استمع إلى الملخص
- الأراضي كانت ملكًا لعائلة الجاعوني قبل 1948، ثم مصادرة بريطانية وتسجيل أردني. تفكجي يرى القرار الإسرائيلي كمحاولة لإنهاء دور أونروا وتقويض حقوق الفلسطينيين.
- زياد الحموري ومحمد الهلسة يعتبران القرار جزءًا من استراتيجية إسرائيلية لمحو الهوية الفلسطينية وتقويض حق العودة، مشيرين إلى أن الضغوط المفروضة على أونروا تهدف لإضعاف قدرتها على خدمة اللاجئين.
قال الباحث المختص في شؤون القدس والاستيطان خليل تفكجي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الأراضي المقام عليها مقرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في القدس، والتي تمتد على مساحة 36 دونماً، مسجلة باسم خزينة المملكة الأردنية الهاشمية. وأصدرت سلطة الأراضي الإسرائيلية، يوم الخميس، قراراً يقضي بإخلائها، وأمهلت سلطة الأراضي الإسرائيلية وكالة أونروا 30 يوماً لتنفيذ أمر الإخلاء ودفع غرامة مقدارها 27 مليون شيكل، بزعم استخدام المكان خلال السنوات الماضية بشكل غير قانوني.
وكانت هذه الأراضي تتبع لعائلة الجاعوني المقدسية قبل عام 1948 وتمت مصادرتها من قبل الجيش البريطاني، وقامت الحكومة الأردنية في ذلك الوقت بتسجيلها باسم خزينة المملكة الأردنية الهاشمية، بالإضافة إلى منطقة تقابلها تعرف باسم الخزينة. وقال تفكجي: "بالتالي فإن الوكالة كانت مستأجرة الأراضي من الحكومة الأردنية، كما الحال بالنسبة إلى معهد التدريب المهني في قلنديا المملوكة لصالح خزينة المملكة الأردنية، ولهذا فسلطة أراضي إسرائيل تطالب بها كأراضي دولة انتقلت إليها بعد العهد الأردني، مثلها مثل عشرات المباني والمقرات والأراضي والمدارس التي كانت تدار من قبل الخزينة الأردنية، مثل مدارس الرشيدية والمأمونية والعمرية ومقر وزارة العدل في شارع صلاح الدين وقطعة الأرض التي تجاورها والتي حولتها البلدية إلى موقف للسيارات".
وفي قراءته لدوافع هذا القرار الاسرائيلي، قال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "لا شك بأن هذا القرار يأتي ضمن مخطط قديم جديد للقضاء على أونروا وإنهاء عملها من خلال تقليص المعونات المقدمة لها بتحريض اسرائيلي، وإنهاء أي دور لها سواء في الضفة أو غزة بدليل تدمير كل ما له صلة بالأونروا هناك".
وأشار إلى أن الأونروا في القدس تعرضت لهجمة مركزة، خصوصاً في مخيم شعفاط، كذلك استُهدفت عيادات الأونروا في القدس بدعوى عدم حيازتها على تصاريح من الاحتلال، وكذلك استُهدِفَت بحملة مركزة اتهمت الوكالة بالفساد المالي والأخلاقي وهي اتهامات ثبت لاحقاً بطلانها، قبل أن تتعرض لحملة ظالمة أخرى بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، باتهام عدد من موظفيها بالمشاركة في معركة طوفان الأقصى دون تقديم أي دليل يثبت هذه الاتهامات.
وعقب المحلل الإعلامي والسياسي، محمد الهلسة، على القرار الاسرائيلي بالقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الموقف الإسرائيلي الرسمي من الأمم المتحدة وهيئاتها الاغاثية هو موقف العداء، خصوصاً بعد الحرب على غزة، والسعي الإسرائيلي من خلال كل المؤسسات والوزارات والأمن والسفارات لانتهاز فرصة المناخات التي خلقتها الحرب لإنهاء دور الأمم المتحدة، حيث ظنت أن الأونروا هي المؤسسة الوحيدة التي تذكر إسرائيل بقضية اللاجئين وحق العودة للفلسطينيين، وبالتالي فإن إعفاءها يعفي إسرائيل من وزر تذكر حق الشعب الفلسطيني بالعودة".
وتابع: "الهدف برأيي انتقامي، وليس فقط سياسياً، وهو يستهدف أي طرف أو جهة اتخذ موقفاً ضد الممارسات الاسرائيلية"، وقال الهلسة: "برأيي إن مطالبة الأونروا في هذه المرحلة التي تواجه فيها أزمة مالية خانقة بعشرات الملايين من الدولارات يعني مفاقمة أزمتها وضائقتها وممارسة المزيد من الضغوط عليها. لذلك، أضعه أنا في سياق سياسي يتمثل بانتهاز الظروف التي خلقتها الحرب ووضع حد لهذه المؤسسات وتخليص إسرائيل من دورها، والخلاص من آخر الشواهد الدولية التي تذكر بقضية اللاجئين وحق العودة".
ويأتي القرار الاسرائيلي هذا بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي، الأربعاء، بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يلغي الحصانة والامتيازات الممنوحة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وقال الكنيست في بيانه: "من بين الحصانة والامتيازات التي تتمتع بها أونروا: الحصانة من الخضوع للمحاكمة، وحصانة الأرشيفات والمكاتب، وإعفاء أو تخفيض من الضريبة وضريبة الأملاك، وإعفاء من منع الاستيراد أو التصدير، وإعفاء من ضريبة الدخل وأخرى".
وتدير أونروا مخيم شعفاط للاجئين، الوحيد في القدس الشرقية، كما لها ثماني مدارس وعيادات طبية، فضلاً عن وجود مقرها الرئيس في حيّ الشيخ جراح. وكانت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، قد وافقت في شهر فبراير/ شباط المنصرم، على مشروع قانون لوقف عمليات أونروا في القدس الشرقية.
وكتب وزير الإسكان الإسرائيلي في حينه: "أود أن أوقف فوراً جميع عقود الأراضي الإسرائيلية مع منظمة أونروا الإجرامية، وإخراجها من الأراضي التي تم تأجيرها لها ومن جميع الأراضي التي تستخدمها الوكالة في دولة إسرائيل"، وأشار في هذا الصدد بشكل خاص إلى المقر الرئيس للوكالة في حيّ الشيخ جراح، وأيضاً إلى مقر للوكالة في حيّ كفر عقب شماليّ مدينة القدس الشرقية.
وكان أرييه كينغ، نائب رئيس بلدية الاحتلال، قد قاد قبل أسبوعين وقفة قبالة مقر أونروا في الشيخ جراح طالبت بإخراج الوكالة من هناك ومن جميع أنحاء القدس الشرقية، في حين تعرضت مقراتها في الشيخ جراح في غضون الأسابيع القليلة الماضية لسلسلة من الاعتداءات من قبل مستوطنين متطرفين خلال هذه الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الأونروا في الشيخ جراح، ما اضطر رئاسة الوكالة إلى إغلاقها والمطالبة بتوفير الحماية لمؤسساتها وموظفيها قبل إعادة فتح مكاتبها في الشيخ جراح.