حميدتي... ولو قُتل؟

16 مايو 2023
تتكرر الأنباء عن مقتل حميدتي منذ بدء الحرب (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

في العام 2003 انطلقت شرارة التمرد في إقليم دارفور، غرب السودان، عبر حركة وجيش تحرير السودان بقيادة عبد الله أبكر. وسرعان ما لقي أبكر حتفه في إحدى المعارك بين قواته والجيش السوداني، لكن طاحونة الحرب لم تتوقف، وعلى العكس ازدادت حدتها، وبرزت قيادات جديدة ثم تناسلت وتناسلت حتى بتنا أمام عشرات القادة من جنرالات الحرب، صنّاع الموت.

قبل تمرد دارفور، كان هناك تمرد في الجنوب نشط لأول مرة سنة 1955، وفيه قُتل الكثير من رموزه، لكن ذلك لم يفرمل حرباً قضت على الأخضر واليابس وقُتل بسببها نحو مليوني شخص. لم ينتصر في هذه الحرب أي طرف، وانتهت باتفاق سلام في العام 2005 بين الحكومة في الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة العقيد جون غرنغ، والأخير قضى نحبه عقب 3 أسابيع من توليه منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية. وبعدها استمر جنوب السودان في خططه للانفصال عن السودان، وذلك ما تأتى له في سنة 2011.

في العام 2008 شنّت حركة العدل والمساواة المتمردة هجوماً على العاصمة الخرطوم، قاده رئيس الحركة خليل إبراهيم، ولكن الهجوم فشل في السيطرة على السلطة. وعاد خليل إلى قيادة عمليات الحركة العسكرية في إقليمي دارفور وكردفان، قبل أن يلقى مصرعه في العام 2011 بغارة لطيران الجيش السوداني في منطقة ود بندة، غرب البلاد. لم يؤثر مقتله على حركة العدل والمساواة، ودخلت سنة 2020 في سلام مع الحكومة الانتقالية ولا تزال تحتفظ بجيشها.

منذ بدء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منتصف شهر إبريل/نيسان، دارت أخبار وتقارير وحكايات شعبية عن مقتل قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي) خلال المعارك، مع تصوير ذلك كانتصار في الحرب ونهاية لها. وكلما يُنشر خبر من هذا القبيل، يخرج حميدتي للعلن نافياً ذلك، فيهلل أنصاره لذلك باعتباره انتصاراً لهم في الحرب النفسية.

التجارب المريرة في السودان تقول إن مقتل قائد تمرد لا يعني نهاية التمرد. ما يحتاجه السودانيون أن يكون هناك برنامج يوحّدهم ويجمع شتاتهم ويعبّر عن طموحاتهم ويساوي بين الناس ويعدل في تنمية المناطق، ويبني مؤسسات قومية لا تختطفها أو تخترقها فئة، برنامج أساسه الحرية والسلام والعدالة كما هتف به شباب الثورة قبل 4 سنوات.

المساهمون