حذّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من ذرائع إسرائيلية لتبرير "عدوان مخطط له ضد العراق"، موجهاً باتخاذ الاستعدادات الأمنية اللازمة تحسباً لأي هجوم محتمل. يأتي ذلك بعد ساعات من رسالة لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بعثها، أمس الثلاثاء، إلى رئيس مجلس الأمن، حثّه فيها على اتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط "المليشيات الموالية لإيران في العراق"، التي تهاجم إسرائيل، محمّلاً الحكومة العراقية المسؤولية عن كل ما يحدث على أراضيها، وأنّ لـ"إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها".
على إثر ذلك، ترأس السوداني اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، وأصدر عدة توجيهات، فيما اعتبر الاجتماع أنّ شكوى الاحتلال الإسرائيلي ضد العراق تهدف إلى "تبرير عدوان مخطط له ضد العراق".
ووفقاً لبيان صدر عقب الاجتماع للمتحدث العسكري باسم السوداني، اللواء يحيى رسول، فإنّ "الاجتماع بحث تطورات الأوضاع الأمنية على المستوى الإقليمي والدولي"، مبيناً أنّ "المجلس الوزاري للأمن الوطني أكد رفض العراق بشكل قاطع الشكوى الصادرة عن سلطات الكيان الصهيوني والموجهة ضد العراق، وأن هذه الاتهامات لا تعدو كونها ذرائع تهدف إلى تبرير عدوان مخطط له ضد العراق من قبل تلك السلطات، في إطار خطوة جديدة تهدف إلى توسيع رقعة الصراع الإقليمي".
وأكد المجلس أنّ "قرار السلم والحرب من اختصاص الحكومة العراقية وحدها، وأنها مستمرة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشن أي هجوم، وقد أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدّة للإطلاق، وتلاحق قانونياً كل من يشترك في هكذا أنشطة تهدد أمن العراق وسلامة أراضيه".
وأضاف أنّ "للعراق دوراً أساسياً في الوقوف إلى جانب أشقائه من الدول المعتدى عليها، ضمن الواجب الشرعي والأخلاقي في تقديم الدعم الإنساني والسياسي والقانوني، والعمل على كبح جماح سلطات الكيان المحتل، ووقف العدوان عبر الجهود الدولية، إزاء استمرار سلطات الكيان في انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي، الداعية إلى احترام سيادة الدول والالتزام بالقانون الدولي ووقف الأنشطة الحربية".
وأشار إلى أن "المزاعم الأخيرة لسلطات الكيان وأفعالها تعد تصعيداً خطيراً، ومحاولة للتلاعب بالرأي العام الدولي لتبرير العدوان، وتقويض الجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام والأمن". وشدد على التزام العراق بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وإدانته بشدة "تهديدات سلطات الكيان، التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة"، داعياً "جميع الأطراف الفاعلة إلى رفض التصعيد، وإعطاء الأولوية للحوار والالتزام بمبادئ القانون الدولي".
إجراءات أمنية احترازية في العراق
ميدانياً، وجّه السوداني باتخاذ إجراءات أمنية، منها "قيام الجيش والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة، وأن تفعل وزارة الداخلية التوجيهات الصادرة عن الاجتماعات السابقة، وإعداد خطط للطوارئ تتناسب مع حجم التهديد، وتأمين الاحتياطات الكاملة للمتطلبات الأمنية".
وأكد على "تعزيز الحدود العراقية الغربية، بالانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة، والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال"، داعياً قيادة الدفاع الجوي إلى "تأمين متطلبات الحماية الجوية لسماء العراق، وللأهداف الحيوية والفعّالة والمهمة داخلياً".
وحمّل القيادات الميدانية "المسؤولية عن أي خرق أمني ضمن قاطع المسؤولية يمكن أن يعرّض أمن البلد للخطر"، موجها الأجهزة الاستخبارية بـ"تحليل ورصد ومتابعة أي نشاط جوي معاد، أو استهداف أرض وملاحقة مطلقيه، وتقديم التقارير الاستخبارية الفورية عن كل ما يقع ضمن عملها وتخصصها الاستخباري".
تحرك سياسي
إلى ذلك، وجّه المجلس الوزاري للأمن الوطني، وزارة الخارجية العراقية بـ"متابعة الملف في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، لحفظ حقوق العراق، وردع تهديدات الكيان العدوانية". ودعا المجلس، جامعة الدول العربية، إلى "اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك"، مطالباً مجلس الأمن بـ"النظر في الشكاوى المقدمة من العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي".
وأضاف "تم أيضاً إصدار قرار تحت الفصل السابع لوقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء المنطقة، والتحرك بحزم لوقف الأعمال العدائية، ومنع أي طرف من شن أعمال عدوانية أو تبريرها عبر اتهامات واهية". وقال المجلس إن "الولايات المتحدة تعمل مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي، على اتخاذ خطوات فعالة لردع سلطات الكيان المحتل"، مضيفاً: "كما يدعو التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب".
وكانت مصادر سياسية عراقية قد كشفت أخيرا عن ضغوط أميركية على إسرائيل لمنعها من تنفيذ أي هجوم على العراق، وقال عضو بارز بلجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ واشنطن تتعامل مع العراق بوصفه حالة خاصة في دائرة الحرب الحالية وتسعى لمنع أي هجوم إسرائيلي تجاهه، خاصة أن واشنطن تمتلك وجوداً عسكرياً فيه.
وشهدت بغداد، الأسبوع الماضي، سلسلة اجتماعات سياسية وحكومية مع قيادات عسكرية وأمنية ركزت على التطورات في المنطقة وأهمية تجنيب العراق أي حرب أو عدوان إسرائيلي. كما عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي اجتماعاً ترأسه السوداني، بمشاركة وزراء الأمن والدفاع والأمن القومي ورئيس أركان الجيش وجهاز الأمن الوطني وقيادات عسكرية مختلفة، واستمر عدة ساعات لبحث الملف.
وتواصل جماعة المقاومة الإسلامية في العراق، الهجمات على أهداف إسرائيلية بواسطة الطائرات المسيّرة المفخخة وصواريخ كروز مطورة تحمل اسم "الأرقب" ويصل مداها إلى نحو 800 كيلومتر ومزودة برأس حربي متفجر طورته مصانع تلك الفصائل، خلال السنوات الماضية.