رؤية "مئوية تركيا"... خريطة طريق شاملة للمستقبل

28 أكتوبر 2022
تشمل الرؤية قطاعات عديدة بينها السياحة (Getty)
+ الخط -

من المقرر أن يعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، رؤية "المئوية التركية"، بمناسبة الذكرى الـ99 لتأسيس الجمهورية الموافق غداً السبت، بحضور واسع من الأحزاب السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني والطوائف والأقليات والقوميات في البلاد، وسط اعتقاد بأنها ستكون خريطة طريق جديدة للجمهورية التركية. 

وأعدت الحكومة التركية الرؤية الجديدة قبل عام من احتفالات البلاد بالذكرى السنوية المئة على تأسيس الجمهورية التركية الحديثة. وسيتحدث أردوغان اليوم في صالة رياضية بالعاصمة أنقرة بحضور جماهيري مكثف، وتتضمن الرؤية ملامح المئوية الجديدة للبلاد والمشاريع والأهداف، وملخص 20 عاماً من حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد.

رؤية مئوية تركيا

وتشمل الرؤية قطاعات عديدة سيتم التطرق إليها في الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والصناعة والزراعة والسياحة والخطوات المتعلقة بها، وعلى الرغم من أن الحديث يشمل قطاعات كثيرة، إلا ان التركيز سيكون على القطاع العسكري والصناعات الدفاعية والاقتصاد.

ويأتي الإعلان عن الرؤية مع اشتداد الدعاية الانتخابية للحزب قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو/حزيران المقبل. وسعى الحزب الحاكم للتأكيد أن الرؤية تخص النظرة للجمهورية التركية، ولهذا تمت دعوة 11 حزباً سياسياً من بينها كبرى أحزاب المعارضة باستثناء 3 أحزاب.

ودُعيت أحزاب التحالف الجمهوري الحاكم، وحزب الحركة القومية، وحزب الوحدة الكبرى، ومن المعارضة دعي حزب الشعب الجمهوري، والحزب الجيد، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي، وحزب هدى، وحزب الوطن، وغيرها، فيما تم استثناء حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، لاتهامه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الانفصالي، وحزبي المستقبل ودواء المنشقين من حزب العدالة والتنمية.


بكير أتاجان: يجب أن تكون الرؤية نواة الدولة التركية العادلة الجديدة

وكان أردوغان قد أفاد في تصريح سابق بأن "المئوية التركية أكبر ميراث للبلاد وتم الإعداد للرؤية منذ أشهر، وتشمل تصميم وهندسة مستقبل البلاد"، وسيكون متحدثاً وحيداً. ومن المرتقب حضور رياضيين وفنانين ومسؤولي الأوقاف والجمعيات التي تمثل كافة القطاعات ورجال الأعمال والصناعة، والصحافيين المحسوبين على المعارضة، وممثلي بعثات دبلوماسية وأكاديميين ومشاهير.

وبحسب برنامج الفعالية، فإن الوزراء وأعضاء حزب العدالة والتنمية سيجلسون بجانب الحضور، فيما سيجلس المدعوون من بقية الأحزاب السياسية وممثلي منظمات المجتمع المدني في مكان خاص على المدرجات، من دون أن يكون هناك مكان مخصص للبروتوكول.

وأعدت الرئاسة شعاراً خاصاً يضم الهلال وحوله مئة ضوء تمثل المئوية بألوان الشمس. ونشرت الرئاسة التركية عشية الإعلان، دعاية عن إعلان الرؤية يتضمن فيلماً يحكي قصة الصناعات الدفاعية التركية التي بدأت قبل مئة عام وتوقفت بسبب الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، بالإضافة إلى عرض نبذة عن شاكر زمرة، الذي كلفه مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، بتأسيس الصناعات الدفاعية.

أما في ما يتعلق بمضمون كلمة أردوغان والمواضيع التي سيتطرق لها، فقد علمت "العربي الجديد"، أنها ستركز على "فكرة المئوية الجديدة التي تنطلق من مكتسبات تركيا، خصوصاً في مجال الصناعات الدفاعية والتقنيات والمسيرات، والاكتشافات في مجال الغاز الطبيعي ومواصلة جهود الاكتشاف شرقي المتوسط، والحملات الدبلوماسية، والعلاقات الدولية، والمشاريع المستقبلية.

ومن المقرر أن يكون الشعار الذي سيركز عليه هو الأمل والمستقبل المشترك والعيش المشترك والتبعية الجماعية لهذه المئوية.

