ثالوث يضيّق الخناق على سعيّد: أزمة اقتصادية وضغط خارجي ومعارضة صامدة

02 مايو 2023
لم تفلح الجهود الإيطالية في إقناع المانحين الأوروبيين والدوليين بدعم تونس (Getty)
+ الخط -

يضيق الخناق على حكومة الرئيس التونسي قيس سعيّد يوماً بعد يوم، بسبب الأزمة الاقتصادية وتبخر آمال إنعاش الخزينة المنهكة، وانسداد المنافذ الدولية.

أمام ذلك، يحاول سعيّد تحريك مصادر داخلية يمكن أن تنعش الوضع المالي، مثل ملف إنتاج الفوسفات والصلح الجزائي مع رجال الأعمال، برغم أنها ملفات لا تتحرك بالسرعة التي يريدها للخروج من أزمة آخذة بالتصاعد.

أوروبا ترفض ضغوط إيطاليا لتقديم الدعم

ولم تفلح الجهود الإيطالية في إقناع المانحين الأوروبيين والدوليين بدعم تونس، برغم أنّ مسؤوليها لم يتركوا مناسبة أو اجتماعاً في الأسابيع الأخيرة إلا طرحوا فيه الملف التونسي، واستعجلوا تقديم دعم سريع للبلاد.

وأثار المسؤولون الإيطاليون "مخاوف بقاء الإسلاميين في الحكم"، وحذروا من التغلغل الروسي والصيني في المنطقة، غير أنّ ذلك لم يؤدِّ إلى نتيجة فعلية على صعيد دعم تونس.

وكشفت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، أنّ الاتحاد الأوروبي قرر عدم تقديم مساعدات مالية مقررة لتونس، إلا بعد حصول صندوق النقد الدولي على ضمانات حول الإصلاحات المطلوبة.

وكتبت الصحيفة أنّ "الاتحاد الأوروبي يقدم فقط الكلام والوعود، وأنّ استراتيجية إيطاليا لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من تونس إلى إيطاليا بدأت تنهار أمام جدار أوروبا"، مضيفة أنّ "أوروبا لن تساعد تونس.. البلد الذي ينهار".

ويقرّ عضو البرلمان السابق والناشط السياسي المقيم في إيطاليا، مجدي الكرباعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، بـ"فشل المساعي الإيطالية في حشد الدعم الأوروبي لتونس"، مرجّحاً أن "يكون تصلّب موقف الرئيس قيس سعيّد بشأن ملف المسار السياسي ووضع الحريات في البلاد وراء ذلك".

وقال الكرباعي إنّ السلطات الإيطالية سعت لضمان مواصلة الدعم الأوروبي لاعتبارات متعقلة بالهجرة، لكنها لم تجد التجاوب الكافي من باقي دول الاتحاد.

ويرى الكرباعي أنّ "دول الاتحاد الأوروبي باتت أكثر وضوحاً في منهجية تعاملها مع السلطات التونسية، حيث أصبحت أكثر إصراراً على الوصول إلى حلول جذرية في المسألة الاقتصادية والاجتماعية بعد أن ضخت خلال السنوات السابقة الكثير من التمويلات لفائدة تونس، في إطار برامج إصلاح لم تؤت أكلها".

وأشار في سياق متصل إلى أنّ "شركاء تونس من دول الاتحاد الأوروبي وأيضاً الولايات المتحدة الأميركية يريدون وضوحاً بشأن موقف السلطات التونسية، ولا سيما الرئيس قيس سعيّد، من ملف الإصلاحات الاقتصادية وأيضاً المسار الديمقراطي في البلاد ومسألة الحريات، غير أنّ السلطة التونسية لا تتجاوب معهم بالقدر الكافي".

وأمس الاثنين، أشار الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، إلى عدم وضوح الموقف بين ما يصرح به الرئيس سعيّد بخصوص رفض إملاءات صندوق النقد الدولي من ناحية، والمفاوضات التي تجريها الحكومة مع ذات الصندوق من ناحية أخرى.

ودعا الطبوبي إلى الحوار "كسبيل وحيد" لإنقاذ البلاد، مجدداً رفض المنظمة النقابية الأكبر في تونس لضرب الحريات واستهداف الديمقراطية.

معارضة قوية ونشطة

وبرغم التضييقات والاعتقالات التي استهدفت أبرز قادتها، لا تزال المعارضة التونسية تتحرك في الشارع وتكثف من نقدها للسلطة، حيث عادت جبهة الخلاص الوطني المعارضة مجدداً إلى شارع بورقيبة وسط العاصمة تونس، السبت الماضي، فيما نظم الحزب الجمهوري، الأحد، ندوة سياسية حضرتها شخصيات معارضة عديدة للبحث في واقع مقاومة "الانقلاب"، وطبيعة المشهد الحالي.

وقالت نائبة رئيس البرلمان المنحل، سميرة الشواشي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ الاعتقالات التي شملت عدة سياسيين ومحامين وخطوات السلطة التصعيدية تجاه المعارضة "كانت متوقعة منذ البداية"، مضيفة: "لطالما حذّرنا من هدم المؤسسات وكتم الأفواه وضرب المعارضين، وهو ما حصل بالفعل، وتبيّنه الجميع اليوم". وشددت على عدم التخلّي عن الضغط والمساندة "إلى حين إطلاق سراح جميع المعتقلين".

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ حركته ستواصل التعاطي القانوني في مسألة تفتيش مقرّها، وليس لديها ما تخفيه أو ما يقلقها في أي عملية تديرها المؤسسة القضائية، مشدداً في المقابل على ضرورة بقاء القضاء مستقلاً دون تدخل من أي جهة كانت.

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، بلقاسم حسن، (أوقفته السلطات ثم أطلقت سراحه أخيراً)، إنّ "النهضة تعوّل على صوتها في مقاومة الانقلاب بطرق سلمية مدنية، وسيسقط مهما طال الزمن أو قصر". وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ النهضة "ستظل تنظيماً مدنياً حزبياً يؤمن بالديمقراطية".

المساهمون