يستعد ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية لإجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد له خلال الشهر المقبل، في ظل أنباء عن تنافس وُصف بـ"الكبير" بين عدة شخصيات لتولي المنصب، في وقت تشهد فيه القضية السورية تطورات من شأنها تحريك العملية السياسية الراكدة منذ نحو عام.
وذكرت مصادر من داخل الائتلاف لـ"العربي الجديد"، أنه "بالفعل هناك عدة شخصيات تتجه إلى الترشّح لمنصب الرئيس ولمنصبي نائبي الرئيس ومنصب الأمين العام للائتلاف"، مضيفة: "حتى اليوم (الأربعاء) لم يتقدم أحد بطلب ترشح بشكل رسمي".
وبيّنت المصادر، التي فضّلت عدم ذكر اسمها لأنها غير مخولة بالحديث العلني، أن "النظام الداخلي للائتلاف ينص على عدم جواز الترشح لمنصب للمرة الثالثة"، مضيفة: "هذه هي طبيعة الائتلاف منذ تأسيسه".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن "بعض الشخصيات المعروفة في المعارضة أعلنت نيتها الترشح لمنصب الرئيس، من هذه الشخصيات أحمد طعمة (رئيس وفد المعارضة إلى محادثات مسار استانة)، وسالم المسلط (الرئيس الحالي)، وهيثم رحمة (الأمين العام الحالي للائتلاف وعضو وفد المعارضة إلى أستانة)، وهادي البحرة (الرئيس المشترك للجنة الدستورية)".
وأشار إلى أن نائبي الرئيس الحاليين وهما: عبد الحكيم بشار وربى حبوش لا يحق لهما الترشح لأنهما قضيا دورتين في المنصب.
وارتفعت خلال الأيام القليلة الفائتة الأصوات التي تنتقد الآليات المتبعة حاليا في انتخابات الائتلاف الوطني، من بين المنتقدين شخصيات شغلت في السابق مناصب قيادية.
وتعليقا على هذه الانتقادات، قالت المصادر إن "هذه الآليات هي التي جاءت بالأشخاص الذين ينتقدونها اليوم"، مضيفة: "كما قلت لا يحق لمن شغل منصبا قياديا في الائتلاف لدورتين الترشّح. ربما هذا هو السبب الحقيقي وراء ما سمعناه من البعض أخيرا من انتقادات عبر وسائل الإعلام".
ويخضع منصب رئيس الائتلاف للكثير من الحسابات والتوازنات الداخلية في مؤسسة الائتلاف نفسه، والتي تضم العديد من المكونات والكتل السياسية التي تشهد في كل دورة انتخابية استقطابا كبيرا، كان له دور في خلق أزمة ثقة بين الائتلاف والشارع السوري المعارض.
وتشير الوقائع والمعطيات إلى أن لأنقرة دورا بارزا في اختيار رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، وهو ما يجعل الانتخابات التي تجري على منصب الرئيس ونائبيه "شكلية"، وفق مصادر أخرى في الائتلاف.
ويأتي التنافس على المناصب القيادية في الائتلاف الوطني المعارض في وقت تشهد فيه القضية السورية الكثير من التطورات مع تبلور مسار عربي للحل يقوم على منهجية "خطوة مقابل خطوة"، والذي يدفع باتجاه عودة العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة من بوابة اللجنة الدستورية، والتي توقفت جلساتها قبل نحو عام.
"قيادة رمزية"
وفي تعليقه على التنافس الموجود لشغل منصب رئيس الائتلاف، أشار محمد سالم، وهو مدير تحليل السياسات في مركز "أبعاد" للدراسات، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الأنباء التي ترد تؤكد أن المنصب محسوم لصالح هادي البحرة"، مضيفا: "هذا ما أدى كما يبدو إلى ظهور اعتراضات داخلية ومن أعضاء قياديين سابقين للائتلاف".
ويعتقد سالم أنه "لا مشكلة في التوافق على شخصية معينة خاصة في أوقات الأزمات، حتى لو تكررت هذه الشخصية"، مضيفا: "ففي الأوقات الصعبة هنالك حاجة لقيادة رمزية تجمع الناس حولها ولو كان هذا على حساب مبدأ تداول السلطة، بشرط أن يكون هنالك توافق حقيقي وطني على هذه القيادة".
وتابع: "يجب ألا يتم تعيين هذه القيادة من قبل القوى الخارجية المتدخلة، الأمر الذي يجعل شرعية المؤسسة كلها على المحك، ولذلك بالفعل تراجعت أهمية الائتلاف بشكل كبير بالنسبة للسوريين والمعارضة السورية، كما تراجعت أهميته أيضاً بالنسبة للدول، لأنها باتت أكثر قدرة على التحكم فيه مع علمها بضعف تمثيله الشعبي".
وكان الائتلاف قد أُسس في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012 في العاصمة القطرية الدوحة في ذروة الحراك الثوري في سورية، ليكون الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية، ونال اعترافاً وترحيباً إقليمياً ودولياً، ولكنه مع مرور السنوات فقد الكثير من بريقه السياسي.
ويضم الائتلاف العديد من الكتل السياسية، أبرزها: حركة الإخوان المسلمين، والمجلس الوطني الكردي، والمجلس الوطني التركماني، والمجالس المحلية ومجلس القبائل والعشائر، والحراك الثوري، والتيار الوطني وحركة العمل الوطني وتيار المستقبل، إضافة إلى "رابطة الأكراد" المستقلين، والتجمع الوطني، ورابطة العلماء، والكتلة الوطنية، والمنظمة الآثورية، وكتلة للمستقلين وأخرى للعسكريين.