كشفت مصادر قريبة من المفاوضات الأفغانية في الدوحة لـ "العربي الجديد"، اليوم السبت، حصول تقدم في المحادثات متوقعة صدور بيان مشترك بين وفد الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" قريباً بهذا الشأن، في وقت يثير فيه قرار واشنطن سحب قواتها العسكرية مزيداً من القلق في الأوساط الحكومية.
ورغم المصاعب فإنّ المحادثات الأفغانية التي تجرى منذ شهرين في العاصمة القطرية تمثل أفضل أمل منذ سنوات لإحلال السلام، وتأتي نتيجة للاتفاق المبرم في الدوحة، في فبراير/ شباط، بين "طالبان" والولايات المتحدة، الذي يُتيح للقوات الأميركية الانسحاب مقابل وعود من الحركة بوقف العنف.
وكانت وكالة "فرانس برس" قد نقلت، أمس الجمعة، عن مصادر، أنّ الوفدين تمكنا على ما يبدو من تسوية واحدة من نقاط الخلاف الأساسية تتعلق بقواعد المفاوضات.
ولم تنجح فرق الاتصال المشكّلة من الطرفين في التوصل إلى اتفاق إطار، أو ما تسمى "مدونة سلوك" تسمح بالبدء في مفاوضات حقيقية تنهي الحرب وتحقق السلام في أفغانستان.
من جانب آخر، قال رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية، عبد الله عبد الله، إنّ القرار الأميركي ببدء سحب القوات من أفغانستان "يأتي في وقت مبكر للغاية"، مشيراً إلى أن بلاده ما تزال تكافح لتحقيق السلام والأمن وسط الصراع الدائر.
وفي مقابلة مع وكالة "أسوشيتيد برس"، اليوم السبت، قال عبد الله "هذا قرار الإدارة الأميركية ونحن نحترمه. كنا نفضّل أن يأتي هذا القرار مع تحسن الظروف".
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أعلنت، الثلاثاء، سحب نحو ألفي جندي أميركي إضافي من أفغانستان بحلول 15 يناير/ كانون الثاني، أي قبل خمسة أيام من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقد سرّعت بذلك البرنامج الزمني الذي وُضع بموجب الاتفاق الموقَّع في فبراير/ شباط الماضي بين واشنطن و"طالبان"، وينصّ على انسحاب كامل للقوات بحلول منتصف 2021. وبذلك سيصبح عديد القوات الأميركية في هذا البلد 2500 عسكري.
وأعرب مسؤولون أفغان عن مخاوفهم من أنّ الخفض السريع للقوات الأميركية يمكن أن يعزّز اليد التفاوضية لـ"طالبان".
وقال عبد الله: "لا يبدو أنّ الأمور ستسير كما نتمنى"، مضيفًا أنه يرحب ببقاء 2500 جندي وأن حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيحتفظ أيضاً بوجوده.
وقال رئيس المجلس الأعلى للمصالحة إنه واثق من أنّ الولايات المتحدة ستواصل دعم محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية و"طالبان" تحت إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقال عبد الله "ما هي الصيغة أو الشكل الذي سيتخذه هذا الأمر هو أمر لم يتضح بعد، لكنهم بالتأكيد سيدفعون باتجاه تسوية سلمية".
وأكد عبد الله، الذي تقاسم السلطة في الحكومة الأفغانية الأخيرة كرئيس تنفيذي وقبل ذلك كوزير للخارجية، أنّ "تسوية شاملة ستأتي نتيجة للمفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان"، بغض النظر عن أي مساهمة جديدة محتملة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة.
ووقعت واشنطن اتفاقاً مع "طالبان"، في فبراير/ شباط، لتمهيد الطريق لمحادثات الدوحة وانسحاب القوات الأميركية في نهاية المطاف. ودافع الأميركيون عن الاتفاق باعتباره أفضل فرصة لأفغانستان لتحقيق سلام دائم.
وأمس الجمعة، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن قطر ستواصل جهود الوساطة بين الأطراف الأفغانية ضمن سياستها الداعمة للاستقرار.
وقال خلال اجتماع نظمه أعضاء في مجلس الأمن ودول أخرى لدعم عملية السلام في أفغانستان إنّ "دورنا ودور بقية الدول يقتصر على مد يد العون والمساعدة، والأفغان وحدهم قادرون على تجاوز العقبات وتحقيق السلام".