جدل ليبي حول تهديد عمداء بلديات بمنع إجراء الانتخابات

28 أكتوبر 2021
طالب العمداء مفوضية الانتخابات بالنأي عن التجاذبات السياسية (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

أثار احتجاج عدد من عمداء البلديات الليبية على القوانين الانتخابية وتهديدهم بعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نطاق بلدياتهم بسبب "المخالفات القانونية"، جدلا وردود فعل مختلفة. 
ودان عدد من عمداء البلديات في مختلف المناطق الليبية اعتماد المفوضية العليا للانتخابات القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب أساسًا لإجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بسبب "المخالفات القانونية التي شابت عملية إصدار قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من قبل مجلس النواب".
وأكد العمداء في بيان مشترك الليلة الماضية، أنهم تابعوا "بقلق انفراد رئيس مجلس النواب بإصدار القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية المزمع عقدها نهاية هذا العام بشكل يخالف الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وخارطة الطريق، ويخالف حتى اللائحة الداخلية لمجلس النواب"، مشيرين إلى أن قلقهم زاد بتبني مفوضية الانتخابات هذه القوانين بالرغم من عدم التوافق عليها مع الأطراف المعنية في البلاد. 

وأشار البيان إلى أن مجلس النواب ضمّن القوانين الانتخابية "شروطًا جدلية فُصّلت على مقاس أشخاص بعينهم"، مطالبين المفوضية "بالنأي عن التجاذبات السياسية"، محذرين "من عدم إجراء الانتخابات في دوائر" بلدياتهم.
ولم يذكر البيان عدد العمداء الموقعين على البيان، إلا أنه أشار إلى أنه جاء بعد اجتماعهم، مساء أمس، برئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والنائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة مسعود عبيد، ووكيل وزارة الحكم المحلي لشؤون البلديات بحكومة الوحدة الوطنية مصطفى سالم. 
من جانبه، عبر عضو مجلس النواب حسن الصغير عن غضبه من البيان، متهما المجلس الأعلى للدولة والحكومة بالوقوف وراءه ودفع عمداء البلديات إلى إصداره.
واتهم الصغير في تدوينة عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، العمداء المشاركين في البيان بــ"الخيانة"، وقال: "تذكروا أن من يشعل الحرب هو من يمنع الحل وليس من يطلق الرصاصة الأولى".
بدورها، عبرت عضو مجلس النواب ربيعة أبوراص عن رفضها لــ"تقويض العملية الانتخابية من خلال الضغط على عمداء البلديات"، وطالبت عمداء البلديات بأداء أدوارهم في "تهيئة الأرضية والظروف لمساعدة المواطنين على ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم ويقود بلدهم بعيداً عن النزاعات والحروب".
واتهمت أبوراص في تدوينة عبر حسابها على "فيسبوك"، المشري بــ"تسييس" البلديات، و"الزج بهم في الصراع المتآكل بين مجلسي الدولة والنواب الذي لن ينتهي حتى لو تم تغيير القوانين ومواعيد الانتخابات وفصل على هواهم".
وعبرت أبوراص عن خشيتها أن تقود عرقلة الانتخابات إلى "عودة الحرب"، فيما أقرت بالمخالفات التي شابت إقرار القوانين الانتخابية في مجلس النواب، وقالت: "ما قام به مجلس النواب نعم ليس مثاليًا، لكن ما يقوم به الآخرون هو تقويض المسار السياسي الذي يمهد لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية".
في المقابل، أثنى عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، على موقف عمداء البلديات مما وصفها بـ"محاولات تمرير القوانين الانتخابية وفرضها"، وهاجم في ذات الوقت رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، متهما إياه بالانحياز. 

وقال الشاطر في تغريدة له على "تويتر": "بإمكان مفوضية الانتخابات أن تكتب مسرحية عبثية ماجنة وإخراجها، وعند رفع الستارة سيكون الواقع مؤلما لها".
وأكد الشاطر أن "المفوضية أثبتت انفصالها تماما عن الثورة التي تنشد بناء دولة ديمقراطية، المدارس للفضيلة وليس المجون".
وكان السايح قد أعلن خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد الماضي في العاصمة طرابلس، عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال النصف الأول من الشهر المقبل، مشيرا إلى أن الانتخابات ستجري وفقا للقوانين التي أقرها مجلس النواب.
وقال السايح: "ستُجرى عمليتا الانتخابات الرئاسية والنيابية بناء على ما ورد بالقانون رقم (1) لسنة 2021 لانتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، والقانون رقم (2) بشأن انتخاب مجلس النواب".
وأشار السايح إلى أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجري على التوالي، أي انتخاب البرلمان بعد انتخاب رئيس الدولة بثلاثين يوما، إلا أنه استدرك الأمر بقوله إنها ستجري بــ"التزامن من حيث الإجراءات"، وقال: "يُحدَّد موعد يوم الاقتراع بالنسبة للجولة الأولى من انتخاب رئيس الدولة بناء على مقترح مقدم من المفوضية إلى مجلس النواب لإقراره"، وأضاف: "بينما تتزامن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات النيابية، أما يوم الاقتراع فيحدد بناءً على مقترح من المفوضية قبل أن يحال إلى مجلس النواب لإقراره".
وأحدث قانون الانتخابات الرئاسية الذي أقره النواب في 18 أغسطس/ آب الماضي، وقانون الانتخابات البرلمانية الذي أقره النواب في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، جدلا واسعا في الأوساط الليبية على خلفية إصدار "قانون انتخاب رئيس الدولة بشكل فضفاض ودون أي قيود على المترشحين لمنصب لرئيس الدولة، لا سيما العسكريين ومزدوجي الجنسية، كما أنه لم يوضح صلاحيات الرئيس وشكل نظام الدولة".
وجاء الجدل الأكبر حول المادة الثانية من قانون انتخاب البرلمان الجديد، حيث نصت المادة على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتتابع وليس بالتزامن، كما نصت خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي على ذلك.
وتوضح المادة الثانية من قانون الانتخابات البرلمانية، انتخاب البرلمان الجديد بعد انتخاب رئيس الدولة بثلاثين يوما، حيث طالب 27 حزبا وتكتلا سياسيا مجلس النواب بضرورة إجراء تعديلات عليه، منها إلغاء هذه المادة، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن، بالإضافة للسماح لممثلي الأحزاب بالترشح بنظام القائمة لا بالنظام الفردي. 
كما طاول ظروف إقرار القانونين شبهٌ في طريقة التصويت عليه، حيث أكدت تصريحات عدد من النواب على عدم قانونية طريقة التصويت عليهما، إضافة لعدم توفر النصاب اللازم لإقرارهما ومخالفة جلسات التصويت للوائح الداخلية لمجلس النواب.
لكن اللافت في مستجدات العملية الانتخابية هو صمت المجلس الأعلى للدولة، الذي طالما أعلن عن رفضه للقوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب. وفي 12 من الشهر الجاري خاطب المجلس الأعلى للدولة المفوضية العليا للانتخابات بشأن "ضرورة إيقاف قوانين الانتخابات التي أقرها مجلس النواب أخيرًا إلى حين التوافق حولها مع المجلس الأعلى للدولة"، باعتبارها "مخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب، والاتفاق السياسي الليبي المضمن بالإعلان الدستوري".

المساهمون