تعديل قانون الانتخابات الفلسطينية.. إجراء التشريعية ثم الرئاسية وإلغاء الشروط السياسية على المرشحين
بعدما أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء أمس الإثنين، قرارا بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة، بات إصدار مرسوم رئاسي لإعلان موعد للانتخابات في فلسطين مسألة وقت، بحسب ما يروج وسط السلطة الفلسطينية.
ولم يتم نشر القانون الجديد في الجريدة الرسمية، إلا أن المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، هشام كحيل، كشف عن فحوى التعديلات بعدة محاور.
وقال كحيل لـ"العربي الجديد"، إن التعديلات كانت بمحاور ثلاثة، موضحاً أنه تم التوافق بين الأحزاب الفلسطينية على إجراء انتخابات متتالية بالبدء بانتخابات المجلس التشريعي ثم الانتقال إلى الانتخابات الرئاسية في موعد آخر لا يتيحه القانون الحالي، ليجري التعديل لإتاحة ذلك مع التأكيد، وفق النص المعدل، على أن تعتبر الانتخابات القادمة دورة واحدة رغم عدم التزامن.
وشملت التعديلات إزالة الاشتراطات السياسية على المرشحين قبل ترشحهم، حيث اشتمل القانون السابق على شرط "التزام المرشح بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبوثيقة إعلان الاستقلال وبأحكام القانون الأساسي". وأضيف هذا الشرط في العام 2007 بعد الانقسام السياسي بين حركتي "فتح" و"حماس"، حيث لم يكن هذا الشرط واردا في قانون الانتخابات العامة عام 2005 والذي أجريت الانتخابات التشريعية في العام 2006 بناء عليه. وقال كحيل إن هذا الشرط استبدل بـ"الالتزام بالقانون الأساسي الفلسطيني وقانون الانتخابات العامة".
وينص التعديل الثالث في القانون على تعديل في ترتيب المرأة داخل القوائم الانتخابية بحيث تزداد نسبة مشاركة المرأة في المجلس التشريعي لتصل إلى ما يقارب 26%.
وأكد كحيل أن تلك التعديلات متفق عليها مسبقا حين كانت لجنة الانتخابات تفاوض الفصائل والأحزاب على إجراء الانتخابات بعدة زيارات لقطاع غزة، وصيغت في مسودة تمت مراجعتها أخيرا.
وقال كحيل إن لجنة الانتخابات هي التي خاضت المفاوضات على تلك التعديلات في حينه، حيث تحفظت حركة حماس على وجود اشتراطات سياسية على المرشحين، ونقلتها اللجنة إلى الرئيس الفلسطيني الذي لم يمانع تعديلها.
وفي ما يتعلق بالتعديل المتعلق بعدم تزامن الانتخابات، قال كحيل: "فنيا لا نريد أن نحمل عملية انتخابية وفق قانون ينص على أن الانتخابات تجرى في يوم واحد بحيث يمكن لأي شخص الطعن بالعملية الانتخابية في حال لم يعدل القانون".
وأضاف: "لا يمكن أن يصدر الرئيس مرسوما وفيه خلل قانوني، لأن القانون يتيح إجراء الانتخابات على مراحل؛ يجب إصدار تعديلات القانون في البداية ثم إصدار مراسيم الانتخابات".
ويتجه الرئيس الفلسطيني لإعلان مرسوم الانتخابات قبل الـ20 من الشهر الحالي، حيث من المتوقع، بحسب كحيل، نشر القرار بالقانون المعدل غدا، الأربعاء، عند الساعة الثالثة مساء، في الجريدة الرسمية بعدد ممتاز.
ويتولى عباس إصدار القوانين وتعديلها في ظل غياب مجلس تشريعي منذ توقفه عن الاجتماع عام 2007؛ ولاحقا حله في عام 2018 بعد قرار من المحكمة الدستورية.
من جهته، يرى أستاذ النظام السياسي والكاتب جهاد حرب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تكريس التفاهمات التي جرت خلال سنتين حول النظام الانتخابي في القانون يمنح أملا بأن المرسوم المتعلق بتحديد موعد إجراء الاقتراع قد اقترب"؛ لكنه اعتبر أن تلك التعديلات لا تمنع الخلافات في قضايا أخرى مرتبطة بالعملية الانتخابية، وخاصة تهيئة بيئة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وقال حرب إن الشروط السياسية على المرشحين كانت قد وضعت في العام 2007 بعد ما جرى إثر فوز حركة حماس بالانتخابات، والتي لا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو ببرنامجها السياسي، وهو ما خلق أزمة سياسية داخلية وخارجية. وأضاف أن تراجع عباس عن هذا الشرط وقبوله بإيداع التزام المرشح بالقانون الأساسي فقط، يعني تراجع الرئيس عن مطالبه القصوى في ما يتعلق بالشروط السياسية، أي أنه في حال فوز حركة حماس أو جهة أخرى، إذا شاركت بالانتخابات، يمكن أن يكون لها برنامج سياسي مختلف، ولكن باحترام القانون الأساسي الفلسطيني الذي هو بمثابة الدستور.
واعتبر حرب أن ذلك يتيح الفرصة لأي مواطن للترشح للانتخابات القادمة وفقا لمعايير قانون الانتخابات وشروطه، معتبرا أنها شروط معقولة عندما يتم الحديث عن نظام انتخابي وفقا للقوائم على مستوى الوطن.
وأضاف حرب أن الانتخابات ليست هي الحل لمشكلة الانقسام السياسي الفلسطيني بل هي مدخل للحل، موضحا أن القانون الحالي قد يسهل الحل لأنه يتحدث عن قوائم انتخابية، بحيث لا تستطيع أي من الأحزاب الظفر أو الفوز بأغلبية المقاعد، وهو ما يتطلب منها الذهاب للحوار لتشكيل الحكومة وبالتالي الائتلاف، وخصوصا أن حوارات القاهرة تحدثت عن حكومة وحدة وطنية لتوحيد الحالة الفلسطينية.
وأضاف: "التمثيل النسبي سيجبر الأطراف على الحوار، وبالتالي هي خطوة أولى للحوارات داخل المجتمع الفلسطيني لتشكيل الحكومة، وتنازل الأطراف لصالح برامج الأطراف الأخرى".
وفي المقابل، وردا على سؤال لـ"العربي الجديد" حول إمكانية أن يؤدي هذا النظام الانتخابي لصعوبة تشكيل الحكومة كما حصل في تجارب إقليمية بسبب عدم وجود أغلبية برلمانية، قال حرب: "من الممكن، كل الاحتمالات واردة".
وكانت انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني قد أجريت في العام 2006 وفق معادلة 50% بالترشح الفردي، و50% بقوائم التمثيل النسبي، وفازت فيها حركة حماس وشكلت حكومتها دون الالتزام بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات مع الاحتلال، ولاحقا بعد الانقسام، باتت حركة حماس تحكم قطاع غزة، فيما تسيطر حركة فتح على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.