خاص| احتمالات مفتوحة حول مساعي وقف إطلاق النار في لبنان رغم انفتاح حزب الله

26 سبتمبر 2024
ميقاتي متحدثاً في مجلس الأمن بنيويورك، 25 سبتمبر 2024 (ليوناردو مونوز/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصعيد عسكري ودبلوماسية مكثفة: الغارات الإسرائيلية على البقاع وجنوب لبنان تثير تنديداً دولياً ودعوات لوقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوماً لمنح الدبلوماسية فرصة.
- جهود دولية ومحلية لوقف النار: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعون لوقف مؤقت، بينما يسعى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في نيويورك للضغط على إسرائيل.
- مواقف الأطراف المعنية: حزب الله والحكومة اللبنانية يظهران انفتاحاً على وقف النار، مع تأكيد ميقاتي على القرار 1701 ومطالبة مجلس الأمن بضمان انسحاب إسرائيل.

مصادر حكومية: ميقاتي يكثف من مشاوراته بنيويورك للضغط على إسرائيل

مصدر دبلوماسي فرنسي: فشل المساعي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر

مصدر في حزب الله: إذا نجحت مفاوضات غزة سنوقف جبهة الإسناد

على وقع الغارات الدموية الإسرائيلية المسائية على مناطق البقاع وجنوب لبنان، كانت دول العالم تجتمع في نيويورك "تنديداً وتحذيراً" من التصعيد العنيف ومن مغبّة جرّ المنطقة إلى حربٍ واسعة النطاق، موجهةً نداءً لإرساء وقفٍ مؤقتٍ لإطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان ومنح الدبلوماسية فرصة للنجاح. وتكشف مصادر في حزب الله والحكومة اللبنانية وأخرى دبلوماسية لـ"العربي الجديد"، عن تفاؤل بخصوص الحراك الجاري حاليًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، وسط انفتاح من الحزب على المساعي الجارية، وإن كان استمرار الاحتلال بتوسيع عدوانه على لبنان يشي بغير ذلك.

وكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، غاراته على الجنوب والبقاع وصولاً إلى منطقة المعيصرة في كسروان، شرقي العاصمة بيروت، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 60 شخصاً وجرح ما يزيد عن 200، واستكمل الاحتلال عملياته، اليوم الخميس، في إطار التصعيد العسكري الذي يوضع في خانة "الضغط لفرض الشروط" مع بدء العد العكسي للساعات الحاسمة التي تنتظر الميدان.

وأصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداءً مشتركاً لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" لمدة 21 يوماً في لبنان حيث يهدّد العدوان الإسرائيلي بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق. وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك: "لقد عملنا معاً في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود".

في السياق، قالت أوساط حكومية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي يقوم بكل ما أمكن للتوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار، وبَذلَ جهوداً كبيرة في هذا الإطار من أجل إنجاز المساعي، ولبنان يقوم بكل التعاون الممكن في هذا الإطار، وليس أبداً الجهة المعرقلة ولن يكون كذلك".

وأشارت الأوساط إلى أنّ "كل دول العالم تريد الاستقرار للبنان، وتدعم المساعي التي بُذلت في الساعات الماضية وتؤيد وقف إطلاق النار افساحاً في المجال أمام المفاوضات الدبلوماسية، لكن الكرة في الملعب الإسرائيلي، الذي طبعاً لا ثقة لنا به ونتوقع منه أيّ شيء، وقلب الأجواء الإيجابية إلى أخرى سلبية، خصوصاً أنه سبق أن عرقل العديد من المبادرات لكن سننتظر ونرى".

ولفتت الأوساط إلى أنّ "التصعيد في لبنان بالتزامن مع المسار الدولي الهادف إلى التهدئة قد يكون من بوابة الضغط الإسرائيلي لفرض شروطه وبالتالي لا يمكن أخذه كحسمٍ بأن المساعي فشلت، والأمر نفسه بالنسبة إلى التصريحات الإسرائيلية حول استكمال الضربات، الوقت سيُحدد مسار الأمور، وهناك جهودٌ لن تتوقف بحثاً عن حلول، ولسد أي ثغرة، والعاملون على خطّ المساعي لم يفقدوا الأمل بعد".
 

وقالت أوساط حكومية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تفاؤلاً بالتوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، وننتظر أن يحصل ذلك"، مشيرة إلى أن "كل شيء متوقع، خصوصاً مع إسرائيل"، وأضافت الأوساط أن "ميقاتي الموجود في نيويورك يكثف مشاوراته الدولية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، ويؤكد أن لبنان لا يريد الحرب، والحراك الذي يحصل مكثف ويوحي بالإيجابية"، ولفتت إلى أنّ "المطلوب تهدئة العمليات ووقف إطلاق النار لفترة من الزمن يصار خلالها إلى إجراء مناقشات دبلوماسية سياسية لمعرفة مصير المرحلة المقبلة".

وعبّر ميقاتي عن ترحيبه بالنداء المشترك الصادر بمبادرة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان، وقال: "تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية".

