تضارب الروايات بشأن أحداث جمعة زاهدان الدامية في إيران

02 أكتوبر 2022
أعلنت السلطات الإيرانية "إحباط هجوم إرهابي" على مركز الشرطة (Getty)
+ الخط -

 

بعد يوم دام شهدته مدينة زاهدان، مركز محافظة سيستان وبلوشستان، وسط تضارب الروايات بشأن أسباب ما حصل فيها أول أمس الجمعة، أفادت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، الليلة، نقلاً عن "مصدر مطلع" بأن القوات الإيرانية "أحبطت هجوماً إرهابياً" على مركز الشرطة بمحطة قطار خنجك في مدينة زاهدان. 

وأضاف المصدر، الذي لم تكشف الوكالة عن هويته، أن "خلية إرهابية كانت تسعى للسيطرة على مخفر قطار خنجك في زاهدان، لكنها فشلت في ذلك"، مشيراً إلى أن القوات الإيرانية اشتبكت لنصف ساعة مع المسلحين "وأحبطت الهجوم ولاذ المسلحون بالفرار". 

إلى ذلك، أعلن الحرس الثوري الإيراني في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقيّ إيران أن "المواجهات مع عدد من عناصر أعمال الشغب الأخيرة في مدينة زاهدان ما زالت مستمرة في جزئها الغربي"، مشيراً إلى إصابة مواطن مساء السبت داخل المدينة ونقله إلى المستشفى.

وأضاف الحرس أن بقية أجزاء المدينة "تشهد هدوءاً وقلة الحركة"، وفق وكالة "نور نيوز" الإيرانية.  

وتحدث حاكم مدينة زاهدان، أبو ذر مهدي نخعي عن إضرام "مخربين" النار في 12 مصرفاً في المدينة، منها 8 بنوك طاولها الحريق بالكامل، وعن خسائر أخرى بسيارات إسعاف وثلاث محطات لإطفاء الحريق وإصابة 6 من العاملين فيها.

وأشار نخعي إلى مقتل أربعة من استخبارات وقوات الحرس في محافظة سيستان وبلوشستان خلال مواجهات زاهدان يوم الجمعة، من بينهم قائد استخبارات الحرس الثوري في المحافظة، العميد حميد رضا هاشمي.  

وتعيش محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية حالة احتقان منذ أيام، على خلفية أنباء عن اغتصاب شرطي فتاةً بمدينة تشابهار في المحافظة، وهو ما أثار موجة غضب، وأدى إلى مهاجمة مقار حكومية في المدينة.

وأشار نشطاء بلوتش إلى أن بعض سكان المدينة تجمعوا، الجمعة، بعد صلاة الجمعة أمام مركز الشرطة بزاهدان، للاحتجاج على هذا الحادث، فضلاً عن وفاة الشابة الإيرانية، مهسا أميني، في السادس عشر من الشهر الماضي في مستشفى في طهران، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب. 

رواية غير رسمية عن أحداث الجمعة

وجاءت تطورات السبت في مدينة زاهدان ومدن أخرى بمحافظة سيستان وبلوشستان، استمراراً لما حصل أمس الجمعة في زاهدان من مواجهات دامية، راح ضحيتها، حسب الإعلان الرسمي، 19 شخصاً، فضلاً عن إصابة 21 آخرين.

 لكن رجل الدين السُّني البارز عبد الحميد إسماعيل زهي، خطيب جمعة أهل السُّنة في مدينة زاهدان، قال السبت إن آخر التقارير تتحدث عن مقتل 40 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخر في مواجهات الجمعة. 

أما عن طبيعة هذه المواجهات، ففيما تتهم السلطات المحلية معارضين "انفصاليين وإرهابيين" بإشعالها من خلال مهاجمة مركز الشرطة رقم 16 بالقرب من مسجد مكي في مدينة زاهدان، وهو من أكبر مساجد أهل السُّنة في إيران، وذلك بعد صلاة الجمعة، قال المولوي إسماعيل زهي، السبت، في إفادة نشرت على موقعه الإعلامي إن "الكثير من وسائل الإعلام ليست مطلعة بدقة على طبيعة الحادث الدموي في يوم الجمعة بمدينة زاهدان، وثمة شائعات وتقارير متعددة قد نُشرت حول الحادث". 

