تشكيك بمبادرة الحوثيين لإنهاء الجبهات العسكرية في تعز

16 أكتوبر 2023
عرض عسكري للحوثيين (Getty)
+ الخط -

أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين مهدي المشاط، اليوم الاثنين، عن تقديم مبادرة تنهي كل الجبهات العسكرية لجميع الأطراف بمحافظة تعز، وسط تشكيك في نوايا الجماعة بشأن المحافظة.

وبحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها التي يديرها الحوثيون، أشار المشاط إلى أن هذه المبادرة تتمثل في أن تتوقف جميع الجبهات العسكرية، وتحييد محافظة تعز، وإنشاء إدارة يشارك فيها الجميع.

وجاءت المبادرة التي أعلن عنها المشاط خلال زيارته إلى الجزء من محافظة تعز الخاضع لسيطرة جماعته، إذ تحدث إلى عدد من أنصاره قائلاً إن "تعز مستهدفة لإنهاك حالة الطموح والتطلع لأبناء المحافظة المعروفة بالثقافة والإبداع، والذين لهم النصيب الأكبر في بناء هذا البلد، لكن للأسف الشديد لا يزال أبناء تعز مستهدفين في وجودهم، وهذا هو مسار من مسارات دول العدوان". وقال: "كنا متابعين لوضع المحافظة منذ اليوم الأول للعدوان، وحاولنا بكل ما أوتينا من جهود لتجنيب المحافظة الصراع، بذلنا كل الجهود، لكن للأسف الشديد قوبلت تلك المحاولات بالرفض".

وأضاف المشاط: "تعاطينا إيجاباً فيما بعد مع كل المحاولات التي طُرحت من قِبل كثير من الخيرين، وكثير من المساعي. تعاطينا إيجابيا حرصاً منا على تجنيب محافظة تعز كل ويلات الصراع، والحروب".

وأفاد بأن المتتبع لوضع المحافظة "يُدرك أن هناك استغلالا سيئا وسلبيا للوضع الموجود داخل مدينة تعز، نتيجة الإدارة السيئة وتنفيذ أجندات العدو الذي لا يأبه بالمواطن"، وقال إن "هناك حرصا شديدا من قبل العدو على بقاء الانفلات داخل المناطق الخاضعة لسيطرته، وتدمير كل ما هو متعلق بالإنسان"، على حد قوله.

وأردف المشاط: "نحن من هنا وحتى نثبت أنهم مزايدون، وأنه لا يهمهم أمر المواطن، وإنما يستغلون وضع المواطن فقط، نقدم هذه المبادرة التي تنهي جميع الجبهات العسكرية من كافة الأطراف، وتستقر المحافظة، وتتجنب الصراع، لكننا نقدم الحجة ونفضحهم أكثر".

وأكد القيادي الحوثي أن الحل هو "بالتقييم السليم والصحيح للفترة الماضية، والتسع سنوات كفيلة وكافية، وفوق الكافية، للوصول إلى نتيجة حتمية لكل من له أدنى تفكير أو حس بأنه لا حل إلا بوحدة الكلمة والموقف من الجميع".

وقال وكيل أول محافظة تعز عبد القوي المخلافي، لـ"العربي الجديد"، إن مبادرة الحوثيين "قديمة وجرى رفضها في حينه، وهي تحاول تكريس صورة مضللة عن طبيعة ما يدور في تعز، وتصويره صراعاً بين طرفين، وهو أمر يدعو إلى السخرية، لأن حقيقة وجوهر الصراع مغايران تماما، فهذه المليشيا هي من تشن حربا عدوانية على محافظة تعز، وتقتل أبناءها وترتكب المجازر بحقهم، وتحاصر السكان منذ نحو تسعة أعوام".

وأضاف: "إذا أرادت هذه المليشيا أن تجنح للسلام، فالطريق إلى ذلك لا يكون بإطلاق وممارسة الأكاذيب والمغالطات، بل عليها أن ترفع حصارها عن المدينة، وتسحب معسكراتها ومقاتليها من المناطق التي تسيطر عليها بالقوة في محافظة تعز"، مشيرا إلى أن "الظهور بين فينة وأخرى بمبادرات من هذا النوع يعكس استمرار الجماعة بمغالطاتها وأكاذيبها، وإصرارها على الاستمرار في هذا العدوان الوحشي ضد تعز، والذي لن ينتهي إلا بالقوة والحسم، وهو أمر يدركه كافة أبناء تعز ويعملون لأجله".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ويتقاسم الحوثيون والحكومة المعترف بها دوليا السيطرة على محافظة تعز، التي تعد أكبر محافظة يمنية من حيث السكان.

وكان الحوثيون قد سيطروا على معظم مديريات المحافظة مطلع العام 2015، قبل أن تنجح المقاومة الشعبية والجيش الوطني بتحرير نصف المحافظة، التي بقت أكثر الجبهات اشتعالا منذ بداية الحرب.

ويفرض الحوثيون حصارا خانقا على مدينة تعز من الجهات الشمالية والشرقية والغربية، ولا تملك المدينة إلا منفذا وحيدا يربطها بمحافظتي لحج وعدن، عبر طريق هيجة العبد من الجهة الجنوبية.

ويتقاسم محور تعز التابع لوزارة الدفاع والمقاومة الوطنية التي يرأسها العميد طارق صالح النفوذ في المناطق المحررة، حيث تتركز سيطرة المحور على الجزء المحرر من المدينة ومديريات الريف الجنوبي، فيما تفرض قوات طارق صالح سيطرتها على المديريات الساحلية التي تضم ميناء المخا ومضيق باب المندب الاستراتيجي.

وعلّق رئيس مركز يمن المستقبل للدراسات الاستراتيجية فارس البيل، لـ"العربي الجديد"، على مبادرة المشاط واصفاً إياها بأنها "نوع من المناورة الجديدة التي تجريها مليشيا الحوثي. كيف تقدم مبادرة مِمَّن يحاصر المدينة ذاتها ويدعو لتحييدها في الصراع؟"، مضيفا: "المؤكد أن المليشيا تشعر أن هناك تطورات في تعز خلال الفترة الأخيرة ليست في صالحها، وبالتالي هي حريصة على أن تبقي سيطرتها على منافذ تعز وإبقائها في حالة الحصار، لأنها تدرك أن تعز إذا فُتحت أبوابها فهي أبواب النار للمليشيا، وستفتح على أثرها كل الجهة الجنوبية لحرب الحوثيين، ومن ثم تنحسر المليشيا من هذه المحافظات تباعاً".

وأضاف البيل: "لا أتصور أنه من المهم أخذ مثل ما يسمى بالمبادرة على محمل الجد ولا الحقيقة، لأنها خالية، ولا تصدر من ذي قيمة، لكن تمكن قراءة مثل هذا التحرك على أنه مزايدة ومناورة من المليشيا لتظهر بمظهر الحريص مع جهود المفاوضات التي تجرى الآن، ولتخلط الأوراق والضغوط وتوزع الشروط والتوازنات في لعبة مكشوفة".

وبرأيه، فإن ما طرحه المشاط "يشير إلى قلق الحوثيين من أي تغير في جبهة تعز لا يكون في صالحها عسكرياً وسياسياً، وفي كل الأحوال، تعز هي الكابوس المرعب الذي تحرص مليشيا الحوثي على ألا ينفجر في وجهها".

المساهمون