وخلال كلمته في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، قال ميقاتي إن "لبنان اليوم ضحية عدوان إلكتروني، سيبراني، جوي، وبحري، وقد يتحول إلى عدوان بري، بل إلى مسرح لحرب إقليمية واسعة، وآمل أن أعود إلى بلدي متسلحاً بموقفكم الصريح الداعي لوقف هذا العدوان واحترام سيادة بلدي وسلامته"، ووضع ميقاتي المجلس أمام مسؤولياته الكاملة لاتخاذ موقف فوري وحاسم ينهي المعاناة المستمرة للشعب اللبناني تمهيداً لتعبيد الطريق أمام الحلول الدبلوماسية.

وأضاف: "ما نشهده اليوم هو تصعيد غير مسبوق، مع اللجوء إلى وسائل وآليات جديدة لا سيما الإلكترونية لإلحاق الأذى بأبناء شعبي. إن المعتدي يزعم أنه لا يستهدف إلا المسلحين والسلاح، ولكني أؤكد لكم أن مستشفيات لبنان تعج بالجرحى المدنيين وبينهم العشرات من النساء والأطفال".

وأكد ميقاتي "التزام الحكومة اللبنانية بالقرار 1701 الصادر عام 2006"، مطالباً مجلس الأمن بـ"العمل الجاد والفوري لضمان انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الانتهاكات التي تتكرر يومياً"، كما شدد على "ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، لأن تداعيات ما يجري هناك تنعكس بشكل مباشر على الوضع في لبنان والمنطقة، وهي لن تقف عند حدوده وإنما قد تشمل كل الشرق الأوسط إن لم تتم معالجتها بالسرعة الممكنة"، مشيراً إلى أن "عدم التوصل إلى حل من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تعقيداً. فاستمرار هذا العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف في هذه المعادلة المعقدة".

من جهته، قال مصدرٌ دبلوماسيٌّ في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد": "متفائلون بإمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، وهذا أمرٌ ضروري ومطلوبٌ من جميع الأطراف، لأن الوضع خطير جداً، وفشل المساعي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في المرحلة المقبلة وتفجر الساحة بشكل كامل".

وأشار المصدر إلى أنه "على الأطراف أن تعي أن التأخر في وقف إطلاق النار ليس في مصلحتها، ويجب الاستفادة من الفرصة الآن للتهدئة. ما نعمل عليه هو وقف مؤقت لإطلاق النار يفسح المجال أمام إجراء مفاوضات دبلوماسية لفترة من الزمن من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب بالتزامن أيضاً مع ضرورة وقف الحرب في غزة"، لافتاً إلى أن الفرنسيين يدركون جيداً "أن هناك العديد من النقاط الخلافية بين لبنان وطبعاً حزب الله وبين إسرائيل، وهناك شروط يضعها كل من الطرفين، لكن العمل الآن ليس لحل الصراع، فهذا يحتاج إلى وقتٍ قد يكون طويلاً، وسنعمل عليه في فترة لاحقة بعد انتهاء الحرب".

وتبدي أوساط حزب الله انفتاحاً على المساعي الحاصلة، خصوصاً أن الحزب لا يريد الحرب على الرغم من توسيع عملياته نحو العمق الإسرائيلي، مستخدماً صواريخ جديدة أدخلها إلى ميدان المعركة في قصفه شمال حيفا وضواحي تل أبيب، وذلك في معرض "دفاعه عن لبنان وشعبه"، بحسب بياناته. ومن المتوقع أنه في حال خفضت إسرائيل عملياتها العسكرية أن يسلك حزب الله المسار نفسه، خصوصاً أنه دائماً يربط ضرباته بالمنسوب الإسرائيلي سواء تراجعاً أو تكثيفاً، وعلى حدّ تعبير أوساطه يكون الردّ على مستوى الهجوم.

وكان مصدرٌ نيابيٌّ في حزب الله قد قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "المقاومة اليوم في الميدان، وتخوض العمليات العسكرية، وكلها ثقة بالحراك السياسي الذي يقوم به رئيس البرلمان نبيه بري، وهذا شأن الدولة اللبنانية، لكن موقف حزب الله واضح وبات معروفاً ومحسوماً بأن جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبق أن قلنا أيضاً إنه إذا نجحت المفاوضات بشأن هدنة غزة سنوقف جبهة الإسناد اللبنانية، وبالتالي نتمسك بهذا الموقف ولا نزيح عنه".

وتعتمد إسرائيل تصعيداً موسّعاً غير مسبوقٍ، منذ يوم الاثنين الماضي، أسفر عن تهجير أكثر من 150 ألف شخص في 72 ساعة، إذ وصلت نيرانها إلى مناطق لم تضربها حتى في حرب يوليو/تموز 2006، خصوصاً بلدة جون بقضاء الشوف والمعيصرة في كسروان وبلدات بقاعية، وغيرها من المواقع التي تضم تنوّعاً طائفياً ومن خارج "معاقل حزب الله"، وبدأت هذه المناطق تشهد بعض حركات النزوح في مشهدية وُضعت في إطار لجوء الاحتلال إلى الضغط أكثر على المقاومة من خلال تأجيج الشارع وخلق الخوف في نفوس المواطنين، لرفع الصوت المعارض للحرب ولفتح الحزب جبهة الإسناد اللبنانية.

المساهمون