استمع إلى الملخص
- جهود الوساطة الدولية بقيادة رمطان لعمامرة لم تنجح في تحقيق وقف إطلاق النار أو إجراء حوار بين الأطراف المتحاربة، مما يعقد الأزمة السودانية.
- الوضع الإنساني بالسودان يتدهور بشكل ملحوظ، مع تفشي العنف الجنسي وزيادة الانتهاكات ضد الأطفال، وتحذيرات من خطر المجاعة، في ظل تبادل الاتهامات بين السودان والإمارات حول دعم قوات الدعم السريع.
قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الأفريقية في إدارة الشؤون السياسية مارثا بوبي، إن المجتمع الدولي أخفق حتى الآن في منع تصاعد العنف في السودان والفاشر تحديداً، على الرغم من الجهود الدولية المبذولة من الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، خلال اجتماع حول الوضع في السودان وجنوب السودان.
وشددت بوبي على الحاجة الملحة إلى "وقف إطلاق النار في الفاشر لمنع وقوع المزيد من الفظائع، وحماية البنية التحتية الحيوية، وتخفيف معاناة المدنيين... مما ينبغي أن يمهد الطريق لوقف الأعمال العدائية على نطاق أوسع". وأشارت إلى القرار 2736 (2024) الذي تبناه مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، والذي دعا الأطراف إلى وقف التصعيد في الفاشر وجميع أنحاء السودان وحماية المدنيين. وحذرت من أن عدم اتخاذ إجراءات سريعة لوقف القتال سيزيد من الخطر الحقيقي بانزلاق السودان إلى المزيد من العنف العرقي، والتشرذم، وامتداد الصراع. وأشارت إلى استمرار تدفق الأسلحة المتطورة لجميع الأطراف، ودورها في تأجيج الحرب. كما توقفت عند الانتهاكات الواسعة لحقوق الأنسان.
مجهودات الوساطة في السودان
وقالت المسؤولة الأممية إن "جهود الوساطة لم تنجح حتى الآن في تأمين وقف إطلاق النار، أو إجراء حوار مباشر مستدام بين الأطراف... وليس هناك من مؤشرات أنه سيتم استئناف محادثات إطار منصة جدة قريباً". ثم تحدثت عن جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الشخصي، رمطان لعمامرة، وزيارته للمنطقة الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي، والمباحثات التي أجراها مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وغيره من كبار قادة القوات المسلحة السودانية، وأعضاء المجلس السيادي السوداني في بورتسودان، وكذلك مع وفد رفيع المستوى أرسله قائد قوات الدعم السريع إلى نيروبي.
الوضع الإنساني في السودان
وفي نفس الجلسة، عبّرت مديرة العمليات الإنسانية في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إيديم ووسورنو، عن أسفها لاستمرار انزلاق السودان نحو الفوضى. وركزت المسؤولة الأممية في إحاطتها على أربعة محاور: الخسائر الفادحة التي خلّفها الصراع على المدنيين في الفاشر وغيرها من بؤر الصراع الساخنة في البلاد، والأزمة الإنسانية المتفاقمة، والوضع الحالي لوصول المساعدات الإنسانية وتمويل عملية المساعدات، والحاجة الماسة لوقف القتال.
ورسمت المسؤولة الأممية صورة كابوسية للأوضاع الإنسانية ومعاناة السودانيين. وتطرقت بداية للوضع في الفاشر وقالت: "أصبحت حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، على المحك في الفاشر التي أصبحت مركز النزاعات". وأشارت في هذا السياق إلى "استمرار قصف المناطق المكتظة بالسكان، مما يتسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد للمدنيين، وتعطيل الخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها بشدة". وتحدثت عن نزوح أكثر من "130 ألف سوداني عن المدينة منذ بداية شهر إبريل/ نيسان".
