تفاصيل لقاء وزير الخارجية الإيراني مع نواب لبنانيين في بيروت

28 ابريل 2023
ينهي عبد اللهيان اليوم زيارته إلى لبنان ويتوجه إلى سورية (حسام شبارو/الأناضول)
+ الخط -

ارتكزت تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال لقائه عدداً من المسؤولين اللبنانيين، أمس الخميس، على استعداد إيران لمساعدة لبنان في حلّ أزماته، لا سيّما تلك المتصلة بالطاقة، ودعم أي اتفاق بين القوى السياسية لانتخاب رئيس للجمهورية.

وبعكس المؤتمر المشترك الذي جمع عبد اللهيان ونظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، وتطرقا فيه لأجواء الاجتماع، لم يخرج عن رئاستي البرلمان والحكومة اللبنانية سوى بيانين مقتضبين عن لقاءيهما به، شبيهين من حيث المضمون، بحيث اقتصرا على العموميات، من دون ذكر أي مواقف أو تفاصيل المشاورات، مع الإشارة إلى أن الوزير الإيراني سيعقد مؤتمراً صحافياً في السفارة الإيرانية قبيل مغادرته بيروت، بعد ظهر اليوم الجمعة، متوجهاً إلى سورية.

ولم يخرج عبد اللهيان بأي مبادرة على المستوى الرئاسي، وفق ما أكده السياسيون الذين التقوه، بعكس تكراره عروض الهبة النفطية، وبناء معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية، ودعم القطاعات الحيوية، والتي لا تزال تلقى رفضاً رسمياً لبنانياً خشية من العقوبات الأميركية، في حين خرق مشهدان أساسيان الزيارات الروتينية للوزير الإيراني، الأول تمثل في توقيت الزيارة، وهي الأولى بعد التفاهم الإيراني السعودي وعودة الروابط الدبلوماسية بين البلدين، والتي يعوَّل عليها لبنانياً لتنعكس ايجاباً على الملف الرئاسي.

كذلك، برز مشهدٌ لافتٌ وغير تقليدي في هذه الزيارة لوزير خارجية إيران، تمثل بالدعوة التي وجهتها السفارة الإيرانية لـ25 نائباً من مختلف الطوائف والكتل النيابية إلى لقاء حواري في مبنى السفارة في بيروت أمس، والذي حضرته شخصيات سياسية تمثل أحزاباً لبنانية، ومنها غير حليفة لإيران، يتقدمها "الحزب التقدمي الاشتراكي" (يرأسه وليد جنبلاط)، بينما لم يكن حاضراً "حزب القوات اللبنانية" (يتزعمه سمير جعجع)، وأحزاب معارضة، وبعض النواب المستقلين والتغييريين.

لا مبادرة رئاسية

ويقول مصدر قيادي في "القوات اللبنانية"، لـ"العربي الجديد"، إن "هذا الحوار الذي أجراه عبد اللهيان ليس إلّا مشهداً مدبَّراً برسائل يريد من خلالها إظهار أن إيران لا تفرض رئيساً على لبنان، وهي على تواصل وتباحث ونقاش مفتوح مع جميع المكونات اللبنانية، في حين يعرف الجميع في لبنان أن "حزب الله"، ومعه إيران، يخطفان الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وقياديي "حزب الله" ونوابه يلوحون علناً بالفراغ في حال عدم انتخاب مرشحهم، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية".

من جهته، يقول النائب عن "كتلة التنمية والتحرير" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب محمد خواجة، لـ"العربي الجديد"، إن جزءاً كبيراً من الكتل النيابية لبّت دعوة السفارة الإيرانية، لحوار تضمن جولة نقاش عامة، وقدّم كل طرف فيه مداخلته ومواقفه بالملفات المحلية والإقليمية.

ويشير خواجة إلى أن "لا مبادرة إيرانية على المستوى الرئاسي في لبنان، لكن هناك تأكيداً من قبل وزير خارجية إيران على ضرورة أن يكون الحل للأزمة الرئاسية لبنانياً، وأنهم يدعمون أي خيار يتخذه اللبنانيون، مع العلم أن لبنان يمكنه الاستفادة من التطورات الإيجابية في المنطقة، وخصوصاً بعد توقيع الاتفاق السعودي الإيراني، الذي ساهم في تبريد الأجواء الساخنة، وعلينا كلبنانيين أن نتلقف هذه اللحظة".

