أثارت خطوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، سحب عدد من مشاريع القوانين البارزة من على طاولة البرلمان، والتي كان يسعى إلى تشريعها خلال جلساته المقبلة، جدلاً بين القوى السياسية. فبينما عدّها نواب تعطيلاً لعمل المؤسسة التشريعية، أثنى آخرون على الخطوة، معتبرين أنها مهمة من أجل تعديل صياغتها.
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء عقد الثلاثاء الماضي، تم تخويل السوداني صلاحية سحب مشاريع القوانين من البرلمان، وقد وجّه بدوره بسحب قوانين التجنيد الإلزامي، معالجات التجاوزات السكنية، مجلس الإعمار، قائمة السفراء، تعديل قانون الشركات، التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية، التعديل الثاني لقانون الطرق العامة، والخدمة المدنية الاتحادي.
وتُعدّ هذه القوانين التي تم سحبها بقرار السوداني، من أهم القوانين المطروحة للتشريع في البرلمان بدورته الحالية، باعتبار أن سحبها أثّر بشكل سلبي على عمله، ما أثار انتقادات ومطالبات بإعادتها إلى البرلمان.
ووفقاً للنائبة عن "تحالف الفتح" ابتسام الهلالي، فإنّ "قرار سحب عدد من مشاريع القوانين من مجلس النواب، من ضمنها قانون معالجات التجاوزات السكنية، والخدمة المدنية الاتحادي، والتجنيد الإلزامي، أفرغ البرلمان من محتواه"، معتبرة أن ذلك "سيعطّل العمل البرلماني".
وأضافت، لوكالة "شفق نيوز"، أنّ "البرلمان ليست لديه حالياً قوانين مهمة لإقرارها بعد سحب تلك القوانين"، مبيّنة أنّ "ما تبقى من القوانين الموجودة حالياً في المجلس بحدود 20 قانوناً فقط"، داعية رئيس الوزراء إلى "تشكيل لجنة مشتركة مع البرلمان لدراسة تلك القوانين وتعديلها وإعادة إرسالها إلى البرلمان لأجل التشريع".
وشددت الهلالي على "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات اللجان البرلمانية، وإعادة إرسالها إلى البرلمان لإقرارها بعد إقرار قانون الموازنة".
غير أنّ النائب عن "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، عارف الحمامي، أثنى على خطوة سحب القوانين، وقال في تصريح متلفز، إنّ "سحب القوانين خطوة قانونية، وأن تلك القوانين مرسلة من قبل الحكومة السابقة (حكومة مصطفى الكاظمي)، وأن الحكومة الحالية لها رؤية خاصة تختلف عن السابقة".
وأكد أنّ "حكومة السوداني تعتزم إجراء تعديلات على تلك القوانين وفق ما جاء في المنهاج الحكومي"، مشيراً إلى أنّ "هناك قوانين عليها ملاحظات حتى من قبل البرلمان، وأن القوانين التي سحبت متروكة للحكومة".
من جهته، رجّح نائب في اللجنة القانونية البرلمانية تحدث إلى "العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ أغلب القوانين التي تم سحبها من قبل الحكومة لن تعاد إلى البرلمان، وخصوصاً قانون التجنيد، وقانون معالجة التجاوزات السكنية، كونها لا تتناسب مع رؤية الحكومة الحالية.
وبيّن أن "القوانين في البرلمان يتم تكييفها مع رؤية الكتلة الكبرى برلمانياً، وكما هو معلوم أن الكتلة الكبرى هي التي شكلت الحكومة، وأن التعارض بين وجهتي حكومة الكاظمي والسوداني دفع باتجاه سحبها، لذا فإن الحكومة الحالية من المفترض أن تجري تعديلات عليها وتعيدها إلى البرلمان للتصويت عليها".
واستدرك أن "الحكومة لم تشكل حتى الآن لجاناً لمراجعة تلك القوانين وتكييفها وفقاً لما تراه مناسبا لها، وهو ما يؤشر إلى إمكانية إهمال القوانين وعدم إعادتها إلى البرلمان"، مؤكداً أن "تقاطع الرؤى والتوجهات السياسية بات مؤثرا على عمل البرلمان، الذي يجب أن يكون له دور في تشريع القوانين المهمة، خصوصاً وأن الشعب الذي اختار البرلمان ينتظر هذا الدور".
ويقاس الدور التشريعي للبرلمان بعدد القوانين المهمة والمثيرة للجدل التي يستطيع تمريرها في دورته، والتي يستطيع من خلالها تجاوز الخلافات بين القوى السياسية، وتحكّم الحكومة بتلك القوانين وسحبها أو إفراغها من محتواها، سيكون له أثر سلبي على العمل التشريعي.