خيارات غير تقليدية لـ"حماس" في محاولة لتجاوز الأزمة المالية

11 فبراير 2019
التضييق على موارد حماس يأتي من جهات عدة(يوسف مسعود/Getty)
+ الخط -


تمرّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأزمة مالية خانقة تعصف بمؤسساتها بشكلٍ لافت، وقد تكون الأصعب منذ تأسيسها قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود، ويتزامن ذلك مع استمرار الحصار السياسي وانسداد أفق الحل مع الاحتلال الإسرائيلي أو حتى إنجاز المصالحة الداخلية مع حركة "فتح". وتتضح معالم هذه الأزمة عبر إغلاق عدد من المؤسسات التابعة للحركة أبوابها وتسريح العاملين فيها أخيراً، إلى جانب تلقي العاملين في مختلف المؤسسات التابعة لها سُلفاً مالية (دفعات) على فترات متباعدة تتراوح ما بين 40 إلى 50 يوماً.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري محمد مرسي عام 2013، بدأت الأزمة تتفاقم شيئاً فشيئاً في مؤسسات الحركة قبل أن تظهر معالمها خلال العام الأخير. وتزامن ذلك مع دعوة أطلقتها "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لـ"حماس" أخيراً، لتلقي التبرعات عبر عملة التداول الإلكترونية "بيتكوين".

وفتحت هذه الدعوة الباب على مصراعيه لمزيد من التوقعات عن طبيعة الأزمة المالية التي وصلت إليها الحركة في القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي ومدى تأثيراتها. ففي الوقت الذي يؤكد فيه قادة الحركة أن "الأزمة المالية تشبه سابقاتها من الأزمات التي مرت بها حماس طوال أعوامها الماضية، وأن أسبابها ناجمة عن إجراءات مشددة اتخذتها الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي لتجفيف منابع التمويل إلى جانب الواقع الإقليمي والصراعات المشتعلة"، يحذّر آخرون من "عدم قدرة حماس على الصمود".

في هذا السياق، يقول القيادي في حركة "حماس" وعضو كتلتها البرلمانية في المجلس التشريعي يحيى موسى لـ "العربي الجديد"، إن "الأزمة المالية التي تمرّ بها الحركة تعود إلى حالة الاشتعال التي يعيشها القُطر العربي والإسلامي في الأعوام الأخيرة". ويوضح أن "الحركة تعتمد على الدعم الشعبي العربي والإسلامي، بالإضافة إلى محبي المقاومة الفلسطينية الخارجيين في تمويلها، في الوقت الذي أسهمت حالة الانشغال في الشؤون الداخلية خصوصاً في المنطقة بالتأثير على مصادر تمويل الحركة".

ويؤكد القيادي في الحركة أن "مصادر تمويل الحركة لا تمرّ ضمن الأطر المصرفية الرسمية الخاضعة لرقابة السلطة الفلسطينية والمصارف الرسمية، إذ تتبع الحركة آليات خاصة ذات طابع سري، لا سيما أن هناك حظرا مصرفيا على أسماء جميع قياداتها".



ويضيف موسى أن "إجراءات السلطة التي اتخذتها عبر النظام المصرفي وسلطة النقد (المصرف المركزي) انعكست سلباً على المؤسسات والدعم المقدم للعمل الخيري المتعلق بكفالات الأيتام والجرحى والشهداء. وهو ما أكد انسجام إجراءات السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية".

ويبين أنه "منذ وصول دونالد ترامب إلى كرسي رئاسة الولايات المتحدة، وهو يعمل ضمن منطق الابتزاز، الذي أسهم في قيام حرب شاملة لا تستهدف حركة حماس فقط، بل تشمل فصائل المقاومة والقضية الفلسطينية كلها".

وعن انعكاسات الأزمة المالية التي تعصف بالحركة على المؤسسات الحكومية بغزة، يشير إلى أن "الشأن العام لن يتأثر كثيراً ولن تتعطل مؤسساته وسيواصل تقديم خدماته، مع الإشارة إلى أن حماس دعمت في السابق الحكومة الفلسطينية".

وفي السنوات الأخيرة اتخذت سلطة النقد الفلسطينية سلسلة من الإجراءات والخطوات المصرفية المشددة التي ألزمت بها المصارف، ومنها إغلاق حسابات المؤسسات الخيرية والجمعيات التي كانت في أغلبها تتبع لفصائل وتنظيمات، منها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي مصطفى الصواف، أن "هناك حملة من قبل الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية لتجفيف منابع تمويل حركة حماس من العرب والمسلمين، وهو ما يؤثر على مفاصل العمل للحركة". ويقول الصواف لـ"العربي الجديد" إن "هناك محاولة متواصلة ربما تنجح، تقوم بها حركة حماس للخروج من الضائقة المالية التي تعيشها حالياً، عبر توظيف من هم خارج الأراضي الفلسطينية لجمع الأموال وإيصالها لغزة بأي وسيلة من الوسائل". ويشير إلى أنّ "الحركة المسيطرة على القطاع منذ عام 2007، سبق أن مرّت بالعديد من الأزمات منذ تأسيسها وتمكنت من الخروج منها وكانت أشد من الأزمة الحالية، وواصلت العمل في مؤسساتها المختلفة".

ويستبعد الصواف أن "يتكرر السيناريو ذاته الذي مرّت به منظمة التحرير الفلسطينية في أعقاب حصار بيروت (1982 من الاحتلال الإسرائيلي)، وانتقالها إلى تونس وما مرّت به من أزمة مالية طاحنة، مع حركة حماس كونها حركة عقائدية تتمسك بمبادئها وثوابتها العامة". وبرأيه فإن "حماس لم تصل بعد إلى مرحلة الانهيار المالي، إلا أنها تقوم بمحاولات لتخطي الأزمة. وهو ما يتضح عبر صرف سلف مالية للعاملين في مؤسساتها، وحتى المؤسسات التي جرى إغلاقها من المحتمل أن تعود للعمل مجدداً بعد انتهاء الأزمة".



المساهمون