أفقد تكتيك قوات الحكومة الشرعية الأخير وتوسيعها المعارك في جبهات عدة، لا سيما في تعز حيث تحقق انتصارات سريعة، جماعة الحوثيين توازنهم، خصوصاً في محافظة مأرب، التي لا تزال الجماعة تحاول السيطرة عليها، من دون جدوى. وواصل الحوثيون استهداف مأرب بالصواريخ، التي تصدت قوات التحالف بقيادة السعودية لبعضها، وشنّت بدورها غارات عدة على مواقع مفترضة للجماعة، لا سيما في العاصمة صنعاء.
وأعلن الحوثيون، أمس الخميس، أنّ طيران التحالف شنّ 7 غارات جوية على مناطق عدة بالعاصمة صنعاء. وذكرت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة أن "طيران التحالف شن غارتين على حي النهضة، بالقرب من وسط صنعاء، و3 على مديرية أرحب، في الضاحية الشمالية للعاصمة"، كما شن غارة جوية على شبكة اتصالات في منطقة المحجر بمديرية همدان، شمال غربي صنعاء، مع تنفيذ غارة أخرى على منطقة بيت نَعَم في المديرية نفسها.
يواصل الحوثيون تكبد الخسائر على جبهات مأرب
وجاءت الغارات على صنعاء بعد ساعات من إطلاق الحوثيين عدة صواريخ على قاعدة عسكرية تابعة للقوات الحكومية في مدينة مأرب، التي تدور على أطرافها الغربية أعنف المعارك منذ أشهر. ودان وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني القصف الصاروخي الحوثي، وقال إنه استهدف حي المطار السكني، وسط مدينة مأرب، ما أسفر عن إصابة مدنيين. كما جاءت الغارات بعدما أعلن التحالف، مساء الأربعاء، تدميره "هدفاً جوياً معادياً" للحوثيين في مدينة مأرب، مؤكداً دعمه لعمليات الجيش اليمني والقبائل في المحافظة للتقدم وحماية المدنيين.
ويواصل الحوثيون تكبد الخسائر على جبهات مأرب، حيث أحبطت قوات الحكومة الشرعية، مساء الأربعاء، محاولة مجموعات من الجماعة التقدّم باتجاه مواقع في جبهة الكسارة بمديرية صرواح، غرب المحافظة، بحسب وكالة "سبأ" بنسختها التابعة للحكومة.
وغيّر توسيع قوات الحكومة الجبهات ضد الحوثيين في الغرب والشرق والوسط، موازين معركة مأرب، لا سيما بعد فتح الشرعية معركة تحرير ما تبقى من محافظة تعز، بشكل مفاجئ، وتعرض الحوثيون فيها لانهيارات باتت تؤثر على وضعهم في جبهات مأرب. وذكرت وكالة "سبأ" التابعة للشرعية، أمس الخميس، نقلاً عن مصدر عسكري، أنّ "قوات الجيش الوطني حررت مواقع جديدة بجبهتي مقبنة والكدحة، غرب تعز، بعد مواجهات مع المليشيات الحوثية، موقعة خسائر في صفوف المليشيات".
وفي ظلّ المعارك في تعز، أمهل محافظها نبيل شمسان من اعتبرهم مغرراً بهم في صفوف الحوثيين، ثلاثة أيام للالتحاق بصفوف الجيش، مع تأكيده عدم ملاحقة من يتخلى عن القتال في صفوف المليشيات. وأكد مصدر عسكري في محور تعز لـ"العربي الجديد"، أن "المعركة مستمرة حتى تحرير كامل المحافظة من المليشيات الحوثية".
انهيارات الحوثيين في تعز تؤثر على وضعهم في جبهات مأرب
في السياق، قال القيادي في قوات الشرعية في المنطقة السادسة العميد أبو أيهم الجوفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحوثيين كثفوا خلال الفترة الماضية من استخدام الصواريخ البالستية على مأرب، بعدما فشلوا في اقتحامها، لا سيما بعدما دفعت الحكومة الشرعية بقوات كبيرة من جميع المناطق العسكرية إلى مأرب، وبدأت بشن هجمات عكسية ضدّ الحوثيين، والتقدم بشكل شبه يومي والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت تحت سيطرة المليشيات". ورأى الجوفي أن "الحوثيين انهاروا ليس فقط بسبب الفشل في اقتحام مأرب، وخسارة مواقع كانت معهم، بل أيضاً بسبب فتح جبهات الجوف وتعز، ما أربكهم، خصوصاً أنهم يتراجعون في الأخيرة، وأصبحوا غير قادرين على الموازنة في إدارة المعركة، بعد تلك الهزائم وخسارتهم قوة بشرية كبيرة في معارك مأرب الأخيرة، كان قد تم نقلها من جبهات أخرى، ومنها ما أرسل من تعز". وأضاف أن "الحوثيين ما كانوا يتوقعون أن تغيّر الشرعية استراتيجيتها وتفتح جبهات تعز، على عكس ما كان يحدث في السابق، عندما كان الحوثيون يستفردون بجبهة معينة لإسقاطها، وكانوا يسحبون أغلب قواتهم إلى الجبهة التي يريدون السيطرة عليها، لأن قوات الشرعية في الجبهات الأخرى لم تكن تتحرك ضد الحوثيين، ولا تستغل سحب قواتهم وضعف موقفهم في معظم الجبهات. لكن تغيير استراتيجية الشرعية وتحريك جبهات الجوف والضالع وخصوصاً تحريك جبهة تعز، أفقد الحوثيين توازنهم".
ويرى متابعون للوضع أن الانتصارات السريعة لقوات الشرعية، "تأتي بسبب توسّع الجبهات ضد الحوثيين، وخسارتهم أغلب قوتهم البشرية في مأرب، ما كشف ضعفهم في باقي الجبهات، لا سيما في تعز، وهذا ما يجعلهم غير قادرين على إدارة المعركة، بسبب فقدانهم التركيز في اختيار المحافظة على وجودهم في أجزاء من مأرب، أو الحفاظ على وجودهم في تعز، لأنّ الخيارين معقدان في الجوانب العسكرية في الحسابات الاستراتيجية. فخسارة تعز تعني خسارة محافظة إب، وبالتالي فتح معركة محافظة ذمار، المعقل الرئيسي للحوثيين حالياً، والخزان البشري لهم. كما أنّ خسارة الأجزاء التي تسيطر عليها الجماعة في مأرب، تفتح معركة صنعاء من اتجاهات متعددة، لذلك فإن الحوثيين اليوم أمام خيارين معقدين: إما مأرب أو تعز.