عن جدول أعمال الحكومة. وكانت تراس مشغولة خلال الأسابيع الماضية بلملمة الخسائر وبإجراء تعديلات كبيرة على رؤيتها الاقتصادية والسياسية، ما دفع مؤيّديها قبل معارضيها لتوجيه الانتقادات لعجزها عن تلبية ما يرنو إليه الناخبون، والتقلب في وعودها ومواقفها.
يُذكر أيضاً أن البلاد تعيش ما يشبه الفراغ السياسي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حيث استغرق السباق إلى زعامة الحزب بعد استقالة بوريس جونسون، ما يقارب الشهرين، ثم تعطّلت أعمال الحكومة والبرلمان بسبب وفاة الملكة إليزابيث الثانية بعد أيام قليلة على فوز ليز تراس ودخول البلاد في حداد رسمي شلّ الحياة تماماً. وما إن بدأت تراس مهامها فعلياً، حتى ظهرت التداعيات الاقتصادية والسياسية والحزبية ما عطّل عمل الحكومة والخطط التي وعدت بها في حملتها الانتخابية بينما يترقّب ملايين الناخبين قدوم الشتاء وصعود فواتير الطاقة إلى مستويات مرهقة وغلاء المعيشة وتردّي القطاع الصحي والخدمات العامة وارتفاع معدل الضريبة والفائدة والتضخّم.
موسكو: "بريطانيا لم يسبق أن شهدت مثل هذا العار"
وتعليقا على استقالة تراس، سخرت الدبلوماسية الروسية من ذلك، وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على "تليغرام" أن "بريطانيا لم يسبق أن شهدت مثل هذا العار الذي تسبب به رئيس للوزراء". وأضافت: "سنتذكر خوذة على دبابة وجهلا كارثيا وجنازة الملكة فورا بعد لقائها ليز تراس".
وكانت المتحدثة تشير الى صورة لليز تراس نشرت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني وأظهرتها على متن دبابة للجيش البريطاني في إستونيا تعتمر خوذة. وكانت لا تزال وزيرة للخارجية.
وكانت تراس تفقدت قوات بريطانية في ذروة توتر بين موسكو والغرب قبل بضعة أسابيع من الهجوم الروسي على أوكرانيا، والذي أدى إلى تدهور تاريخي للعلاقات بين لندن وموسكو.
وبعد تعيينها بداية سبتمبر/أيلول، التقت تراس الملكة إليزابيث الثانية قبل يومين فقط من وفاتها.
في المقابل، قال كبير موظفي البيت الأبيض رون كلاين إن الولايات المتحدة ستكون على علاقة وثيقة مع من سيحل محل رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة.
وأضاف كلاين، في مقابلة مع قناة "إم.إس.إن.بي.سي"، أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيصدر بيانا في وقت لاحق اليوم الخميس.
وكان الأسبوع الماضي حاسماً بالنسبة إلى تراس وسط أزمة اقتصادية عاصفة، حيث اتهمت منذ الأسبوعين الأولين من وصولها إلى "داونينغ ستريت" بعدم الالتزام بالاستراتيجية الاقتصادية التي وعدت بها خلال حملتها الانتخابية، ما تسبّب بارتفاع معدّل التضخّم، وهبوط قيمة العملة المحلية إلى مستويات قياسية.
وكانت أبرز التحولات والتخبطات في سياسة تراس خلال الأسابيع الستة الماضية، هي الاستغناء عن صديقها المستشار كواسي كوارتنغ وتعيين جيرمي هانت وزيراً للمالية. وآخر تلك الإحباطات كانت استقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان مساء البارحة، وتعيين وزير النقل السابق غرانت شابس وزيراً للداخلية، وهو المتهم قبل سنوات بالتحايل على القانون وبالحصول على معاش ثانٍ من عمل خاص باسم مستعار.
يُذكر أن وزير المالية السابق، ريشي سوناك، هو من أبرز المرشّحين لتولّي المنصب على الرغم من "الطعنة" التي وجّهها للزعيم السابق بوريس جونسون، هذا إضافة إلى المستشار الحالي جيرمي هانت ورئيسة مجلس العموم بيني موردونت.