كما أشارت إلى الهجوم على البنية التحتية بما فيها المستشفيات، محذرة من تكرار سيناريوهات العنف العشوائي كالفظائع التي ارتُكبت في الجنينة العام الماضي. وشددت على استمرار القصف العشوائي في مناطق أخرى من السودان، مما يؤثر على حياة الملايين في دارفور، وكردفان، والخرطوم، والجزيرة، ويؤدي إلى مقتل وجرح وتشويه المدنيين، وتدمير جزء كبير من البنية التحتية المتبقية.
العنف الجنسي
وتوقفت المسؤولة الأممية عند "تفشي العنف الجنسي المرتبط بالنزاع... وتلقي صندوق الأمم المتحدة للسكان تقارير عن تعرض النساء والفتيات للاغتصاب، وتعرضهن لأشكال أخرى من العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء خروجهن من منازلهن بحثاً عن الطعام. ووفقا لتقارير المنظمات المحلية التي تقودها النساء، فإن معدلات الانتحار بين الناجيات آخذة في الارتفاع وتتقلص إمكانية الوصول إلى خدمات لدعمهن"، وفق قولها.
كما أشارت إلى التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والنزاعات المسلحة، والذي يظهر أن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان زادت بنسبة مذهلة بلغت 480 بالمائة، من حوالي 300 انتهاك في عام 2022 إلى أكثر من 1700 انتهاك في عام 2023، ناهيك عن مقتل 24 شخصاً من العاملين في المجال الإنساني منذ بدء الحرب.
شبح المجاعة في السودان
وقالت المسؤولة الأممية "يعاني ما يقرب من 5 ملايين شخص من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي (المستوى 4 من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي). ويعيش تسعة من كل عشرة من هؤلاء الأشخاص في المناطق المتضررة من النزاع في ولايات دارفور، وكردفان، والجزيرة، والخرطوم". وأضافت: "يواجه أكثر من مليوني شخص في 41 منطقة خطر الانزلاق إلى جوع كارثي في الأسابيع المقبلة".
وتحدثت عن تعرض "النساء الحوامل لخطر متزايد للإصابة بسوء التغذية الحاد. ووفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، قد تموت 7 ألاف أُم جديدة في الأشهر القليلة المقبلة إذا لم يحصلن على الغذاء والرعاية الصحية". وحذرت كذلك من أنه "إذا لم يحصل المزارعون على الفور على البذور التي يحتاجون إليها لموسم الزراعة، فإن وضع الأمن الغذائي سوف يزداد سوءاً". كما لفتت الانتباه إلى نقص كبير في تمويل صندوق المساعدات الإنسانية الخاص بالسودان لهذا العام، حيث لم تحصل الأمم المتحدة إلا على 441 مليون دولار من المساهمات، 16 بالمائة، من إجمالي احتياجاتها البالغة 2.7 مليار دولار.
تبادل اتهامات بين مندوبي السودان والإمارات
كما شهدت الجلسة جدلاً تخلله تبادل اتهامات بين مندوبي السودان والإمارات لدى الأمم المتحدة في نيويورك، إذ اتهم بداية المندوب السوداني، الحارث إدريس، في مداخلته التي جاءت في آخر الجلسة، كلاً من الإمارات العربية المتحدة وقوات ليبية تابعة لخليفة حفتر وأطراف أخرى، بإمداد قوات الدعم السريع بالسلاح وتأجيج الصراع. كما اتهم مجلس الأمن بالاستمرار بالصمت وعدم توجيه رسالة قوية لقوات الدعم السريع وانتهاكاتها، وكذلك "لدولة الإمارات الراعية لهذه الانتهاكات".
من جهته، طلب مندوب الإمارات، محمد أبو شهاب، حق الرد على الاتهامات، ووصفها بالباطلة، ونفى بشكل قاطع صحتها، وقال إن المندوب السوداني يمثل القوات المسلحة السودانية، وهي أحد الأطراف المتحاربة في السودان، مشدداً على ضرورة الحوار لحل الصراع.