تستمر المفاوضات في العراق بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات المحلية، التي أجريت في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على توزيع مجالس المحافظات والمناصب الرئيسة فيما بينها. وحتى صباح اليوم الاثنين، لم تحدد أي محافظة موعد الاجتماع الرسمي الأول لمجالسها.
وأدى أعضاء مجالس المحافظات العراقية (الحكومات المحلية)، أمس الأحد، اليمين الدستورية أمام القضاء إيذاناً ببدء إجراءات انعقاد الجلسة الأولى لتلك المجالس، التي ينبغي أن تسفر عن انتخاب المحافظ ونائبيه وقبلها انتخاب رئيس لمجلس المحافظة وتسمية لجان المراقبة والإشراف، إلا أن أي تفاهمات نهائية بين الكتل السياسية حول استحقاقات المناصب الرئيسة في المحافظات لم تتحقق حتى الآن، خاصة في المحافظات الغنية، مثل البصرة وبغداد، والمتنوعة طائفياً وقومياً، مثل كركوك ونينوى وديالى.
ووفق الدستور العراقي، يُفترض عقد أولى جلسات مجالس المحافظات خلال مدة لا تتجاوز 15 يوماً من المصادقة على نتائج الانتخابات، ويُنتخب خلال الجلسة الأولى رئيس المجلس ونائباه وفق الاقتراع السري المباشر، ثم يفتح باب الترشيح لمنصب المحافظ، على أن يُنتخب المحافظ الجديد خلال مدة 30 يوماً من تاريخ الجلسة الأولى.
وقال عائد الهلالي، من تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، لـ"العربي الجديد"، إنه رغم عدم التوصل لغاية الآن إلى "اتفاقات نهائية على تقسيم المحافظات ما بين القوى الفائزة"، إلا أن هناك بعض التفاهمات الأولية، لكنها "ليست نهائية".
وكشف الهلالي أن من هذه التفاهمات الأولية أن "تكون محافظات بابل وذي قار والديوانية وديالى لتحالف (نبني) بزعامة هادي العامري، وتكون من حصة تحالف (دولة القانون) كل من بغداد وواسط والمثنى، وتكون كل من محافظات النجف وميسان وذي قار من حصة تحالف (قوى الدولة)، أما محافظتا البصرة وكربلاء فلا اتفاق عليهما بسبب عدم امتلاك قوى الإطار الأغلبية المطلقة التي تمكنها من تشكيل الحكومات المحلية بمفردها".
وأضاف الهلالي أن "هذا التقسيم غير نهائي وهو قابل للتغير بأي لحظة مع استمرار الحوارات والمفاوضات، كما أن الحوارات حتى الساعة لم تصل إلى مرحلة طرح الأسماء المرشحة لمنصب المحافظين أو رؤساء المجالس وغيرها من المناصب"، مؤكداً أن "قوى الإطار التنسيقي عازم على حسم تشكيل الحكومات المحلية خلال الأسبوع الحالي، وقبل انتهاء المدة الدستورية لعقد مجالس المحافظات أولى جلساتها، التي تبقى منها أسبوع واحد فقط".
خلافات عميقة بشأن الحكومات المحلية في العراق
إلى ذلك، قال الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات عميقة بين الأطراف السياسية بشأن الحكومات المحلية، وخاصة بين قوى الإطار التنسيقي، لكنّ هناك تعتيماً لعدم إظهار هذه الخلافات في العلن".
وأضاف الحكيم أن هناك "صراع نفوذ بين القوى السياسية على مناصب المحافظين، فكل جهة تريد الاستحواذ على هذا المنصب من أجل زيادة نفوذها واستغلال هذا النفوذ لصالحها خلال المرحلة المقبلة، خاصة خلال انتخابات البرلمان المقبلة، فهي تعمل دائما على استغلال هذه المناصب للمصالح السياسية والحزبية".
وأكد الباحث أن "الصراع محتدم حالياً بين قوى الإطار التنسيقي على محافظتي البصرة وكربلاء، وهناك صعوبة في تشكيل الإطار هذه الحكومات من دون التحالف مع كتلة أخرى، لكن الصراع الأقوى هو حول من يسيطر على البصرة، وهذا الصراع بسبب الوفرة المالية الكبيرة والمنافذ وغيرها في هذه المحافظة".
وتتمتع مجالس المحافظات، التي أنشئت بعد احتلال العراق من قبل أميركا في عام 2003، بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، من دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وشهد العراق، في 18 ديسمبر الماضي، أول انتخابات محلية منذ عام 2013 في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41 بالمئة (6 ملايين عراقي من أصل 26 مليون شخص يحق لهم التصويت).