دستور الملك ظاهر شاه: أوجه التشابه والخلاف مع مع سياسات "طالبان"

28 سبتمبر 2021
كثير من مواد دستور الملك ظاهر شاه تتعارض مع سياسات "طالبان" (Getty)
+ الخط -

أكدت حركة "طالبان"، اليوم الثلاثاء، أنها ستطبق قانون حكومة الملك ظاهر شاه خلال فترة الحكومة المؤقتة، بعد شطب المواد المعارضة للشريعة والدين الإسلامي. 

ويثير هذا الأمر الكثير من التساؤلات، خاصة بعد الاطلاع على دستور حكومة الملك ظاهر شاه، إذ تتعارض الكثير من مواد هذا الدستور مع سياسات "طالبان"، وتحديداً فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالحاكم، وبالمرأة الأفغانية والأقليات كالسيخ والهندوس، كما أن هناك نقاط تشابه بين سياسات "طالبان" الحالية وبين دستور ظاهر شاه.

ماذا ينص دستور الملك ظاهر شاه؟

وطبقاً لدستور الملك ظاهر شاه الذي أقر في عام 1964، فإن رئيس الوزراء هو من يدير شؤون البلاد، وهذا ما يشبه إلى حد كبير مع ما أعلنته "طالبان"، إذ إن زعيم "طالبان" المسمى بأمير المؤمنين له القرار الأخير، ويكون رئيس الوزراء على رأس الحكومة، ما يشير إلى تشابه في هياكل السلطة، رغم أن المفهوم الملكي الموجود في دستور ظاهر شاه مفهوم غربي، طبقاً لـ"طالبان"، بينما مفهوم الإمارة المقر من قبل "طالبان" مفهوم إسلامي.

وينص دستور الملك على توارث السلطة بين أفراد عائلة ملك ظاهر شاه، لكن "طالبان" لا تقول بذلك، بل يتم تعيين زعيم الحركة من خلال التصويت بين أعضاء مجلس الشورى القيادي في الحركة، وهو ما حصل بعد وفاة مؤسس الحركة الملا محمد عمر، وبعد مقتل خلفه الملا أختر منصور، حين تم تعيين الزعيم الحالي الملا هيبت الله آخوندزاده، وبالتالي، يتحتم على "طالبان" إحداث تغييرات جذرية في بنود دستور ظاهر شاه المتعلقة بالحاكم، كما يقول الخبير القانون الأفغاني عبد الكريم حفيظ لـ"العربي الجديد".

ومن النقاط التي تقر بها "طالبان"، وأكدت عليها مراراً أن يكون المذهب الحنفي الفقهي أساساً للفصل في جميع القضايا المتعلقة بالبلاد، إضافة إلى كون الدين الإسلامي هو الديانة الرسمية لأفغانستان، وهذا ما تنص عليه المادة رقم 2 من دستور ظاهر شاه، لكنه في الوقت نفسه ينص في المادة 14 على أن "الملك غير مسؤول ويجب احترامه"، وهذه النقطة تعد مثير للجدل في أفغانستان، حتى قبل وصول "طالبان" للحكم، إذ يعتبرها الكثيرون مخالفة للدين.

ومن النقاط المهمة التي قد تحتاج "طالبان" إلى التعديل فيها أو شطبها قضية الحريات، وتحديداً الحريات العامة ومنها حرية المرأة، والمتعلقة بالأقليات كالسيخ الهندوس، إذ تنص المادة رقم 2 على أن الحرية الدينية حق الجميع، والأقليات غير المسلمة حرة في أداء طقوسها العبادية، كما أن المادة رقم الـ26 تنص على أن الحرية حق للجميع، كما أن المرأة الأفغانية كانت تحظى بحرية كاملة في زمن ظاهر شاه، لكن "طالبان" منذ تأسيسها لا تقر بهذه الحرية وتقول إن الشريعة الإسلامية هي الأساس وهناك حدود للحرية.

