في كلمة له استبقتها وسائل الإعلام الإيرانية بدعاية مكثفة، مع وضع عداد عكسي لبدئها بوصفها "كلمة مهمة"، وفق حساب الموقع الإعلامي لمكتب المرشد الإيراني، علي خامنئي، على "إنستغرام"، تجاهل خامنئي مباحثات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن بواسطة أطراف الاتفاق النووي.
وركّز خامنئي، في كلمته، على مناسبات داخلية، مثل يوم المعلم ويوم العمال، مع تسليط الضوء على الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران يوم 18 يونيو/ حزيران المقبل، لكن الجانب الأبرز في كلمة خامنئي هو توجيه انتقادات صريحة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (من دون ذكر اسمه)، وكيل المديح لـ"فيلق القدس" وقائده السابق الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة يوم 3 يناير/ كانون الثاني 2020.
وأشار المرشد الإيراني إلى "التسجيل المسرّب" لمقابلة ظريف السرية، والذي تناول فيه الأخير دور سليماني في السياسة الخارجية الإيرانية، قائلاً إن "بعض المسؤولين يدلون بتصريحات غريبة ومؤسفة".
وأضاف خامنئي أن "بعض هذه التصريحات تكرار لتصريحات عدائية للأعداء وأميركا"، مؤكداً أن "أميركا منزعجة بشدة منذ سنوات من النفوذ المعنوي للجمهورية الإسلامية في المنطقة وفيلق القدس، والشهيد سليماني، واغتالوه لهذا السبب".
ودعا المرشد الإيراني المسؤولين الإيرانيين إلى عدم الإدلاء بتصريحات "توحي بتكرار أقوال الأعداء، سواء حول فيلق القدس أو الشهيد سليماني"، مؤكداً أنه "لا معنى أن ينفي هذا الجهاز دور جهاز آخر، وهذا خطأ كبير لا ينبغي أن يرتكبه مسؤولو الجمهورية الإسلامية".
واعتبر خامنئي أن ""فيلق القدس" أكبر عنصر مؤثر لمنع تشكل دبلوماسية منفعلة في الشرق الأوسط". وشدد على أن "السياسة الخارجية في دول العالم لا تُحدد في وزارة الخارجية"، مشيراً إلى أن الوزارة هي الجهة المنفذة لهذه السياسة في إيران، ومخاطباً ظريف من دون تسميته بالقول إنه "لا ينبغي الحديث بطريقة كأننا نرفض سياسات البلاد"، و"ألا ندخل السرور في قلب الأعداء".
واعتبر أن الانتخابات الرئاسة المقبلة "فرصة مهمة"، داعياً المواطنين الإيرانيين إلى المشاركة المكثفة، مع اتهام جهات بالتشكيك في نزاهة الانتخابات في إيران، وقال إن "البعض يقبل بالانتخابات عندما تخرج منها النتيجة المرجوة لهم".
ودعا خامنئي إلى "عدم إحباط الشارع" من الانتخابات، معتبراً أنها "مهمة لاقتدار إيران".
ظريف يعرب عن أسفه
من جهته، أصدر وزير الخارجية الإيراني، عقب تصريحات خامنئي، بياناً عبر صفحته على "إنستغرام"، عبّر فيه عن أسفه العميق لما تسببت فيه تصريحاته من انزعاج المرشد الإيراني.
وأكد ظريف أن تصريحات خامنئي بالنسبة له ولزملائه "فاصلة"، معرباً عن أسفه العميق من "استغلال" تصريحاته من قبل "أعداء" إيران.
وكانت قناة "إيران إنترناشونال" المتهمة من قبل طهران بأنها ممولة من قبل السعودية، ومقرها لندن، قد نشرت تسجيلاً صوتياً لظريف الأحد الماضي، وسرعان ما وصل إلى العالم الافتراضي وتداولته مختلف المنصات الإعلامية، وأحدث ما يمكن اعتباره زلزالاً سياسياً.
والتسجيل المسرّب مدته أكثر من ثلاث ساعات، وهو جزء من مقابلة "سرية" مصورة مع ظريف، لسبع ساعات، أجراها معه الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز في فبراير/ شباط الماضي.
ولم يكن من المقرر نشر المقابلة، التي أجريت خصيصاً لأرشيف الدولة في إطار مشروع لتسجيل "التاريخ الشفهي" لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي ستنتهي ولايته بعد 3 أشهر.
ويتهم المحافظون وزير الخارجية بالتقليل من أهمية دور القائد السابق لـ"فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، و"إهانته".
ويتناول ظريف، في المقابلة المسربة "السرية"، التي يشدد فيها عدة مرات على عدم نشرها، مواضيع متعددة مرتبطة بالسياسة الخارجية الإيرانية منذ تسلّم روحاني السلطة عام 2013 وتوليه الخارجية في ذلك العام.
وتحدث ظريف في المقابلة عن "الميدان" العسكري الذي كان يقوده قاسم سليماني في المنطقة، مؤكداً أن سليماني كانت له الكلمة الأولى في السياسة الخارجية.
وأوضح أن "الكثير من التكاليف الدبلوماسية التي تحملناها كانت بسبب أن الميدان كانت له الأولوية عند النظام، وإلى هذا المستوى جرت التضحية بالدبلوماسية لأجل الميدان، وهذا نتيجة أن يكون القرار بيد الميدان".
وفي رسالة ثانية بشأن واقعة "التسجيل المسرّب" لمقابلته السرية، نشرها وزير الخارجية الإيراني اليوم الأحد، طلب فيها "السماح" من عائلة قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، و"خاصة ابنته زينب" و"محبيه" إثر "جرح مشاعرهم" على خلفية تسريب التسجيل، مشيراً إلى أنه أيضاً يسامح كل من افترى عليه وأساء إليه خلال الأسبوع الذي مرّ على الحادث.