دعت 21 منظمة وجمعيّة حقوقية في تونس، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، إلى ضرورة تحديد مدة التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها يوم 25 يوليو/تموز 2021، وجدّدها يوم 24 أغسطس/آب الجاري، وإلى ضرورة إطلاق حوار وطني يجمع الأطراف الوطنية من أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية (باستثناء من يثبت تورطه في قضايا فساد، وضمن إطار محاكمة عادلة)، من أجل تحقيق الإصلاح السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحتاجه تونس.
وطالبت الجمعيات، في بيان مشترك لها صدر مساء السبت، بـ"تحييد المؤسسة العسكرية والنأي بها عن كل التجاذبات السياسية والكف عن استعمال القضاء العسكري في محاكمة المدنيين، واحترام الفصل بين السلطات وضمان استقلالية السلطة القضائية والعودة إلى المجلس الأعلى للقضاء".
ومن بين بعض الجمعيات الموقعة على هذا البيان المشترك، منظمة 10-23 لدعم المسار الديمقراطي، وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، ومركز تونس لحرية الصحافة.
وقال عضو جمعية "يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية"، مسعود الرمضاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد مرور مهلة الشهر التي حددها رئيس الجمهورية وتمديد التدابير الاستثنائية لا يزال الغموض متواصلا، وهناك حالة من الترقب والانتظار لتعيين رئيس حكومة وتقديم تصور ورؤيا للمستقبل"، مبينا أن "الوضع متأزم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى ما يتصل بالمؤسسات الدولية المانحة، إذ إن الحوار متوقف منذ فترة حتى قبل الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية"، مشيرا إلى أن "المانحين دعوا إلى ضرورة تنقية المناخ السياسي في تونس، وبالتالي لا بد من الخروج من وضع الترقب".
وأضاف الرمضاني أن "هناك تجاوزات تمس بالحريات والحقوق والإقامة الجبرية والمنع من السفر، وحتى ما يتصل بالتعامل مع القضاء".
وبيّن أن "المنظمات دعت إلى النأي بالمحاكم العسكرية عن التجاذبات السياسية، ولكي تبقى المؤسسة العسكرية في نفس المسافة والدور الموكلين لها عبر التاريخ وخلال الثورة"، مؤكدا أن "الزج بالمحاكم العسكرية ومحاكمتها لمدنيين هو تجاوز غير مقبول، ولا يستجيب لمقومات الديمقراطية، لأن محاكمة المدنيين تكون في المحاكم العادية وبحضور محاميهم".
ولفت إلى أن "الحديث عن الضغط على الأسعار ينتفي أمام وجود استراتيجية تحددها الدولة، فالأسعار لا تحددها ردود الفعل ولا التصريحات، بل تكون ضمن استراتيجية تحددها الدولة وهوامش الربح وقانون واضح"، مؤكدا أن "تونس بعد الثورة حققت مكاسب من الحريات والمؤسسات، وبرغم النقائص والإشكاليات التي حصلت والتجاذبات ينبغي عدم التراجع عن كل ذلك وخسارته، مضيفا أن "مؤسسات الدولة المستقلة هي التي تحارب الفساد".
وأوضح: "صحيح أن تونس لم تحقق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهو ما كان وراء عديد الأزمات، ولكن هناك ثنائية لا بد من تحقيقها بعيدا عن تقييد الحريات والمنع من السفر: التنمية والحقوق"، مؤكدا أن هناك "مخاوف حقيقية، خاصة أنني كحقوقي عايش الفترتين، أي فترة الاستبداد في نظام بن علي عندما كان مطلوبا الصمت والتغاضي عن الحقوق لتحقيق النمو الاقتصادي، وفترة بعد الثورة التي عرفت تحقيق مكاسب تهم الحقوق والحريات".
ولاحظ أن "الإطار الديمقراطي يجب أن يعود مع رؤيا مستقبلية في إطار الدستور وعلاقة واضحة بين جميع الأطراف والمؤسسات التنفيذية والتشريعية"، مضيفا أنه "خلافا لهذا التوجه ستكون الضبابية والانتظار وحتى ممن ساندوا الرئيس في قراراته، فكلما طال الانتظار سيتحول الأمر إلى قلق وخوف"، مؤكدا أن "تجميع السلطات بيد شخص واحد يمهد للدكتاتورية مهما كانت قناعات الشخص وإيمانه بالديمقراطية".