دعم مؤسساتي وسياسي لعرب 48 في مواجهة الأسرلة

01 نوفمبر 2020
تظاهرة إحياء للذكرى العشرين لهبة أكتوبر (Getty)
+ الخط -

بداية اعتقد أن من الأهمية بمكان تحديد المصطلحات والتأكيد على أن إخواننا "عرب 48" "قاموا ويقومون بعمل وجهد كبير متعدد الأبعاد والمستويات من أجل الاحتفاظ بهويتهم الوطنية الفلسطينية والقومية العربية في مواجهة الأسرلة، الهادفة إلى تطويعهم وتدجينهم في بوتقة الصهر الصهيونية. ومن هنا أعتقد أيضاً وبتواضع أنهم لا يحتاجون إلى نصائح منا كونهم يمتلكون خبرات كبيرة، وأطيافا فكرية سياسية وحزبية متنوعة وثرية، وبالتالي هم بحاجة أكثر إلى دعمنا ومساعدتنا في معركتهم الطويلة والممتدة مع الأسرلة، وبالتأكيد فإن العبء الأهم والأكبر يقع على عاتق الفلسطينيين، ومن خلالهم العرب والمسلمون طبعاً ومناصرو قضيتنا الفلسطينية العادلة بشكل عام.

ضمن تحديد المفاهيم والمصطلحات نتحدث عن إخواننا وأهلنا في الأراضي المحتلة عام 48 هم ليسوا عرب إسرائيل بأي حال من الأحوال لأن عرب إسرائيل الحقيقيين هم من قدموا لها الانتصارات العسكرية والسياسية السهلة على طبق من ذهب، ومن اعتبروا السلام خيارا استراتيجيا مع كيان عنصري استعماري، ومن يلهثون ويركضون الآن مستسلمين نحو التطبيع، بل والأسرلة الفعلية عبر التبني الكامل للرواية الصهيونية الاستعمارية بأبعادها الدينية والتاريخية المفبركة والمصطنعة.

وعموماً يبدو مصطلح "عرب 48" مختصرا مناسبا ومعبرا يحمل مدلولات سياسية وجغرافية وجيو سياسية هم العرب الفلسطينيون الصامدون في الأراضي المحتلة عام 1948 في مواجهة الحكم العسكري والأسرلة والتمييز العنصري المؤسساتي بحقهم من قبل الدولة العبرية، كما إخوانهم الصامدون في الأراضي المحتلة عام 1967 الذين يواجهون الفصل العنصري والسياسات الاستعمارية بحقهم.

في هذا الجانب لا شك أن "عرب 48" هم سبب مركزي أو أحد الأسباب المركزية لبقاء القضية الفلسطينية حية عصية على التصفية والإلغاء، ومنع انتصار المشروع الصهيوني أو فرض الاستسلام علينا كفلسطينيين، ولا بأس من التذكير بدورهم في دعم إخوانهم بالأراضي المحتلة عام 1967 في انتفاضتي الحجارة 1987 والأقصى 2000، كما قيادة وحتى تقدم الصفوف في المعركة ضد تهويد الحرم القدسي الشريف ومدينة القدس بشكل عام.

"عرب 48" خاضوا ولعقود المواجهة ضد الأسرلة رفضوا وما زالوا يرفضون الاستسلام صمدوا ولم ينكسروا حتى في مواجهة الحكم العسكري الذى استمر لعقدين تقريباً، ولا شك أنهم يملكون القدرات المناسبة للصمود والمضي قدماً ومؤسساتياً وسياسياً وفي هذا الصدد تمكن الإشارة مثلاً إلى تأسيس لجنة المتابعة العليا التي

