استمع إلى الملخص
- **تاريخ السنوار ودوره في المقاومة**: السنوار، المولود في 1962، أمضى 22 عاماً في السجون الإسرائيلية وأطلق سراحه في صفقة شاليط. يُعرف بمهارته في فهم العقلية الإسرائيلية وكان مهندس معركة "سيف القدس".
- **ردود الفعل على اختيار السنوار**: رحبت فصائل فلسطينية عدة باختياره، بينما دعا وزير الخارجية الإسرائيلي إلى "تصفية سريعة" له، متهماً إياه بالتخطيط لعملية "طوفان الأقصى".
باشرت حماس بإجراء عملية تشاور منذ السبت لاختيار خليفة لهنية
يجري اختيار المناصب القيادية في حماس عبر انتخابات داخلية
السنوار هو رابع من ترأسوا المكتب السياسي لحركة حماس منذ 1992
أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، مساء اليوم الثلاثاء، عن اختيار يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة خلفاً للشهيد إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في طهران. وبذلك يكون السنوار رابع من يترأس المكتب السياسي لحماس بعد موسى أبو مرزوق (1992 - 1996) وخالد مشعل (1996 - 2017) وإسماعيل هنية (2017 - 2024).
وجاء اختيار السنوار، وفق معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، بناء على إجماع في الأطر القيادية ومجلس شورى الحركة في الخارج الذي انعقد عقب انتهاء مراسم استقبال العزاء بهنية التي أقيمت في الدوحة، وتأكيداً من الحركة على دعمها السنوار، في ظل التحريض الإسرائيلي الكبير ضده، باعتباره مهندس عملية "طوفان الأقصى" واقتحام الحدود بين القطاع والأراضي المحتلة.
وفي بيان آخر أصدرته "حماس"، قالت الحركة إنها قررت اختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي بعد مشاورات ومداولات معمّقة وموسعة في مؤسسات الحركة القيادية. وأكدت أنها إذ "تعبّر عن ثقتها بالأخ أبي إبراهيم قائداً لها في مرحلة حساسة، وظرف محلي وإقليمي ودولي معقد، فإنها تسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه ويسدد خطاه، وأن يكتب النصر المؤزر المبين لشعبنا وقضيتنا".
واستذكرت حماس في هذه اللحظة "التاريخية" قائدها الشهيد إسماعيل هنية "الذي قدم في سيرته القيادية نموذجاً للقيادة الشجاعة والحكيمة والمنفتحة". وعبرت عن ما أسمته يقينها "أن أبا إبراهيم وإخوانه في قيادة الحركة سيكملون مسيرته ومسيرة القيادات السابقة، وسيحافظون على إرثهم الجهادي والنضالي، حتى التحرير والعودة".
أبو مرزوق: قيادات "حماس" اختارت السنوار لأنه قاد معركة "طوفان الأقصى"
من جهته، قال القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، لـ"العربي الجديد"، إن اختيار قيادة حماس للسنوار رئيساً للحركة كان لأسباب عدة، أهمها أنه قائد معركة "طوفان الأقصى"، مضيفاً أن اختيار السنوار كان وفقاً للائحة التنظيمية داخل حماس، وأن قيادة حماس اختارت السنوار رئيساً للحركة نظراً لقدراته وتحديه العدوان الإسرائيلي.
والسنوار المولود في عام 1962 لم يظهر للعلن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبلها أيضاً لم يكن كثير الظهور منذ إطلاق سراحه في صفقة الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، ويعتقد أنه لا يزال في نفق ويحيط نفسه بأسرى إسرائيليين، ويقال في الكواليس والغرف المغلقة إنه واحد من أكثر قادة حماس معرفة بالعقلية الإسرائيلية وطريقة تفكيرها. وانتخب السنوار مرتين لرئاسة حماس في قطاع غزة خلفاً لهنية نفسه الذي انتخب رئيساً للمكتب السياسي لحماس لدورتين انتخابيتين قبل أن ينتقل من غزة إلى الدوحة لإدارة شؤون الحركة في أقاليمها الثلاثة.
ويعرف عن الرجل الذي أمضى 22 عاماً في السجون الإسرائيلية صلابته وعناده، كما أنه يميل في شخصيته وتكوينه إلى الشخصية العسكرية وليس إلى السياسية، ومنذ الإفراج عنه في صفقة شاليط وحتى انتخابه لرئاسة حماس أول مرة لم يكن يظهر للعلن كثيراً، وحتى بعدها كان نادر الظهور، لكنه كان أحد أقل قادة حماس والفصائل الفلسطينية تصريحاً لوسائل الإعلام.
والسنوار هو مهندس معركة "سيف القدس" التي أطلقتها المقاومة في عام 2021 رداً على الاعتداءات الإسرائيلية في حي الشيخ جراح والقدس والضفة الغربية، ومنذ ذلك الحين كثر الحديث الإسرائيلي عن ضرورة التخلص منه واغتياله.
