جولة أوروبية للكاظمي بحثاً عن دعمٍ مالي وسياسي للعراق

13 أكتوبر 2020
ترغب دول بأن يحاكم العراق معتقلي "داعش" (غونزالو فوانتي/فرانس برس)
+ الخط -

أكد مسؤولٌ عراقي بارز في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يستعد للقيام بجولةٍ خارجية جديدة، تشمل دولاً أوروبية عدة، أبرزها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتهدف إلى حشد الدعم لمواجهة الأزمتين المالية والصحية اللتين تعصفان بالبلاد، وأيضاً للتأكيد على استمرار حاجة العراق للدعم الغربي في مواجهة خطر تنظيم "داعش".
وأجرى الكاظمي منذ تشكيل حكومته قبل أكثر من 5 أشهر، زيارات خارجية عدة، كان قد استهلها بالتوجه إلى إيران ثم إلى الولايات المتحدة، وكذلك الأردن، حيث عقد قمّة ثلاثية ضمته إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وركزت على ملفات اقتصادية وتجارية مشتركة بين الدول الثلاث. لكن زيارة كانت مقررة له إلى السعودية (في يوليو/ تموز الماضي) جرى تأجيلها بسبب تزامنها مع وعكة صحية ألمّت بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وفقاً لما أعلنته حينها وزارة الخارجية السعودية، ولم يتم تحديد موعد آخر لها، بعدما كان مرتقباً أن تشهد تدشين المعبر الحدودي (معبر عرعر) بين البلدين، المغلق منذ نحو 30 عاماً.

سيستهل الكاظمي جولته المرتقبة من بريطانيا ثم فرنسا وألمانيا

وقال مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن الكاظمي سيبدأ جولةً أوروبية على رأس وفدٍ حكومي كبير يضم عدداً من الوزراء، أبرزهم وزراء المالية والخارجية والتخطيط والنفط والدفاع، إلى جانب مستشارين في الحكومة. وبحسب المصدر، من المقرر أن تبدأ الجولة خلال الأيام القليلة المقبلة، ومبدئياً بعد 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. وسيستهل الكاظمي الجولة من بريطانيا ثم فرنسا وألمانيا، لكن المصدر أوضح أن الموعد الأكيد يبقى رهن التطورات الداخلية في العراق أيضاً.
وأوضح المسؤول في رئاسة الوزراء أن "الكاظمي سيجري خلال جولته الأوروبية مباحثات تهدف للحصول على دعم مالي وصحي، والسعي لعودة عدد من المنظمات الإنسانية الأوروبية التي كانت تعمل في العراق وغادرت بفعل مخاوف من الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران، كما سيتم بحث ملفات الاستثمار، لا سيما في قطاعي الكهرباء والنفط، إلى جانب ملف معتقلي تنظيم داعش من الجنسيات الأوروبية الموجودين في العراق أو الموجودين لدى قوات سورية الديمقراطية (قسد)". وترغب دول مثل فرنسا وألمانيا، بحسب المصدر، بـ"أن يتولى العراق تسلم هؤلاء المعتقلين ومحاكمتهم داخل أراضيه، وهي لا تريد استردادهم". ولفت المصدر إلى أن رئيس الوزراء العراقي "سيطلب بشكل رسمي من هذه الدول المساعدة في تأمين إجراء الانتخابات المبكرة في يونيو/ حزيران المقبل"، مؤكداً أن الكاظمي يعول كثيراً على هذه الزيارة للحصول على الدعم، ولهذا فإنها تعد جولةً مهمة، وسينعكس نجاحها سريعاً في ملفات عدة".

من جهته، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، عامر الفايز، عزم السلطة التشريعية على دعم الجولة المرتقبة للكاظمي، بسبب ما تمر به البلاد من أزمات تتطلب دعماً دولياً لعبورها، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة تمتلك صلاحيات كاملة لتوقيع وعقد الاتفاقيات الدولية، لكن هناك بعض الاتفاقيات ستحتاج لمصادقة مجلس النواب العراقي، لذا سيتم تدقيق كل الاتفاقيات التي ستتوصل إليها الحكومة، خلال الزيارة الأوروبية المرتقبة".
وشدّد الفايز على ضرورة "اهتمام الحكومة العراقية خلال الزيارة بالملف الاقتصادي، وجلب شركات الاستثمار الأوروبية إلى البلاد، من أجل إعادة بناء وتأهيل البنى التحتية، ما سيكون عاملاً في حل الكثير من الأزمات الاقتصادية، التي بدأت تؤثر فعلاً على المواطنين بشكل مباشر، خصوصاً في ما يتعلق بتأخير صرف رواتب الموظفين". وأعرب عن "أمل البرلمان في أن يكون له ممثلون في وفد الكاظمي، لكي يتابعوا ويراقبوا ما يتم الاتفاق عليه هناك، ولا تكون هناك أي ضبابية حول أي اتفاق يعقد على مختلف الأصعدة".

سيطلب الكاظمي من هذه الدول المساعدة في تأمين إجراء الانتخابات المبكرة في يونيو/ حزيران المقبل

أما عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، بدر الزيادي، فاعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن زيارة الكاظمي في الوقت الحالي للدول الأوروبية "مهمة جداً، ويجب أن تتركز على قضية تسليح ودعم القوات العراقية، لإكمال مهامها في محاربة الإرهاب". وأكد الزيادي "دعم تنويع موارد الأسلحة، فلا يجوز بقاء ملف التسليح العراقي بيد الولايات المتحدة، ولهذا على الكاظمي التوجه نحو تنويع مصادر التسليح واستغلال زيارته إلى الدول الأوروبية بهذا المجال، خصوصاً أن هناك دولاً لديها إمكانيات كبيرة في مجال التسليح ولا سيما في مجال السلاح الجوي". وشدّد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي على "ضرورة ألا تكون زيارة رئيس الوزراء بروتوكولية اعتيادية، أو ألا تتضمن عقد اتفاقيات بما يخدم العراق في مختلف المجالات، التي يحتاج فيها إلى دعم وجهد دولي، لعبور الأزمات التي يمر بها".
في المقابل، رأى الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي محمد التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن جولة الكاظمي الأوروبية "لن تكون مختلفة عن الزيارات التي قام بها رؤساء الوزراء السابقون إلى تلك الدول"، فبرأيه أن هذه الزيارات "تكون دائماً بلا نتائج، لأن أغلب الدول الأوروبية لا تملك ثقة تامة بالوضع العراقي الأمني والسياسي". وأضاف التميمي أن دعم العراق من قبل الدول الأوروبية يعتمد على جدية وصدق حكومة الكاظمي في محاربة الفساد، ومواجهة السلاح المتفلت، وفرض هيبة الدولة والقانون، وبخلاف ذلك لن تُقدِم أي دول على تقديم أي دعم لبغداد، خشية ذهاب هذا الدعم إلى جماعة اللادولة، التي تتحكم في المشهدين السياسي والأمني.

المساهمون