أحيا التونسيون، اليوم السبت، الذكرى الـ65 للاستقلال (العيد الوطني) في غياب مظاهر الاحتفال بسبب جائحة كورونا من ناحية، وبسبب الأمطار المستمرة منذ يومين على مختلف مناطق البلاد.
وغابت الاحتفالات التي تعود عليها التونسيون، رسمياً وشعبياً، ولم يشهد شارع بورقيبة وسط العاصمة تونس مظاهر الاحتفالات التي دأب عليها في مثل هذا اليوم من كل عام.
في المقابل، تجمع العشرات من المواطنين القادمين من مدن عديدة أمام المسرح البلدي، في وقفة مساندة للرئيس التونسي قيس سعيد، وهي أول تحرك من نوعه ينظمه مساندوه وسط العاصمة، بما يمثل بداية إظهار للدعم الشعبي لسعيد ومشروعه السياسي، وطالب المحتجون بحل البرلمان واستقالة حكومة هشام المشيشي ومحاسبة الأحزاب السياسية التي تجاوزت القانون.
وحملت اللافتات التي رفعها المحتجون بعض الشعارات التي تمثل بعض الأفكار التي كان نادى بها سعيد أثناء حملته الانتخابية، مثل تركيز الحكم الشعبي وتفعيل الفصل 80 من الدستور وحل البرلمان. وكان سعيد اختار أن يذهب ليلة أمس إلى أحد السجون التونسية ويتعهد بالعفو عن الشباب الذين تم القبض عليهم في الاحتجاجات الليلية الماضية.
المشيشي يدعو لتوحيد الصف
ومن المنستير وسط تونس، توجه رئيس الحكومة، هشام المشيشي، إلى ضريح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، الذي يعتبر رمزاً للاستقلال، معتبرا أنّ هذا العيد هو فرصة لاسترجاع معاني دولة الاستقلال وخدمة الوطن والوحدة الوطنية واسترجاع نضالات أبناء تونس لبناء مشروع الدولة المدنية".
وشدّد المشيشي، في تصريحات صحافية، على "ضرورة توحيد الصفوف لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية واحتراما لنضالات الآباء والأجداد، والابتعاد عن سياسة التخوين والتفرقة وإعادة بناء جسور الثقة بين كل التونسيين".
وأضاف: "أنا على يقين بأنّ الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة ستعمل على حلحلة هذه الأزمة. مؤسسات الدولة التي انخرطت في مسار التعطيل، لكن حان الوقت لأنّ الاستحقالات لم تعد تنتظر محافظة على هذا الاستقلال''.
حزبياً، طغت دعوات الحوار على أغلب المواقف والتصريحات، حيث دعا حزب "قلب تونس" (داعم للحكومة) جميع الأطراف، إلى "تغليب منهج توحيد الجهود وتجميع الطاقات واتخاذ الحوار أسلوبا وحيدا لحلّ النزاعات ومعالجة الأزمة الخطيرة متعدّدة المظاهر التي تعيشها تونس والانصراف إلى مواصلة بناء الدولة الوطنيّة والرفع من شأنها عبر الانكباب على مكافحة الفقر وتحقيق الاكتفاء الغذائي والاستقلال الاقتصادي والنأي ببلادنا عن سياسة التبعية والمحاور".
ومن مدينة قفصة في الجنوب، وفي اجتماع شعبي، دعا الأمين العام لحركة الشعب (معارضة) زهير المغزاوي، رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى "تحمّل مسؤولياته كاملة في إنقاذ البلاد"، مضيفاً، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية: "نحن نبحث عن المشترك مع الرّئيس ومع كلّ القوى التي تريد أن تدفع بتونس نحو المستقبل على قاعدة مشروع سيادي وطني يخدم فقط مصلحة تونس".
واعتبر المغزاوي "أن حزبهم ليس حزب الرّئيس، لكنّهم يلتقون معه في عديد النقاط، مؤكّداً أن حركة الشعب تخوض اليوم معركة إنقاذ البلاد وأن أياديهم ممدودة من أجل الشراكة والحوار مع الجميع، ولكن على قاعدة "مشروع له أبعاد سيادية ووطنية واجتماعية"، على حد قوله.
وأضاف أن حزبه "يُريد حوارا يُصالح الطبقة السياسية المعزولة عن شعبها مع تونس وشعبها، ويُؤسّس لمشروع وطني حول كلّ القضايا الوطنية، ولا يريد ما وصفه بـحوار الصفقات واقتسام الغنائم والسُّلطة بين المُتحاورين".
وتميز الاحتفال هذا العام بنشر قائمة شهداء وجرحى الثورة التونسية بعد عشر سنوات من الانتظار، واعتبر رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، توفيق بودربالة أن "نشر القائمة النهائية لشهداء الثورة ومصابيها بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية للدولة) هو "اعتراف رسمي من الدولة بشهداء الثورة ومصابيها" ورد اعتبار لهم، إلى جانب أنه احترام للقانون وتطبيقه، لاسيما أن هذا النشر جاء بعد تأخير كبير".
ونقلت وكالة "تونس أفريقيا للأنباء" عن بودربالة قوله: "هذا الاعتراف له أكثر من دلالة، حيث يجعل شهداء ثورة الكرامة في مصاف شهداء تونس السابقين، والمرسوم عدد 97 لسنة 2011 المتعلق بالتعويض لشهداء ثورة الحرية والكرامة ومصابيها، ينص على أن تشيّد الدولة معلماً لتخليد ذكرى "ثورة الحرية والكرامة" يتضمن قائمة لشهداء الثورة، شهداء الوطن، وأن تتولى الدولة إنشاء متحف خاص بالثورة، تأميناً للذاكرة الوطنية، وإطلاق أسماء الشهداء إلى الأنهج والشوارع والساحات العامة".