ومن المقرر أيضاً بحسب معلومات "العربي الجديد" أن يستخدم أردوغان لغة محتضنة للجميع وليس فقط لأنصار حزبه، ومنح آمال تتعلق بالمستقبل والهدف إنشاء تركيا المستقلة بشكل كامل من ناحية الصناعات الدفاعية والصناعة والعلوم، والدعوة للعمل المشترك، والتأكيد على الجمهورية التركية ومبادئها ومكتسباتها.

وهو ما أشار إليه أردوغان قبل سنوات طويلة لأهمية عام 2023 للجمهورية التركية ومسيرة الحزب، ويريد تقديم شيء للشارع التركي قبيل الانتخابات المقبلة".

وبالنسبة إلى المعارضة التركية، فإنها لم تبدِ موقفاً واضحاً من الدعوة حتى الآن، ولم تعلق وسائل الإعلام المعارضة لها. ومن الواضح أنها تريد معرفة مضمون الرؤية قبل التعليق عليها، من دون استبعاد أوساط منها في حديث مع "العربي الجديد" إمكانية استغلال المناسبة من قبل أردوغان والحزب الحاكم للدعاية الانتخابية.

نظرة جديدة عسكرية واقتصادية وسياسية

وحول المناسبة وارتداداتها، اعتبر عضو حزب العدالة والتنمية الحاكم بكير أتاجان، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "أردوغان ينظر إلى هذه الرؤية المئوية لتركيا بأنها تغيير مباشر، ليس فقط من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية، بل ينظر إلى التغيرات التي ستكون في العالم وما نصيب تركيا منها، لأن ستكون من رواد هذا النظام العالمي الجديد".


يوسف سعيد أوغلو: الأحكام المسبقة تدل على أن أردوغان يعدّ لمرحلة ما قبل الانتخابات

وأضاف أتاجان: "تركيا ستتحول من دولة إقليمية إلى دولة وقوة عالمية، وسيتم شرح هذه القوة العالمية الجديدة للعالم وللشعب التركي والمدعوين ومشاركة ذلك مع المجتمع التركي بجميع أطيافه، لمعرفة ماذا ستفعل تركيا في الـ100 عام المقبلة من ناحية الأهداف والرؤى".

وأشار إلى أن الأمر متعلق "خصوصاً من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، كي تكون تركيا شريكاً عالمياً تنادي بالعدالة والحرية في هذا النظام العالمي الجديد، وعلى أي مستوى سواء العسكري أو الاقتصادي أو السياسي، وتعلن ذلك للشعب التركي بجميع مكوناته، وتشارك المعارضة بجميع أطيافها من أحزاب وتجمعات وصحافيين واقتصاديين وسياسيين وعسكريين ومنظمات مجتمع مدني".

وختم أتاجان بالقول: "في حال انتهاء الفترة التي يحكم بها أردوغان، يجب أن تكون الرؤية هذه نواة ونظاما وقوانين وأسسا جديدة في الدولة التركية العادلة الجديدة، التي تتحول إلى قوة عالمية خلال فترة قصيرة في الأشهر المقبلة، وربما بعد الانتخابات ستعلن رسمياً أنها تحولت. غير أن إعلان الرؤية المئوية في هذا التاريخ جاء لأن اليوم التالي هو بداية المئوية الجديدة، وبالتالي هو مجرد إعلان الجمهورية التركية الجديدة".

من ناحيته، قال الصحافي يوسف سعيد أوغلو في حديثٍ مع "العربي الجديد"، معلقاً على الرؤية إن "الأحكام المسبقة على الصعيد الرسمي والشعبي تدل على أن الرؤية مجرد محطة لإعلان حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان لخريطة طريق مرحلة ما قبل الانتخابات، للظهور بشكل أكثر وطنية وقرباً من الشارع التركي".

وأوضح: "لم يقدم أحد مقاربات حتى الآن عن الرؤية لأنه لم يعلن عنها، ومن المؤكد أن المواقف تتبلور أكثر بعد الإعلان، لأن هذا الموضوع بنهاية المطاف لا يشبه التعديلات الدستورية أو المواضيع المتعلقة بإدارة الدولة، التي ربما يكون لأطياف سياسية ومجتمعية مواقف منها، ولكن الكشف عن كافة التفاصيل المتعلقة بالرؤية ستؤدي حتماً لتفهّمها في حال كانت موضوعية وليست مليئة بالدعاية والتحيز لحزب العدالة والتنمية".

وقال سعيد أوغلو: "نأمل أن تكون الرؤية بالفعل شاملة ومؤسسة للقرن الجديد لتركيا في ظل أزمات وتحديات محلية وإقليمية ودولية، وأن تكون الأهداف محصورة بالدولة والشعب فقط، من دون أن تكون ذات مصالح حزبية آنية".