موضوع العقوبات العامة التي كانت تفرضها "طالبان" علناً في التسعينيات، ولوح قيادي في "طالبان" وهو الملا نوردين ترابي، في تصريح صحافي له، بعودتها، هي الأخرى من نقاط التباين بين قوانين "طالبان" الحالية وبين دستور ظاهر شاه، إذ ينص دستور الملك على أن أي عقوبة تخالف الكرامة الإنسانية لا تطبق في أفغانستان، وهذا ما جاء في المادة رقم 26 من من دستور ظاهر شاه.

كما أن من النقاط المثيرة موضوع العلم الأفغاني، إذ أقر دستور الملك في المادة رقم 4 أن العلم الأفغاني المكون من ثلاثة ألوان (أحمر وأسود وأخضر) هو العلم الرسمي، لكن "طالبان" رفضت ذلك العلم ورفعت علماً خاصاً بها، وهو الأبيض المكتوب عليه "الشهادتان".

ومن أبرز المآخذ على دستور الملك ظاهر شاه الضغوط الشديد على الأحزاب السياسية، إذ احتوى قيوداً وشروطاً صارمة على أنشطة الأحزاب السياسية المبينة في المادة 34، وهذا ما قد تتوافق معه "طالبان"، لأنه لا يُتوقع منها أيضاً أن تمنح الحرية لنشاط الأحزاب السياسية، لا سيما عند معرفة ممارستها مع الأحزاب في التسعينيات.

في الخلاصة يقع التشابه والاختلاف بين دستور الملك شاه وسياسات "طالبان" في الأمور التالية:

  • رئيس الوزراء في دستور شاه مقابل أمير المؤمنين لدى "طالبان"
  • السلطة وراثية في دستور الملك شاه مقابل اختيار الزعيم أو رأس السلطة من قبل مجلس شورى لدى "طالبان"
  • الإسلام هو الديانة الرسمية لدى الطرفين
  • قضايا الحريات العامة وحرية المعتقدات والأقليات وحرية المرأة منصوص عليها في دستور الملك شاه وغير مكفولة في سياسات "طالبان"
  • اختلاف في العقوبات المنصوص عليها داخل دستور الملك شاه وتلك التي تطبقها "طالبان" منذ التسعينيات
  • العلم الأفغاني أحمر وأسود وأخضر في دستور الملك شاه، ويحمل الشهادتين لدى "طالبان"
  • حرية الأحزاب مكفولة في دستور شاه، ومشكوك بأمرها لدى سياسات "طالبان 

وتعليقاً على إعلان "طالبان" عزمها تطبيق دستور حكومة ظاهر شاه، يقول الخبير القانوني عبد الكريم حفيظ لـ"العربي الجديد" إن "هذا الإعلان مرحب به من قبل الشعب، ولكن المشكلة أن الكثير من سياسات "طالبان" الحالية تتعارض مع هذا الدستور"، لافتاً إلى أن "طالبان" لن تتمكن من تطبيق هذا الدستور، وتحديداً ما يخص قضية الحريات العامة والأقليات ونظام الحكم.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وكانت وزارة العدل الأفغانية قد أعلنت اليوم، في بيان نشر على صفحتها في "فيسبوك"، أن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال المولوي عبد الحكيم شرعي التقى بالسفير الصيني لدى كابول وانغ يو، وهنأ الوزير بالسفير الصيني لدى كابول والوفد المرافق له.

وجاء في البيان أنه، خلال اللقاء، أكد الوزير الأفغاني أن حركة "طالبان" ستطبق في فترة الحكومة المؤقتة قانون حكومة الملك ظاهرة شاه بعد أن تشطب منها البنود والمواد التي تخالف الشريعة الإسلامية.

كما أكد الوزير أن "طالبان" تحترم جميع القوانين الدولية التي لا تخالف الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن أفغانستان تتطلع إلى خلق علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة، كما تطمئن الجميع أنها لن تسمح لأي جهة باستخدام أراضي أفغانستان ضد أي دولة أخرى.

المساهمون