استمع إلى الملخص
- حي الشجاعية، معقل مهم للمقاومة منذ انتفاضة الأقصى، شهد توغلات وانتهاكات إسرائيلية متكررة، وأصبح هدفًا دائمًا لإسرائيل في محاولة لإنشاء منطقة عازلة وتأمين حدودها.
- الصراع في الشجاعية يتجاوز الجانب العسكري ليشمل الرمزية والوعي، حيث تحولت المعركة إلى رمز للمقاومة بإقامة نصب تذكاري، وتحذيرات من حرب استنزاف طويلة مع استمرار العمليات الإسرائيلية وقدرة حماس على الصمود.
حيّ الشجاعية أحد الأحياء الرئيسية لمدينة غزة
تحذير الاحتلال من "مستنقع" وحرب استنزاف طويلة في قطاع غزة
المقاومة تكذّب الاحتلال حول أن "الحملة الأصعب قد أتت ثمارها"
عندما عاد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى حيّ الشجاعية المدمر شرقي مدينة غزة كان يعتقد أنه قضى على عناصر المقاومة الفلسطينية، لكنه فوجئ بتصدٍّ كبير من المقاومة بعد عودة قواته للمرة الثالثة إلى المنطقة القريبة من حدود الحيّ. وقبل أشهر فقط وفي خضم الحرب القاسية، قال الإسرائيليون إنّ الحملة العسكرية الأصعب التي يشنها جيشهم ضد المقاومة الفلسطينية قد آتت ثمارها، لكن الواقع على الأرض، رغم التدمير الممنهج والقوة النارية المفرطة، ليس كما تروّج إسرائيل.
غير أنّ الفيديو الذي نشرته كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، والذي يظهر عناصرها في حالة "استرخاء" و"مزاح" خلال انتظارهم قوات الاحتلال المتوغلة في الحيّ، يؤكد أنّ حسابات المقاومة كانت تشير إلى احتمالية قيام الاحتلال بالعملية حتى قبل بدئها، ومن ثم جُهزت المنطقة لمثل هذا السيناريو. وحيّ الشجاعية هو أحد الأحياء الرئيسية لمدينة غزة ويحده من الجنوب حيّ الزيتون، وأما من الشمال فمناطق التفاح، ومن الغرب منطقتا الدرج والبلد، وإلى الشرق موقع عسكري إسرائيلي يسمى "نحال عوز"، وكان سابقاً بجواره معبر تجاري يسمى كارني، لكن إسرائيل أقفلته قبل سنوات وأبقت معبر كرم أبو سالم منفذاً تجارياً وحيداً مع العالم.
وبوصفه منطقة احتكاك مع الأراضي المحتلة، شهد حيّ الشجاعية منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى 2000) حالة تمرد ومقاومة واضحة على الاحتلال، رغم استهداف الإسرائيليين المتكرر لمناطقه المختلفة. وكان الحيّ إلى جانب حيّ الزيتون ومدينة بيت حانون من أكثر المناطق التي تتعرض للتوغلات الإسرائيلية في سنوات الانتفاضة الثانية التي انتهت عملياً في 2004، ومن الشجاعية كانت تدار وتنطلق عمليات المقاومة الفلسطينية ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية القريبة، وتعرض الحيّ صغير المساحة نسبياً لسنوات طويلة لانتهاكات اسرائيلية وعدوان شبه دائم.
وبالعودة إلى الواقع الحالي، ورغم التدمير الكبير في الحيّ، عاد جيش الاحتلال لتدمير ما تبقى من المنطقة الحدودية ولإكمال إنشاء المنطقة العازلة، ولتأمين قواته المتوغلة والقريبة من الحيّ باعتباره أحد المعاقل الرئيسية للمقاومة ولإبعاد ومنع عمليات القنص واستهداف القوات الموجودة والمستوطنين في المناطق الحدودية.
وكان المراسل العسكري في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، طال ليف رام، قال في وقت سابق إن "الحساب المفتوح لدى لواء غولاني مع حي الشجاعية طويل ودامٍ"، وإن اللواء "يتذكر استهداف ناقلة الجنود المدرعة عام 2014 "حيث تلقت الكتيبة 13 ضربة قوية بمقتل 7 جنود واختطاف جثة أورون شاؤول".
واعتبر الكاتب أنّ حركة حماس، حوّلت تلك المعركة إلى رمز وأقامت وسط حي الشجاعية نصباً تذكارياً لها، مشيراً إلى أنّ "المعركة على الشجاعية هي إلى حد كبير معركة أيضاً على الرمز والوعي في هذه الحرب". وتفاخر جيش الاحتلال باغتيال قائد كتائب القسام في الحيّ أبو حسين فرحات في الأيام الأولى للعملية البرية العسكرية واعتبر الأمر إنجازاً يستحق التباهي. وكان يسكن في حيّ الشجاعية أيضاً، قائد كتائب القسام السابق في القطاع، والرجل الثاني للكتائب في فلسطين أحمد الجعبري الذي اغتيل في العام 2012.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال، حذرت الاثنين الماضي، من "مستنقع" وحرب استنزاف طويلة في قطاع غزة، إثر بدء جيش الاحتلال قبل أيام قليلة معركة جديدة في حي الشجاعية شرق القطاع، وفي وقت يواصل عملياته في مدينة رفح، جنوبيّ غزة. وذكر محللون أمنيون للصحيفة الأميركية أن إسرائيل معرّضة لخطر الانزلاق إلى صراع طويل الأمد مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي أظهرت قدرة على البقاء جماعةً مقاومةً، مستفيدة من الدعم الشعبي في القطاع.