ويلفت خواجة أيضاً إلى أن عبد اللهيان سبق أن قدّم، في زياراته إلى بيروت، وخلال لقاءاته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عروضاً عدة، أكد خلالها جهوزية إيران لتقديم المساعدات إلى لبنان، ودعم قطاعات حيوية فيه، على رأسها الطاقة، وكلها بشروط ميسّرة، لكن المشكلة تكمن عند مسؤولين لبنانيين خائفين من الأميركيين، في وقتٍ لم نرَ العراق أو باكستان يخشيان العقوبات الأميركية وقد قبِلا الدعم الإيراني.

وعلى صعيد التطورات في الملف الرئاسي، لا يرى خواجة أن هناك تحريكاً كبيراً له، قائلاً: "الفرنسيون ينشطون كثيراً، ويبدو أن هناك مشاورات مع الإيرانيين، الذين حملوا رسالة إلى باريس بأن لبنان يصنع رئيسه، لا نحن ولا السعودية ولا الأميركيون"، مشيراً إلى أن هناك مرشحاً متقدّماً عن البقية هو سليمان فرنجية، وظروف انتخاب الرئيس لم تجهز بعد، ولولا ذلك لكان دعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة نيابية، بانتظار أيضاً أن يصبح لدى الطرف الآخر مرشح، يتوافق عليه، لنذهب إلى الانتخاب.

تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب المعارضة، وبعض التغييريين والمستقلين، يدعمون ترشيح النائب ميشال معوض، فاتحين الباب أمام مشاورات حول شخصية أخرى تتمتع بمواصفات الإصلاح والسيادة وإنقاذ لبنان، بيد أن "حزب الله" وحلفاءه لا يعترفون بترشيح معوض، ويعتبرون خطوة دعمه فقط من باب التحدّي.

بدوره، يقول النائب عن كتلة "اللقاء الديمقراطي" (تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برلمانياً) بلال عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن عبد اللهيان كان مستمعاً أكثر من متحدث، واستمع إلى وجهات نظر النواب المشاركين، بحيث عبّر كل نائب عن موقف كتلته من مجمل الملفات.

ويلفت عبد الله إلى أن عبد اللهيان عبّر عن وجهة نظر إيران، وبالنسبة اليه، فإن العقوبات الأميركية هي العائق أمام العروض الإيرانية، فيما يرى أن العراق، الذي هو بوضع شبيه، استفاد من الدعم الكهربائي.

ويشير إلى أن وزير الخارجية الإيراني ركّز أيضاً على موضوع الاتفاق مع السعودية، الذي من شأنه أن ينعكس ايجاباً على لبنان والمنطقة، كما أكد أنه داعمٌ لما يتفق عليه اللبنانيون في الملف الرئاسي، ولم يجر البحث أو الحديث عن أي أسماء للرئاسة.

وفي مداخلته خلال اللقاء، طلب عبد الله من وزير خارجية إيران الاستراحة للبنان، فقد آن الأوان لئلا يكون ساحة صراع أو معارك، فهو بأمسّ الحاجة إلى الاستقرار، ولا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمزرية التي يمرّ بها البلد.

وأضاف عبد الله في حديثه مع "العربي الجديد": "من التأكيدات التي توقفنا عندها، هيبة الدولة وصلاحياتها وإعادة بنائها، وأن يكون على جدول رئيس الجمهورية الجديد والحكومة الجديدة الاستراتيجية الدفاعية، التي يتفق عليها بحوار داخلي، كما شددنا على أهمية التقارب السعودي الإيراني وانعكاسه الايجابي على المنطقة، خصوصاً أن لبنان لا يمكنه أن يتنفس من دون العرب ولا سيما دول الخليج".

كذلك، يقول عبد الله: "تطرقنا إلى اتفاق الطائف (أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989) كحلٍّ وحيدٍ للبنان مع تطبيقه على نار هادئة، وليس على وقع الصراعات، كما طلبنا مساعدة إيران مع النظام السوري لتسهيل عودة اللاجئين السوريين".

المساهمون