تصاعد تهريب المخدرات من سيناء للأراضي المحتلة بتواطؤ رسمي

17 ابريل 2021
تتفاوت معدلات التهريب نتيجة الاستنفار الأمني (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

ضبط عمليات تهريب المخدرات من سيناء إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بات خبراً روتينياً على وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، نتيجة تصاعد عمليات التهريب بين الطرفين، في ظل مرور موسم حصاد المخدرات في شبه جزيرة سيناء، شرقي مصر، بينما تنجح عشرات عمليات التهريب على الحدود، لعدة أسباب متعلقة بطريقة التهريب وخبرة المهربين، وأحياناً تواطؤ موظفين رسميين في كلا الجانبين نتيجة علاقات المهربين بهم.
وحصلت "العربي الجديد" على معلومات مؤكدة من مصادر متطابقة عن زراعة المخدرات في مناطق سيطرة المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في شمال ووسط سيناء، وذلك بشكل شبه علني، استغلالاً لعدم تحرك الجيش في تلك المناطق، وكذلك تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش".

عاود المهربون نشاطهم، خلال الشهر الماضي، نتيجة حصد زراعة المخدرات

وفي التفاصيل، تكرر خلال الأيام الماضية إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي عن إفشال محاولات تهريب مخدرات من الجانب المصري إلى الجانب المحتل، وذلك ضمن عمل شبكات تهريب المخدرات المرتبطة ببعضها في مناطق النقب الفلسطينية المحتلة وسيناء. وقُدرت إحدى شحنات المخدرات التي ضبطت قبل أيام بـ 5 ملايين شيكل إسرائيلي (نحو 1.5 مليون دولار). ووفقاً للإعلان الإسرائيلي، فإن قوات الاحتلال استطاعت إحباط عمليات تهريب، فيما حاولت قوات حرس الحدود المصرية إحباط أخرى، في إشارة إلى معاودة نشاط شبكات التهريب في الآونة الأخيرة بعد هدوء استمر لأشهر طويلة، بفعل تشديد الإجراءات العسكرية في شمال سيناء، وكذلك في الجانب الإسرائيلي من الحدود، ونظراً إلى تأثير ظروف جائحة كورونا، وفق ما تؤكد مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إذ قالت إن المهربين عاودوا نشاطهم خلال الشهر الماضي، نتيجة حصد زراعة المخدرات المسماة بـ"الهيدرو".

وأضافت المصادر القبلية أن هناك حركة نشطة لعمليات التهريب من مناطق وسط سيناء، التابعة لمحافظة شمال سيناء، باتجاه مناطق الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال مجموعات بدوية تعمل على نقل المخدرات والأموال والمتسللين الراغبين في العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأشارت إلى أن عمليات التهريب تخضع لملاحقة من طرفين في الجانب المصري، هما قوات الجيش وحرس الحدود، بالإضافة إلى مجموعات تنظيم "ولاية سيناء"، إلا أن جزءاً من هؤلاء المهربين يتعاونون مع الجيش المصري في مواجهة التنظيم، وهذا من شأنه أن يساعدهم في التحرك بين كمائن الجيش المنتشرة في غالبية مناطق شمال ووسط سيناء، دون الدخول في إجراءات التفتيش والتدقيق، التي يعيشها سكان المحافظة بشكل يومي، في حين أن تنظيم "داعش" يلاحق المهربين ليس لعملهم في هذا المجال، بل بناءً على تعاونهم مع الجيش.

وتعقيباً على ذلك، قال الشيخ إبراهيم المنيعي، أحد أبرز مشايخ سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن العلاقة التي تربط المهربين ببعض العاملين في الجانب المصري ليست جديدة، بل على مدار العقود الماضية كان المهربون ينسجون علاقات مع هؤلاء العاملين في مناطق التهريب، بهدف تسهيل عملهم. وأوضح أنه منذ العام 2013 تم تغيير غالبية العاملين في مناطق شمال ووسط سيناء، وحتى الضباط أو المجندين، إذ كان من المحظور لدى قيادة الجيش نسج العلاقات مع المهربين، واعتبارهم مطلوبين للعدالة والقانون، نظراً إلى أفعالهم الإجرامية، ومع مرور السنوات أعيد بناء هذه العلاقات مع بعض العاملين الجدد، ولكن في ظروف أفضل.

ولفت المنيعي إلى أن التهريب في سيناء لا يتوقف منذ عقود، باعتبارها منطقة حدودية، إلا أن معدلات التهريب تتفاوت بين الفترة والأخرى، نتيجة الظروف المحيطة، خصوصاً الاستنفار الأمني في الجانبين المصري والإسرائيلي، أو وفقاً للأحوال الجوية. وأشار إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، أضيف عامل تنظيم "داعش"، الذي بات يعد جزءاً مهماً في المعادلة بسيناء. مع الإشارة إلى أن القوات المصرية لا تملك القدرات التكنولوجية الكافية في ملاحقة المهربين في المنطقة الحدودية كما هو الحال في الجانب الإسرائيلي من الحدود، وهذا ما يؤدي إلى وقوع اشتباكات مباشرة بين المهربين والقوات المسلحة المصرية على الحدود، بخلاف القوات الإسرائيلية التي تسيطر على المخدرات والمهربين والمركبات المستخدمة، من دون أي إطلاق نار، ما يقلل من الفعالية المصرية في مجابهة المهربين خوفاً من تعرضهم للأذى، إذ إنه في حالات كثيرة ينسحب المهربون من المنطقة دون القدرة على الإمساك بأحدهم، وهذا ما تثبته بيانات الأمن والجيش.

إبراهيم المنيعي: العلاقة التي تربط المهربين ببعض العاملين في الجانب المصري ليست جديدة

ورصد مراسل "العربي الجديد" أبرز محاولات التهريب التي تم ضبطها أخيراً وذكرت في الإعلام الإسرائيلي بشكل رسمي، والتي جاءت على النحو الآتي: في 13 فبراير/شباط الماضي وقع تبادل لإطلاق نار بين المهربين وقوات الجيش المصري على الحدود، ما أدى إلى إصابة آلية تابعة للجيش الإسرائيلي، وتعرض أحد الجنود لإصابة مباشرة. وفي 16 فبراير تم إحباط محاولة تهريب مخدرات بقيمة 2 مليون شيكل. وفي 6 مارس/آذار الماضي تم إحباط عملية تهريب مخدرات، وفي 18 مارس تم إحباط تهريب مخدرات بقيمة 1.5 مليون شيكل، وفي 24 مارس تم إحباط تهريب 200 كيلو غرام من المخدرات بقيمة تبلغ 5 ملايين شيكل. وفي 1 إبريل/نيسان الحالي تم إحباط تهريب شحنة مخدرات، وفي اليوم التالي تم إحباط تهريب 50 كيلو غرام من المخدرات بقيمة مليون شيكل. إلا أن الأمور بدأت تأخذ منحى أكثر حدة، بالإعلان عن مقتل مهرب مصري باشتباك مع الجيش الإسرائيلي على الحدود. وتجدد المشهد الإثنين قبل الماضي، بإطلاق نار إسرائيلي على سيارة مهربين ما أدى لمقتل أحدهم، وإفشال محاولة تهريب المخدرات.

المساهمون