دوافع وخلفيات تورط مغاربة في الإرهاب الأوروبي

01 ابريل 2018
من هجوم "داعش" الأخير في فرنسا (إيريك كبانيس/فرانس برس)
+ الخط -

بات تورط متطرفين من أصول مغربية في أحداث إرهابية دامية ومتوالية شهدها عدد من البلدان الأوروبية، ظاهرة لافتة ومثيرة للجدل، خصوصاً في فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وغيرها، باسم تنظيم "داعش". آخر المغاربة المتورطين في أحداث إرهابية بالقارة العجوز رضوان لقديم، الذي أجهز على ثلاثة أشخاص قبل أيام خلت في جنوب فرنسا، فتبين أنه من جنود "داعش" الذي تبنّى هذه العملية، كما اعتُقل أخيراً مغربي في إيطاليا بسبب علاقته بالتنظيم.

وقبل فرنسا وإيطاليا، تورط متطرفون من أصول مغربية في هجمات دموية أكثر خطورة في عدد من بلدان أوروبا، لعل أبرزها أحداث باريس التي تورط فيها البلجيكي ذو الأصول المغربية حميد أبو عود وزميله المغربي صلاح عبد السلام الذي مازال في طور المحاكمة في بلجيكا، كما تورّط مهاجرون من أصول مغربية في أحداث إرهابية شهدتها إسبانيا.

واللافت في أغلب مسارات حياة المغاربة المنضمين إلى "داعش" في بلدان أوروبية عديدة، أنهم كانوا يعيشون حياة غير متشددة، وبعضهم كانت لهم سوابق في مجال الجريمة وترويج المخدرات، قبل أن يتحولوا بصورة راديكالية إلى ضفة التطرف الديني ويتمسكوا بأهداب التنظيم.

في هذا الصدد، قال المحلل محمد عصام لعروسي إن "إقدام ذوي أصول مغربية محسوبين على داعش لارتكاب معظم الهجمات الإرهابية، خصوصاً في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وألمانيا، دليل على انتفاء الحدود بين المنظمات الإرهابية التي تلجأ للعنف لمحاربة الكيانات الدولية باسم الإيديولوجيا، والعصابات الإجرامية العاملة في مجال الجريمة المنظمة وتجارة البشر وتجارة المخدرات".

وأفاد لعروسي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "كل المتورطين في هذه العمليات لهم سوابق قضائية في مجال الجريمة"، مشدداً على "سهولة انتقال هؤلاء بفضل تأطير وتوجيه الحركات المتطرفة من مجال الجريمة الصرف إلى عصابات وجماعات التطرف، وتوظيف الإمكانيات الذاتية الإجرامية في القتل والانتقام".



وعزا المحلل هذه الظاهرة إلى عوامل رئيسية وحاسمة، أولها أن "العديد من الجماعات الإرهابية لا تمانع في انضمام أصحاب السوابق الجنائية إلى تنظيم داعش، لكونها تعتبر أن ذوي السوابق لديهم من الخبرة والتجربة ما يفيدان التنظيم. كما أن هذه الجرائم كتجارة المخدرات وسرقة الآثار، ونهب ثروات الدول والقتل، كلها أمور مشروعة في مواجهة الطواغيت أو الكفار حسب الإيديولوجيا الداعشية".

ولفت لعروسي إلى أن "تنظيم طالبان أجاز المتاجرة في المخدرات شرعاً، واعتبر الأمر جهاداً بوسائل أخرى، وعندما تم اعتقال المدعو نور الدين عبد الله سنة 2015 من طرف السلطات البريطانية لنشره محتوى يمجد وينشر الدعاية الداعشية على العديد من المواقع الإلكترونية، تم حجز كمية من مخدر الكوكايين وجدت لديه أثناء تفتيش منزله".

وتابع المحلل أن "العامل الثاني، هو أن معظم الإرهابيين من أصول مغاربية ومن الجيل الثالث هم من أصحاب السوابق القضائية، بالنظر إلى كونهم يعيشون في الأحياء الهامشية لكبريات المدن، وغير مندمجين في المجتمعات الأوروبية، ما دفعهم إلى حمل خلط هوياتي واضح".

وتابع موضحاً إن "انضمام هؤلاء للجماعات الإرهابية لا يكون عادة لاعتبارات إيديولوجية وأخلاقية، وإنما للبحث عن مواقع وأدوار لتعويض الإخفاق الاجتماعي والنفسي في دول الاستقبال، وأيضاً الاستفادة المادية مما تخوله هذه الجماعات من إغراءات مادية كتنظيم داعش الذي كان يعطي أموالاً سخية للمقاتلين في صفوفه".



وكانت دراسة أنجزها أوليفييه روا حول "الجهاديين" في فرنسا ما بين سنتي 1994 و2016 قد كشفت أن "50 في المائة منهم مهمشون ولهم سوابق إجرامية"، في الوقت الذي ما زالت تتناسل العديد من الدراسات حول طبيعة هذا التلازم بين الجريمة المنظمة والتطرف الديني.

العامل الثالث حدده لعروسي في "كون أصحاب السوابق والمجرمين عموماً لديهم العديد من المهارات والتجارب يسهل توظيفها لصالح الجماعات الإرهابية، من قبيل سهولة استخدام الأسلحة وتزوير الوثائق والمستندات، والتوفر على الاستعداد السيكولوجي للتعاطي مع الجريمة واستئناسهم بالعنف".

في هذا السياق، أردف لعروسي أنه "توفر لتنظيم القاعدة على سبيل المثال العديد من المتطرفين هم بمثابة خبراء في صنع القنابل اليدوية والتقليدية الصنع، وقنّاصة يجيدون استعمال الأسلحة الخفيفة ولديهم مهارات وتقنيات حرب العصابات".

أما العامل الرابع فهو "ربط التطرف بالجريمة عند الدواعش المغاربة في أوروبا"، ولخّصه في "كون السجون باتت أيضاً أماكن مناسبة لتقاطع الجريمة مع التطرف والإرهاب، وأكدت العديد من الدراسات أن الكثير من المجرمين في أوروبا وحتى في المغرب العربي كانوا ضحية غسيل دماغ من قبل بعض المعتقلين على خلفية الأعمال الإرهابية".

واسترسل المتحدث "لهذا يسهل المرور من الجريمة المنظمة إلى الجماعة الإرهابية التي تقتل وتدمر باسم الدين والمعتقد، فيجد المجرمون تبريراً شرعياً لكل أعمالهم الإجرامية وتصبح في حكم الجائز، طالما يتم تكفير كل المجتمعات المخالفة لفكرهم وتوجهاتهم المتطرفة".

وحدد لعروسي عاملاً خامساً تجسّد في "توظيف أموال الجريمة المنظمة لدعم الجماعات الإرهابية، خصوصاً أن هذه التنظيمات وعلى رأسها تنظيم داعش تستحوذ على إمكانيات مالية ضخمة تستخلصها من العمليات الإجرامية التي تقوم بها، كالسرقة والنهب والفدية والسطو على الممتلكات والاتجار في المخدرات".