تمثل الكيان الجامع لهم ثم تشكيل القائمة العربية المشتركة للمنافسة في الانتخابات الأخيرة، وهي باتت عملياً القوة السياسية الثالثة في إسرائيل والقصة مسألة وقت فقط حتى تصبح الثانية وكل هذا دون تنازل أو قبول بالأسرلة مع تمسك تام بمطالبهم المحقة بالمساواة في أبعادها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وبناء على ما سبق كله بإمكاننا كفلسطينيين مساعدة إخوتنا ودعمهم في معركتهم الطويلة مؤسساتياً وسياسياً أيضاً، والمساعدة المركزية والأهم مؤساتية منظوماتية تتمثل بإعادة بناء منظمة التحرير ككيان مرجعي جامع لكل الفلسطينيين في أماكن تواجدهم المختلفة بما فيهم طبعاً "عرب 48" على أن تضمن المنظمة تمثيلهم ضمن أطرها ومؤسساتها، خاصة الشعبية من أجل تسهيل مهمة الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم.

يفترض أن تساعدهم المنظمة بكل إمكانياتها في معركة الصمود بمواجهة الأسرلة وتكون بمثابة جسر لهم نحو عمقهم العربي الإسلامي دون تطبيع ودون أسرلة عبر توفير المنح والمساعدات الدراسية والتعليمية والصحية لهم، وتسهيل التبادل التجاري والحركة السياحية وتوأمة المدن والبلديات وما إلى ذلك من صلات. وفي هذا الصدد يمكن النظر إلى مشروع استاد الدوحة بمدينة سخنين الصامدة كنموذج للدعم العربي الإسلامي الممكن تعميمه على مجالات ومدن مختلفة.

منظمة التحرير يفترض أن تساعد كذلك في حشد الدعم اللازم لعرب 48 في معركتهم السياسية والإعلامية والقضائية الدولية بمواجهة التمييز العنصري المنهجي - قانون القومية العنصري مثالاً - والضغط متعدد الوسائل من أجل الحصول على حقوق المواطنة الكاملة في دولة كل مواطنيها.

هذا ينقلنا مباشرة إلى الجانب السياسي لمساعدة إخواننا "عرب 48" في مواجهة الأسرلة والمتمثل ببرنامج نضالي وكفاحي سلمي جامع لمنظمة التحرير يستند إلى الشرعية الدولية ومواثيقها، وفي الجوهر منه مقاومة شعبية سلمية للاحتلال الاستعماري الصهيوني وممارساته العنصرية في الأراضي المحتلة عامي 1948 و1967، واستغلال الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية – ضمن حدود حزيران/ يونيو 67 - لمحاسبة إسرائيل وتجريمها على المدى القصير واستراتيجياً وعلى المدى الطويل تبني فكرة الدولة الديمقراطية الواحدة لكل مواطنيها، وهذا سيكون مسوغا مهما لتوحيد النضال وأساليبه بين الفلسطينيين. ومن هذه الزاوية لا شك أن حصول "عرب 48" على حقوق المواطنة الكاملة يشكل انتصاراً في مواجهة الأسرلة وخطوة مهمة في نسف الفكرة أو القاعدة الصهيونية العنصرية الاستعمارية نفسها.

في الأخير يجب التأكيد على أن معركة الشعب الفلسطيني واحدة بغض النظر عن أماكن تواجده الجغرافية المختلفة. ومن هنا أهمية الوحدة المؤسساتية والسياسية والنضالية لهذا الشعب المنبثقة من قيادة مرجعية عليا وبرنامج سياسي واقعي جدي وناجع يتيح الاستفادة من الطاقات والخبرات الهائلة للفلسطينيين، والاقتناع التام بأن صمود وانتصار "عرب 48" في مواجهة الأسرلة يمثل خطوة مهمة ومفصلية على طريق تفكيكك

المشروع الصهيوني العنصري والاستعماري، واستقلال الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره وتجسيد حق عودة اللاجئين وإقامة الدولة الديمقراطية لكل مواطنيها على كامل فلسطين التاريخية، وتطبيق العدالة الانتقالية التي تضمن بالـتأكيد عدم إفلات المجرمين من العقاب.