استمع إلى الملخص
- توصلت لقاءات قائد الإدارة السياسية الجديدة مع قادة الفصائل في درعا إلى اتفاق لفتح مراكز لتسليم السلاح الثقيل، مع تأكيد اللواء الثامن على الالتزام بقرارات الحكومة.
- رفض قادة الفصائل في السويداء تسليم السلاح إلا لدولة علمانية منتخبة، مع استمرار التنسيق مع درعا ومحاولات الحكومة المؤقتة لزرع الثقة.
أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سورية عن افتتاح مراكز لتسوية أوضاع العسكريين في معظم المحافظات السورية، ابتداءً من 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي، لتشمل معظم قطاعات الجيش والقوى الأمنية والفصائل الرديفة، بما فيها المحافظات الجنوبية درعا والقنيطرة باستثناء محافظة السويداء التي أجلت القيادة افتتاح المراكز بها لإشعار آخر. وشهدت محافظة القنيطرة إقبالاً كبيراً للعسكريين والضباط والفصائل الرديفة للسلطات السابقة، مثل فصائل الدفاع الوطني و"حزب الله"، وجمعية البستان، وفوج الجولان، وكتائب البعث، وغيرها من المسميات والجماعات التي استلمت السلاح بشكل فردي من الجهات الأمنية والحزبية، أو ممن استولى على الأسلحة أثناء هروب عناصر الجيش وأعمال التحرير.
في حين لم تبادر الفصائل المسلحة في درعا لتسليم السلاح واقتصرت التسويات على العسكريين والأفراد المتطوعين في قوى الأمن والجيش السابق، الأمر الذي ينطبق حتى الآن على معظم المناطق التي كانت خارجة بشكل جزئي عن سلطة النظام السابق، وخاصة محافظتي درعا والسويداء، وما زالت هذه تحتكم في قرارات التسوية وتسليم السلاح لسلطات الأمر الواقع.
وعقد قائد الإدارة السياسية الجديدة أحمد الشرع لقاءات متكررة مع قادة الفصائل العسكرية، ومن بينهم أحمد العودة، قائد اللواء الثامن في درعا والذي كان يتبع للفيلق الخامس الذي شكلته القوات الروسية في السابق، ومع قيادات الفصائل الكبرى أيضاً مثل قادة اللجان المركزية، وجيش الإسلام.
مصادر محلية في محافظة درعا أكدت لـ"العربي الجديد" الوصول لاتفاق بين الشرع والفصائل في درعا، يقضي بفتح عدة مراكز لتسليم السلاح في المدينة والمناطق الغربية والشرقية من ريف درعا، على أن تبدأ هذه الفصائل بتسليم السلاح الثقيل مرحلة أولى، ومن ثم تسليم السلاح الفردي والخفيف بعدما يستتب الأمن في مناطق الجنوب. في السياق، نقل أحد المقربين من أحمد العودة لـ"العربي الجديد"؛ أن اللواء الثامن لن يسمح بافتعال أي اقتتال محلي، ولن يكون إلا مع قرارات الحكومة ومع رغبة الناس في قيام دولة النظام والقانون الخالية من السلاح. وهذا الأمر جرى الاتفاق عليه، وسيجري تباعاً وعلى مراحل مع السلطة المؤقتة، وعندما تتشكل الدولة.
وقال المقرب من العودة: "ما زالت محافظة درعا تسبب إشكالية أمام قرارات التسوية وجمع السلاح، والسبب الرئيسي يعود لأكثر من 13 عاماً من الانفلات الأمني والاقتتال مع السلطات السابقة والنزاعات الداخلية، ولا يمكن رغم الاتفاقات الجديدة بين قادة بعض الفصائل والقائد الشرع أن تحل إشكالات زمن طويل من النزاعات، فما زال الجميع يشعر بالقلق والتخوف من الآخر داخلياً وخارجياً، وترافق هذا مع تهديدات واضحة من جيش الاحتلال الاسرائيلي لبعض القرى والبلدات في الريف الغربي".
ويعتقد أن الضغط الكبير على قادة الفصائل سيؤدي إلى تسليم جزء من السلاح الثقيل وليس الكل، وتبقى جميع الفصائل دون استثناء متمسكة بسلاحها لحين تشكيل جيش نظامي وضابطة عدلية قادرة على بسط الأمن وملاحقة عصابات السرقة والسطو ومحاكمتها.
