كشفت التحقيقات المستمرة مع منفذ اعتداء باريس قرب المقر السابق لمجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، اليوم الاثنين، معلومات جديدة قد تؤدي إلى تطورات متسارعة في هذه القضية، بعدما كانت معطيات التحقيق تشير إلى أن منفذ الهجوم كان قد بلغ للتو سن الـ18 وتصرف من تلقاء نفسه.
وبعد أربعة أيام من الهجوم بسكين الذي تسبب في إصابة شخصين، أصبحت هوية المنفذ أكثر دقة، فبينما قدم نفسه في البداية أنه علي حسن المولود عام 2002 في إسلام أباد، وهو الاسم الذي سجل على وثائق لجوئه الفرنسية عام 2018، عثر المحققون على صورة لبطاقة هويته الحقيقية في هاتفه المحمول تشير إلى أن اسمه الحقيقي هو زهير حسن محمود.
وتُظهر هذه الوثيقة أيضاً تاريخ ميلاد مختلف تماماً عن المعلن، إذ إنه من مواليد 25 يناير/ كانون الثاني عام 1995، وبالتالي فعمره 25 عاماً، ما يسلط الضوء على صورة مختلفة عن منفذ هجوم يبدو شاباً أكثر من كونه مراهقاً.
فرنسا بلد "الكفار"
مسلحة بهذه العناصر الجديدة، تسعى أجهزة التحقيق إلى تحديد طريق علي حسن هذا، الذي يتحدث الأوردو. ووفقاً لما نقلته صحيفة "لوموند" عن مصادر في التحقيق، كان من الممكن أن يدخل الأخير منطقة "شنغن" عبر تركيا بعد مروره بإيران، وهي طريق هجرة تقليدي نسبياً بالنسبة للمهاجرين من باكستان. ومع ذلك، تنصب التحقيقات، بالتنسيق مع أجهزة استخبارات أوروبية، حول إمكانية قضائه فترة من رحلته في بلد آخر، كسورية على سبيل المثال.
D’après le @lemondefr l’assaillant qui visait #CharlieHebdo rue Nicolas aurait finalement 25 ans.
— Officiers et Commissaires de police (@PoliceSCSI) September 28, 2020
Il se serait fait passer pour un mineur isolé.
➡️ Le système de la prise en charge des mineurs isolés souvent en fait des majeurs doit être revu. https://t.co/PyEtksTIB8
وكانت مجلة "لوبوان" قد نشرت مقطع فيديو تم استخراجه من الهاتف الخلوي لحسن محمود، يحظى باهتمام شديد لدى المحققين، وبموجب هذا الفيديو اعتقلت السلطات الفرنسية شخصين، يجرى التحقيق معهما بتهمة أنهما قد يكونان شريكين محتملين في تنفيذ الهجوم.
بحسب ما تنقل "لوموند" عن مصدر مطلع على التحقيق، تكشف ملفات الهاتف الخلوي للشاب شخصاً بمزاج متقلب، يظهر تارة مبتهجاً، يبكي ثم يرقص، ويشكو من حياته في فرنسا "بلد الكفار"، ويغني الأغاني الباكستانية التقليدية.
ومن التفاصيل التي يراها المحققون مقلقة، أن حسن محمود أشار إلى أن "مرشده" هو الملا إلياس قادري، زعيم جماعة "الدعوة الإسلامية"، وهي جماعة دينية غير سياسية ولا تتبنى العنف وذات إلهام صوفي، ومقرها باكستان.
من هم المحتجزون؟
وفق مصدر قضائي تحدث إلى وسائل إعلام فرنسية، فإن خمسة من المقربين لمنفذ الهجوم، بينهم شقيقه (16 عاماً)، لا يزالون رهن الاحتجاز، وتم تمديد فترة توقيفهم إلى اليوم الاثنين. وتقول "لوموند" إنهم أدلوا بشهادات متطابقة عن الشاب الباكستاني، فهو كان يحرص على الصلاة بانتظام لكنه لم يكن شخصاً متشدداً، وقد اعتاد بين الفينة والأخرى تدخين مخدر الحشيش.
وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت 8 أشخاص في هذه القضية، إلا أنه تم إخلاء سبيل ثلاثة من زملاء منفذ الهجوم في السكن، وقبل ذلك كان قد تم إخلاء سبيل مشتبه به ثان، اعتقل بشبهة أنه كان شريكاً لحسن محمود، وهو شاب جزائري يبلغ من العمر 33 عاماً، تمت تبرئته بعد ثبوت أنه كان يحاول مطاردة الشاب الباكستاني في المترو.
وتقول وسائل إعلام فرنسية إن المحققين لا يجدون صعوبة في استجواب زهير حسن محمود حول مجريات ما حدث، وهو أمر نادر في قضايا الإرهاب، إذ إن الشاب يتحدث بإسهاب. وكان قد أكد للمحققين أنه لا يعرف أن طاقم تحرير "شارلي إيبدو" قد انتقل عندما نفّذ هجومه، لذلك اعتقد أنه كان أمام مقر الصحيفة عندما قرر الانتقام بعد إعادة المجلة نشر رسم كاريكاتوري للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. وأوضح أن نيته الأساسية كانت إشعال النار في المبنى، حيث عثر في حقيبة كان يحملها على مواد مشتعلة، لكنه عدل عن خطته عندما رأى حركة مرور كثيفة في المكان.