جنين... فرصة لوحدة الفلسطينيين

07 يوليو 2023
متظاهرة في لندن ضد اقتحام جنين الأربعاء الماضي (الأناضول)
+ الخط -

يشير رصد ومتابعة الاحتلال الإسرائيلي لصيغ التغطية الإعلامية الأوروبية لاجتياحه مخيم جنين، بما فيها وسائل عُرفت بخوفها من انتقاده بحجة "معاداة السامية"، إلى خشيته من انكشاف آخر للواقع.

فتغطية استهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية والصحافة، وقتل المدنيين، وخاصة الأطفال، تتزامن مع تراجع قراءة دولة الاحتلال، أقله عند جيل جديد بين الغربيين، كـ"بقرة مقدسة" يُمنع المس بها. فالحدث في جنين، في مواجهة آلة عسكرية ضخمة، حرك مجدداً أعشاش دبابير جرأة الأسئلة، والتفكير جدياً بمستقبل الدولة الصهيونية وشعب فلسطين على أرضه.

فمظلومية "حق الدفاع عن النفس" و"مواجهة الإرهاب" تكذّبها التغطية المجردة. بل إن دعوة "حمل السلاح" في الشارع، على لسان المتطرف إيتمار بن غفير، تخلع عن الصهيونية "التقية" السياسية والدينية. فالاستئثار بتلك السرديات، على جثث ومستقبل 7 ملايين فلسطيني على أرضهم التاريخية، كان ممكناً قبل عقود.

وعالم اليوم ليس كعالم "اتفاقية أوسلو" قبل 30 سنة، إذ كل الهوس بالبطش وتجريف القوانين الدولية، وإجبار آلاف الناس بالتدمير على مغادرة مخيمهم المذكر بالنكبة، يدفع كثيرين للبحث أكثر في أساطير تأسيس هذا الهوس الصهيوني، المترفع عن الالتزام بأية معايير واتفاقيات ومعاهدات دولية، ومنها "جنيف الرابعة" (بشأن حماية المدنيين زمن الحرب والاحتلال).

لا يُخفي تلامذة "هاغاناه" و"شتيرن"، وبقية عصابات ارتكاب مذابح نكبة عام 1948، خوفهم من التحولات الديمغرافية على أرض فلسطين، تزامناً مع عمق التعارض بين مكونات "مواطنين مستوردين". وليس سراً أن أعمال التهجير وافتعال نكبات جديدة هي على طاولة تل أبيب، كـ"حل نهائي" للنجاة من مستقبل كئيب، ويزداد كآبة مع إصرار الفلسطينيين على أن فلسطين هي فلسطينهم، مهما تعاقبت الأجيال.

في المقابل، وعلى الساحة الفلسطينية، ليس ثمة وقت أفضل ليستجيب أصحاب القرار لمتطلبات معركة طويلة ودامية مع دولة "الأبرتهايد"، بكل ما يحمله ذلك من مواجهة فاشية جديدة تنبت بين المستوطنين وتيارات الصهيونية-الدينية.

فوقف التشرذم والانقسام، والكف عن تحويل كل الاهتمام بمن سيخلف من في سلطة تحت الاحتلال، مطلب شعبي يضع الجميع أمام استحقاقاته، خصوصاً مع إصرار صهيوني على جعل كل شيء يدور حول تكييف الوقائع بما يخدم "ترويض" الساحة الفلسطينية، وفرض نوع من حلول فتات توسيع صلاحية هنا وهناك. وكله تحت يافطة "حكم ذاتي" لكانتونات متعارضة. أخيراً، لا يكفي لتدفيع المحتل أثمان استمرار احتلاله رفع شعار "طوبى للمقاومة" فقط، أو ربطها فعلها بمشاريع إقليمية، تعمق الانقسامات والأثمان، بل وقفة حقيقية مع الذات.

المساهمون