وبحسب النظام الداخلي لحركة حماس، يجري اختيار الشخصيات في المناصب القيادية عبر انتخابات داخلية تُجرى كل أربع سنوات، ويشارك فيها أعضاؤها في قطاع غزة وفي سجون الاحتلال الإسرائيلي. ويختار الشخصيات لمنصب معين أعضاء مجلس الشورى، ومن ثم تُطرَح الأسماء للتصويت عليها، والفائز بأعلى أصوات يحوز المنصب.
وفي السادس من مايو/أيار 2017، انتخب هنية رئيساً جديداً للمكتب السياسي لحركة حماس، وأقام في العاصمة القطرية الدوحة لسهولة تواصله مع الخارج انطلاقاً منها، إذ كان لا يزال على قائمة المطلوبين لتل أبيب بغرض التصفية.
ويحيى السنوار، أو "أبو إبراهيم" كما يناديه المقربون منه، وُلد في مخيم خانيونس للاجئين، جنوبي قطاع غزة، لأسرة من مدينة المجدل في فلسطين التاريخية، وجرى أسره عدة مرات في السجون الإسرائيلية، وشغل مناصب قيادية داخل السجون. وفي عام 1988 أُسر السنوار، وحُكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات.
ووفق معلومات "العربي الجديد"، فإنّ إطلاق السنوار ضمن الصفقة كان أحد أسباب تأخرها، فإسرائيل لا تريد الرجل خارج سجونها، رغم أنه في داخل السجون كان يسبب لها أزمات ومشاكل، من خلال قيادته أبناء "حماس" في بعض السجون. وبعد تحرّره من الأسر، أصبح السنوار عضواً في المكتب السياسي لـ"حماس" عن مدينة خانيونس، وتقلّد مناصب أمنية. وتقول إسرائيل إنه بات الأقرب إلى قائد كتائب القسام، محمد الضيف، بحكم الصداقة القديمة التي تربطهما، حيث إنهما أبناء مخيم واحد.
فصائل فلسطينية ترحب باختيار السنوار
وفور الإعلان عن اختيار السنوار، توجهت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بـ"التحية لحركة حماس بعد انتخاب رئيس مكتبها السياسي"، وقالت في بيان لها: "نتمنى للأخ يحيى السنوار وإخوانه في قيادة الحركة التوفيق في حمل هذه المسؤولية العظيمة خلفاً للشهيد الراحل إسماعيل هنية".
من جهتها، باركت حركة الجهاد الإسلامي لحركة حماس اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي. وقالت في بيان لها إن "نجاح الإخوة في حركة حماس في إجراء مشاورات داخلية وملء الفراغ في رئاسة المكتب السياسي، بعد اغتيال القائد الشهيد إسماعيل هنية، رحمه الله، بهذا المستوى من السرعة، ورغم كل الحرب عليها، هو رسالة قوية للعدو الصهيوني بأن حركة حماس لا تزال قوية ومتماسكة، وبأن العدو لم ينل من هيكليتها شيئاً رغم حرب الإبادة".
من جانبه، اعتبر حزب الله اللبناني في بيان له "اختيار يحيى السنوار من قلب قطاع غزة المحاصر، الموجود مع إخوانه المجاهدين في الخنادق الأمامية للمقاومة وبين أبناء شعبه تحت الركام والحصار والقتل والتجويع هو تأكيد أنّ الأهداف التي يتوخّاها العدو من قتل القادة والمسؤولين فشلت في تحقيق مبتغاها، وأنّ الراية تنتقل من يد إلى يد، مضرجة بدماء الشهداء، وهي رسالة قوية للعدو الصهيوني، ومن خلفه الولايات المتحدة وحلفائها، بأنّ حركة حماس موحّدة في قرارها، صلبة في مبادئها، ثابتة في خياراتها الكبرى، عازمة على المضي ومعها سائر الفصائل الفلسطينية في طريق المقاومة والجهاد مهما بلغت التضحيات".
وأضاف حزب الله: "يخوض محور المقاومة معركة بطولية وتاريخية على جبهات عدة، في توقيت حساس على مستوى المنطقة في إطار الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني المظلوم، وإنّ انتخاب الرئيس الجديد للمكتب السياسي لحركة حماس في هذا التوقيت الهام وفي قلب المعركة يزيد أمتنا وشعوب منطقتنا إيماناً وعزيمة على توحيد الجهود، وإصراراً على مواصلة الجهاد والمقاومة حتى التحرير الكامل".
كاتس يدعو لـ"تصفية سريعة" للسنوار
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، مساء الثلاثاء، إلى "تصفية سريعة" ليحيى السنوار، بعيد تعيينه رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس. وكتب كاتس على منصة "إكس" أن "تعيين يحيى السنوار على رأس حماس خلفاً لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعاً ومحو هذه المنظمة الحقيرة من الخريطة". ويتهم جيش الاحتلال السنوار بأنه أحد المخططين الرئيسيين لعملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ما يجعله أحد أبرز المطلوبين لدى الاحتلال.