وأضاف إسماعيل زهي أنه بعد صلاة الجمعة سُمع دوي إطلاق النار، تبين لاحقاً أن عدداً من الشباب الصغار في السن قد تجمعوا بعد الصلاة مقابل مركز الشرطة بالقرب من المسجد، وعدد منهم رموا الحجارة صوب المركز، قائلاً إنه حسب تقارير وصلت إليه، فإن القوات الخاصة قد استقرت داخل مركز الشرطة من قبل، وأطلقت الرصاص تجاه المحتجين من داخل المركز، ومن سطح المبنى، مع إطلاق الغاز المسيل للدموع صوب المصلى، ما أدى إلى مقتل إحدى المصليات. 

وأكمل خطيب جمعة زاهدان، قائلاً إن بعض الناس خلال عودتهم إلى البيت تعرضوا لإطلاق النار من قناصين متنكرين بزي مدني على أسطح المباني، واصفاً حادث الجمعة في زاهدان بأنه "فاجعة"، ومشيراً إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع، وانتقد ما اعتبره "سوء تدبير قوات الشرطة". 

وتساءل إسماعيل زهي عن سبب عدم استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المواطنين، مع تحميلها مسؤولية ما حدث، لافتاً إلى أنه دعا بعد الحادث المواطنين إلى الهدوء حفاظاً على أمنهم والمنطقة، على أمل أن تجري تحقيقات جادة في ذلك. 

إلا أن رئيس محافظة سيستان وبلوشستان، حسين مدرسي خياباني، قال في رواية رسمية، الليلة الماضية، إن "مجهولين انفصاليين" هاجموا مقر الشرطة رقم 16 في مدينة زاهدان بالقرب من مسجد مكي المعروف بعد صلاة الجمعة، مشيراً إلى أنهم كانوا يسعون للسيطرة على المقر. وأضاف أن "الإرهابيين أخفقوا في تحقيق هدفهم". 

إلى ذلك، تحدث المدعي العام في محافظة سيستان وبلوشستان، مهدي شمس أبادي، السبت، عن ضبط "شحنة سلاح وذخائر حربية" في المحافظة، مشيراً إلى أنها تحتوي على 90 بندقية و60 ألف طلقة، وفق ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية. 

من جهته، قال النائب عن زاهدان، البرلماني المحافظ حسينعلي شهرياري، السبت، لوكالة "إيسنا" إن المدينة "تعيش هدوءاً"، قائلاً إن السلطات تجري تحقيقات بشأن حوادث الجمعة، وستعلن النتيجة. 

والسبت، بعد أيام من تراجع حدة الاحتجاجات في عموم إيران على وفاة الشابة مهسا أميني، شهدت العديد من المدن والجامعات الإيرانية تجمعات احتجاجية، تخللت بعضها مواجهات مع الشرطة الساعية لتفريق المحتجين الذين رفعوا هتافات سياسية وشعار "امرأة وحياة وحرية". 

كذلك أعلن حاكم جزيرة "قشم" المطلة على الخليج، مجتبى أميري، وفاة أحد عناصر الأمن في الجزيرة نتيجة شدة الإصابة بعد تعرضه الأربعاء الماضي لإطلاق نار من "مسلحين مثيرين للشغب". 

وأضاف أميري أن أجهزة الأمن في قضاء قشم قبضت على "عدد كبير من العناصر والقادة الرئيسيين لأعمال الشغب الأخيرة في الجزيرة" على حد تعبيره. 

وبذلك، ارتفعت حصيلة قتلى قوات الأمن والشرطة إلى 11 شخصاً خلال الاحتجاجات الأخيرة التي خلّفت أيضاً 41 قتيلاً حسب تقرير للتلفزيون الإيراني قبل عدة أيام.

 لكن ثمة أنباء غير رسمية تشير إلى أن عدد القتلى أكثر من ذلك، إذ قالت منظمة "حقوق الإنسان في إيران"، ومقرها أوسلو، إن عدد القتلى بلغ 83 شخصاً، غير أن هذا الرقم يبقى غير رسمي ولم تعلّق عليه السلطات الإيرانية بعد.