يسود مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، منذ ثلاثة أيام، توتر بين محتجين وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
وأغلق شبان الشارع الرئيسي بمحاذاة مخيم نور شمس في المدينة لعدة ساعات ليلاً بالإطارات المشتعلة على مدار ثلاث ليالٍ، على خلفية اعتقال المباحث العامة لشاب من المخيم، فيما امتد التوتر إلى المدينة نفسها الليلة الماضية، حيث جرت صدامات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومشاركين في مسيرة مؤيدة لـ"كتيبة طولكرم- الرد السريع"، على خلفية اتهام الكتيبة للأجهزة الأمنية بملاحقتها.
فقد خرجت عند الساعة الحادية عشرة ليلاً الجمعة عند ميدان جمال عبد الناصر وسط المدينة مسيرة دعماً لـ"كتيبة طولكرم"، إثر دعوة الكتيبة في بيان نشرته على "تليغرام"، للالتفاف حولها. وسبق ذلك بيان آخر في اليوم السابق، اتهمت فيه الأجهزة الأمنية بملاحقتها، داعية الأمن إلى الكف عن ذلك.
وعلق النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي المنحل حسن خريشة، لـ"العربي الجديد"، بالقول إنّ "ما يجري مرتبط بتعميم ظاهرة المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، ومن الطبيعي أن تلتحق طولكرم أسوة بشمال الضفة الغربية، وبشكل خاص نابلس وجنين".
وتابع خريشة: "تم الإعلان منذ فترة بسيطة عن وحدة الرد السريع، والأمن الفلسطيني حاول اعتقال أحدهم، فيما اعتقلت قوات الاحتلال آخرين، ورغم ذلك أصرّ الشبان على إكمال مسيرتهم أسوة بالمدن الفلسطينية الأخرى".
وأكد خريشة أنّ "التظاهر تضامناً مع كتيبة طولكرم يظهر الحاضنة الشعبية الحقيقية لكل من يقول إنه مع المقاومة أو يمارسها، وإنها تتدخل من أجل منع اعتقال هؤلاء"، مشيراً إلى وجود سخط شعبي.
وتابع خريشة: "أتمنى أن لا تصل الأمور إلى تناحر فلسطيني، كلنا وبمن فيهم المقاومون الجدد، سلاحنا يجب أن يوجه إلى الاحتلال، وأعتقد أن هؤلاء لا يريدون الاشتباك مع السلطة الفلسطينية على اعتبار أن أفرادها أبناء الشعب الفلسطيني، لكن المطلوب من السلطة رفع يدها عن المقاومة والمقاومين، وأن تعتبرهم حالات وطنية يجب عدم المس بها".
وفي ما يتعلق بالتوتر المتواصل عند مخيم نور شمس، فأخذ شكل إغلاق الشارع الرئيسي باحتجاجات وإشعال إطارات للمطالبة بالإفراج عن شاب معتقل لدى الأجهزة الأمنية.
حاول الاحتلال اعتقال الشاب بعد اقتحام منزله، وفي ذات الوقت اعتقل الأمن الوقائي شابّين من منطقة الحارة الشرقية في طولكرم
وأكدت مصادر من الأمن الفلسطيني، لـ"العربي الجديد"، أنّ الأمر متعلق بشاب أوقف الأربعاء الماضي، قرب عنبتا، شرقي طولكرم، وبحوزته أربع رصاصات، فيما فر عدد من مرافقيه. وبحسب المصدر، فقد اعترف الشاب بأن الرصاصات "لها علاقة بمشكلة مع شخص آخر"، وقد أحيل إلى النيابة العامة.
وتواصل "العربي الجديد" كذلك مع والد الشاب، الذي قال إنّ اعتقال ابنه لا علاقة له بملفات أخرى، و"القضية بسيطة جداً لا تستوجب إحالة إلى النيابة العامة، فالاعتراف الذي يتم الحديث عنه قد يكون انتزع لمحاولة ابنه التخلص من الاتهامات الموجهة إليه".
وكشف المتحدث باسم "كتيبة طولكرم"، المكنّى بـ"أبو شمس"، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن محاولة جهاز الأمن الوقائي، مساء الأربعاء والخميس الماضيين، اعتقال أحد عناصر الكتيبة من منزله بعد ملاحقة مركبته في شوارع مدينة طولكرم، وتبين للأمن أن من يقود المركبة شقيق ذلك العنصر، وتمت مصادرة المركبة.
وأضاف أبو شمس: "مساء الأربعاء، حاول الاحتلال اعتقال الشاب بعد اقتحام منزله، وفي ذات الوقت اعتقل الأمن الوقائي شابّين من منطقة الحارة الشرقية في طولكرم، ظنًا منهم أن لهما علاقة بالكتيبة، إذ تم استجوابهما إن كانا يعرفان أي شيء عن الكتيبة، وتوضح أن لا علاقة لهما بنا".
وبيّن أبو شمس أنّ الكتيبة ناشدت الأجهزة الأمنية مرتين، قائلًا: "الأولى بأسلوب رابطة الدم التي تجمعنا بهم، والمرة الثانية بلغة شديدة اللهجة ومباشرة للأشخاص الذي يديرون ملف المطاردين وتحديداً جهاز الأمن الوقائي، ووجهنا رسالة لهم بأننا نتجنب الاشتباك معهم، ولا نريد أن نحاسَب يوم القيامة على مواجهة فلسطيني، لأن عدونا الوحيد هو الاحتلال الإسرائيلي".
وأبدى المتحدث باسم "كتيبة طولكرم" تخوفاً من أنّ ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية صارت تكشف عن أسمائهم للشارع، مبيناً في السياق أن أعداد أفراد الكتيبة بازدياد، بعدما بدأت باثنين.
ونشرت "كتيبة طولكرم" بياناً، أول أمس الخميس، أرسلت فيه رسالة إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، تطالبها بكف يدها عنها، كما أرسلت رسالة إلى شخص في جهاز الأمن الوقائي دون ذكر اسمه، تطالبه بالتراجع عما يقوم به بحق جنودها، حسب وصف البيان.
وظهر عدد من الملثمين المسلحين، ليل 22 فبراير/ شباط الماضي، باسم "كتيبة طولكرم"- الرد السريع"، عبر بيان تلوه وسط مدينة طولكرم وتم توثيقه بشريط فيديو نشر على "تليغرام"، في إطار ردود الفعل على العدوان الإسرائيلي على نابلس صبيحة اليوم ذاته، والذي أدى إلى استشهاد 11 فلسطينياً، فيما كانت أعلنت الكتيبة، قبل ذلك على المنصة، عن عمليات إطلاق نار على حواجز الاحتلال.
وأعلنت الكتيبة عن عدة عمليات إطلاق نار في اتجاه حواجز الاحتلال منذ انطلاقها، كان آخرها فجر أمس الجمعة، على حاجز "عناب" العسكري المقام شرق طولكرم.