في الضفة الجنوبية الأخرى، كان الشيخ يحيى الحجار، قائد حركة رجال الكرامة في السويداء، قد أعلن في الـ22 من ديسمبر/كانون الأول الحالي، أمام وفد الزوار من رجال الدين اللبنانيين، أن الحركة وفصائل السويداء لن تسلم سلاحها إلا للدولة والحكومة المنتخبة، مؤكداً أنه ما زال متخوفاً من الوضع العام في سورية، وإن السلاح الموجود في المحافظة هو خط أحمر لا يمكن النيل منه، ولن يُسلم إلا لدولة علمانية تحفظ حقوق الإنسان وكرامته، مشيراً إلى "عدم الثقة بحكومة من لون واحد"، وأن البلد لن يكون آمناً إلا بوجود حكومة وطنية شرعية وقيادة منتخبة.
وأكد هذا القرار قادة الفصائل الكبيرة في أكثر من موقف، وخاصة تلك التي تنضوي تحت إدارة غرفة العمليات المشتركة في السويداء، وفي مقدمتهم ليث وحيد البلعوس قائد فصائل شيخ الكرامة، حيث قال في لقاء جمعه مع المواطنين في مدينة صلخد جنوبي السويداء: "إننا ما زلنا نعيش الخطر من بعض المجموعات التي تعتدي على المواطنين، وخاصة على طريق دمشق السويداء، ولن نقبل أن نتعرض بعد اليوم لأعمال التشبيح، وسنتصدى لأي أعمال تخريبية من أية جهة كانت، في الوقت الذي نصفح ونسامح عمّا مضى حتى أولئك الذين اعتدوا علينا في السابق".
وكانت فصائل ومجموعات محلية من السويداء ودرعا تتواصل بشكل شبه يومي من أجل التنسيق والاتفاق على قرار مشترك في منطقة الجنوب يقضي باتفاق على تسليم السلاح أو عدم تسليمه، في الوقت الذي جمعت لقاءات عدة فصائل من الجنوب مع أحمد الشرع في دمشق ولم تُنجز اتفاقاً عاماً حتى الآن حول تسليم السلاح والتسويات الأمنية للفصائل المسلحة.
وفي الزيارة التي قام بها وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة محمد عبد الرحمن في الـ18 من ديسمبر/كانون الأول الحالي إلى السويداء، دعا جميع المواطنين لتسليم السلاح، مؤكداً النيّة بافتتاح مراكز تسوية في المحافظة في وقت قريب، ومشيراً إلى أن المركز سيديره أشخاص يُتفق عليهم من السويداء ومن غرفة فتح الجنوب، وبقي هذا القرار قيد التأجيل حتى تاريخه.
ويقول الناشط السياسي يزن أبو هدير لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة المؤقتة في سورية ما زالت تستثني الفصائل المسلحة والعسكريين في السويداء من فرض قرارات التسوية وتسليم السلاح، في محاولة لزرع الثقة مع هذه الفصائل التي واجهت في زمن سابق عناصر متطرفة على أكثر من محور من حدود المحافظة. كما ساندت الثورة وحررت المدينة ووصلت إلى دمشق. في الوقت الذي تنظر فيه القيادة الجديدة إلى خصوصية المحافظة ذات الأكثرية الدرزية، وتداري خطتها في حماية الأقليات وعدم افتعال أي نزاع أو خلاف معهم، ولكن لا بد من نزع السلاح في ظل دولة يحكمها القانون العادل ويشعر فيها مواطنوها بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وهذا لن يحصل قبل مؤتمر وطني ودستور جديد يوافق عليه السوريون وانتخابات ديمقراطية".
ويضيف أبو هدير: "ولعل قرار تعيين وزير دفاع والدعوة للانتساب إلى صفوف الجيش، بالإضافة لتفعيل القضاء والضابطة العدلية سيكون له أثر إيجابي في حل هذه المعضلة، وخاصة في مناطق الجنوب السوري، أما ما شهدته البلاد خلال الأيام القليلة من عمر نجاح الثورة وسقوط النظام السابق ما زال يدفع للقلق، وخاصة في التعيينات التي لم تخرج عن نطاق اللون الواحد والمنطقة الواحدة، وهناك ما يثير الشك حتى بالمرافقة الشخصية لجميع المسؤولين الجدد والذين ما زال العديد منهم يضع اللثام على وجهه، ما يدفع بالتوجس، ويثير التساؤل: "كيف يُمكن أن تحميني وأنت تُخفي وجهك".